إنجاز يتخطى الإعجاز. هذا أقلّ ما يقال عمّا حققه النجمة في ختام الدوري اللبناني لكرة القدم بتتويجه بطلاً بعد انتظارٍ دام 10 أعوام.ما مرّ به هذا النادي الشعبي العريق منذ مطلع الموسم الحالي، لم يترك يوماً انطباعاً بأنه سيكون قادراً على التتويج باللقب للمرة التاسعة في تاريخه، لكنه فجأةً صدم الجميع ووقف على منصة التتويج.
قبل انطلاق الموسم، شكّك كثيرون بقدرة النجماويين على المنافسة حتى، وازدادت هذه الشكوك بعدما بدا أن أجانب الفريق ليسوا مناسبين له، فكان القرار باستبدالهم لاحقاً، وبأجانب علت الانتقادات تجاههم أيضاً.
هذه المشكلة الفنية تقاطعت مع واحدة أخرى تمثّلت بفقدان الجمهور الثقة بالمدرب البرتغالي باولو مينيزيس الذي قاد “النبيذي” الى لقبَي كأس لبنان والكأس السوبر، فكان الافتراق والسؤال عن بديلٍ مناسب، ما خلق مجدداً حالة عدم استقرار وقلقاً أكبر وشكوكاً أوسع، فبات لسان حال البعض: العهد سيحتفظ باللقب أو الأنصار سيتوّج به لا محالة.
معجزة جونية
لكن النجمة مع المدير الفني الجديد الصربي دراغان يوفانوفيتش ومساعده القائد السابق عباس عطوي، تبدّل كثيراً، وأرسى أسساً جديدة، فنسي الجمهور مسألة الأجانب وارتفعت ثقتهم تدريجياً بنجوم الفريق المحليين الذين هزموا العهد، ومن ثم الأنصار في المباراة الأخيرة والحاسمة، ليتوّجوا باللقب عن جدارة واستحقاق.
هي معجزة كما وصفها البعض في الملعب خلال ليلة الاحتفالات الطويلة. لكن بلا شك هي مكافأة لفريق صبور ومقاتل، إذ إن كرة القدم تكافئ كل مجتهد، وهي بنظر الكثيرين أرادت أن تدور في فلك الإدارة، واللاعبين، والمدربين، والجمهور الكبير، فأعلنت النجمة بطلاً للبنان.
شكّك كثيرون بقدرة النجمة على الوقوف بين المنافسين، لكن النتيجة كانت صادمة لهم
بالفعل ما حصل في جونية كان أكبر من إنجاز، وما حصل خلال الموسم مع البطل الجديد للدوري اللبناني كان أشبه بالإعجاز، إذ مقابل العدد القليل من الأشخاص الذين آمنوا به، حضر التشكيك عند الأكثرية الساحقة، لكن النهاية كانت احتفالات مع عددٍ أكبر بكثير من كل هؤلاء.
صبر اللاعبين ربما جاء من خلال صبر الجمهور الذي انتظر عقداً من الزمن من أجل رؤية فريقه بطلاً، إذ إن قصة النجمة ليست قصة فوز بالكؤوس، بل هي قصة حبّ فيها النكسات وبعدها الاحتفالات.
هذه المسألة شهدتها كرة القدم اللبنانية خلال الأعوام العشرة الأخيرة، حيث فشل النجمة مراراً بالتتويج بلقب الدوري، لكن شعار شعبه بقي دائماً: قاتلوا لأجلها.
ولهذا السبب كانت الروح القتالية أبرز الأسرار النجماوية التي حملت في نهاية المطاف الكأس الى المنارة، أي الى ذاك الملعب الذي عرف الكثير من الأحداث خلال الأعوام الأخيرة، والكثير من الخيبات منها كان خروج نجوم كبار منه لأسباب أصبحت معروفة بالنسبة الى جمهوره الذي لقي التعويض في رئيسٍ يحمل إيماناً كبيراً بفريقه ويثق به، فردّ عليه نجومه بقتالٍ حتى الرمق الأخير، ليقولوا إن المستحيل ليس نجماوياً.
اللاعبون ردّوا الجميل
إدارة آمنت وصبرت على انتقادات وتشكيكٍ بأدائها، لكنها وفت بوعودها وبسرعة قياسية فحصدت اللقب الأغلى رغم كل الصعاب والعقبات.
بطبيعة الحال، المهم بالنسبة إليها أن النادي أنهى 10 أعوام من الانتظار، فتوّج نفسه بطلاً بسيناريو أشبه بالأفلام بعدما تمكن من التفوّق على غريمه التقليدي الأنصار في المباراة الأخيرة والحاسمة، وهو الذي سقط أمامه 4 مرات هذا الموسم، 3 منها في الدوري والأخرى في الكأس.
فعلاً، المعجزات لا تزال موجودة في عالم كرة القدم، والتقت مع مجهود رجال النجمة الذين قطفوا ثمار ما قدّموه بسبب إيمان كل واحدٍ منهم بنفسه أوّلاً، وبزميله ثانياً، متسلّحين بدعوات جمهورهم الغائب عن المدرجات والحاضر في كل مكان على الأراضي اللبنانية كافةً، وامتداداً الى بلاد المهجر.
نجوم النجمة لعبوا للشعار وكأنها المباراة الأخيرة بمسيرة كل واحد منهم مع الفريق البطل، لتكون النتيجة هدفاً في الدقائق القاتلة، حرم الأنصار من لقبه الـ 15 ومنح النجمة وصافة اللائحة الذهبية بالتساوي مع العهد بـ 9 ألقاب.
هو سيناريو استثنائي بكل المعايير لموسمٍ استثنائي طويل ومرهق للجميع، عرف نهايةً هيتشكوكية وأعاد نجمة لبنان لتلمع على عرش كرة القدم اللبنانية.