شكّل المهرجان الذي أقامه حزب البعث العربي الاشتراكي في بلدة الخيارة البقاعية محطة للتأكيد على الحضور الكبير للحزب شعبيا على إمتداد لبنان، حيث انطلقت الحافلات منذ ساعات الفجر الأولى من بيروت والجنوب وجبل لبنان بكل أقضيته وطرابلس وعكار، وكان إرتكاز الحشد الأساسي على فرعي البقاع الأوسط والغربي الذي شكل حضورهم مفاجأة كبيرة وكذلك الأمر فرع البقاع الشمالي، حيث إحتشدوا في ساحة المهرجان التي غصت بالوافدين ما إضطر قسم كبير منهم للبقاء خارج الساحة الكبرى التي كانت مخصصة للحشود القادمة للمشاركة، وبحسب تقديرات الدفاع المدني تجاوزت أعداد الحشود في المهرجان العشرة آلاف شخص.
وفي ترجمة عملية للجهود التي بذلها أمين عام حزب البعث في لبنان علي حجازي جاء المهرجان الذي حمل عنوان “صامد يا بعث صامد”، ليؤكد على صمود وثبات حزب البعث في إجتياز أصعب المراحل وأقساها منذ العام 2005 في لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما تعرضت له سوريا وصولا الى الحرب الكونية على أراضيها، فأطل البعث في مهرجان تأسيسه السابع والسبعين متألقاً من قلب البقاع الغربي، بخطاب أمينه العام الذي تحدث بلغة الواثق والمنتصر بفضل انتصار سوريا وجيشها بقيادة الرئيس بشار الأسد التي كانت ترفع له القبضات وتعلو الهتافات عند كل تحية له خلال المهرجان.
مهرجان البعث كان بمثابة نقطة دفع لحلفاء سوريا في لبنان الذين وقفوا الى جانب سوريا في زمن الحرب الإرهابية التي إستهدفتها، وها هم اليوم يؤكدون أن محور المقاومة إنتصر في سوريا وها هو ينتصر في فلسطين بفعل صمود وانجازات المقاومة، وبظل ما يقوم به محور المقاومة من اليمن الى العراق وسوريا وصولا الى جنوب لبنان، حيث الكلمة الفصل للميدان وللمقاومة بمحورها الذي يصنع الانجازات والانتصارات.
إذا قال البعث كلمته في مهرجانه البقاعي الحاشد ما شكل رسالة سياسية للقاصي والداني بأن حقبة ما بعد العام 2005 ولت الى غير رجعة، وبأن زمن توجيه الاتهامات الى سوريا وقيادتها انتهى وكما قال امين عام البعث في كلمته خلال المهرجان نحن نُحاصِر ولا نُحاصَر وحاضرون لخدمة الناس، مؤكداً أن “سوريا هي العمق الاستراتيجي للبنان وهذه المعادلة ثابتة ومصلحتنا بالعلاقة الطيبة مع سوريا وليس القطيعة شبه الرسمية، وبانه لا يوجد مكان مقفل وكل الجدران المصطنعة سقطت الى غير رجعة”.
وكانت فلسطين الحاضر الأبرز في كلمة حجازي الذي وجه التحية اليها والى شعبها ومقاومتها التي غيرت المعادلات من خلال عملية 7 أكتوبر والتي اثبتت ان العين تقاوم المخرز والانتصار حليف إرادة الشعوب وليس صحيحاً بأننا عاجزون عن مواجهة الكيان الغاصب، فالمقاومة نجحت رغم كل الحصار والظروف الصعبة في ايلام العدو وفي ترسيخ معادلة ان هذا الكيان الى زوال، وألا هوية الا هوية الشعب الفلسطيني”.
وأكد حجازي على عدم قبول المقاومة بأي اتفاق لا يتضمن وقف اطلاق دائم للنار وفك الحصار عن قطاع غزة وبث ملف اعادة الاعمار وعودة اهالي شمالي قطاع غزة الى مناطقهم، كما وجه حجازي التحية الى ابطال اليمن الذين ورغم كل ما عانوه كانوا شركاء حقيقيين في الانجاز التاريخي العظيم في تاريخ الصراع مع “إسرائيل”.
كما حيا حجازي ايران والمقاومة العراقية على جهودها ودعمها واسنادها للمقاومة في فلسطين، وتوجه بالتحية الى المقاومة في لبنان بكافة اجنحتها المقاتلة، وبالطبع التحية الى سيد المقاومة السيد حسن نصرالله والى سوريا وجيشها العظيم، مشيرا الى ان كل ما تعرضت له سوريا والمقاومة هدفه اسقاط قلاع المقاومة في الأمة”.
ورد حجازي على من يهاجمون المقاومة ورجالها ويبدون دعمهم للمقاومة اذا نجحت بتحرير تل ابيب بالقول:”عندما تحرر عقلك من الماضي الكريه، ماضي الاجرام عندها يمكنك ان توجه النصائح، ونحن نعرف ان هناك من هو منحاز الى جانب الكيان الصهيوني ويدعو الى ضرب المقاومة في لبنان، لكن في أي حرب مقبلة مع لبنان ستكون المعركة الكبرى وزوال هذا الكيان”.
وعلى مستوى رئاسة الجمهورية أشار حجازي الى ان “مزيد من التشدد بمواصفات شخص رئيس الجمهورية بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين، فنحن لا نريد رئيسا يطعن او يأتمر بأوامر اميركية، بل نريد رئيساّ ذا خلفية وطنية وعروبية وعندما نجمع هذه المواصفات يكون الاسم سليمان فرنجية، كذلك غمز حجازي من قناة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي لا يجري إتصالاً بسوريا، سائلاً ماذا انتجت “حكومات التكنوقراط” وما هو مفهوم بالوسط فهل يعني أن يقف محتاراً كيف يرضي السفارات، مشيرا الى أن الدعوة الى الحوار التي قدمها الرئيس نبيه بري هي الأساس لأي حل بعيداً عن أي إملاءات خارجية، وتوجه الى من يراهنون على الظروف لانتاج الحلول بأن المستقبل القادم لنا ونحن من نصنع مستقبل الأمة”.
وإذ أشار حجازي الى ضرورة دعم القطاع الرسمي والجامعة الرسمية والمستشفى الحكومي وتأمين رواتب القطاع العام والجيش اللبناني والقوى الامنية ومتابعة جريمة العصر المتمثلة بسرقة أموال الناس في المصارف، توجه حجازي الى من إستفاق على موضوع النازحين السوريين مؤكداً أن تحديد المناطق الامنة والإشراف عليها يتم من قبل الدولة السورية، والبعض يمكنه ان يتحدث عن ادلب حيث يدفع المجتمع الدولي الاموال، وشدد حجازي على أن ملف النازحين لا يقارب بحقد وكراهية من مجرم سفاح اسمه سمير جعجع، وما يطرحه هو مشروع مشكل وفتنة، والحل هو من خلال مناقشة مسار الامور مع دمشق وعبر اقفال الجمعيات والدكاكين التي تتاجر بمعاناة السوريين، فنحن مع دولة وحكومة لا يلتزمون بمفاعيل قانون قيصر الذي يخنق السوريين ويدفع بهم للنزوح من بلادهم”.
إذا هي مقاربة سياسية شاملة على مختلف المستويات قدمها أمين عام حزب البعث في كلمته والتي تعبر عن موقف سوريا وحلفائها في لبنان والتي تم التعبير عنه في الكلمات التي القيت لا سيما من قبل الوزير محمود قماطي الذي تحدث بإسم المقاومة فتناول مختلف القضايا المحلية والإقليمية، لا سيما على الصعيد الفلسطيني بظل عدوان غزة المستمر وموقف قوى محور المقاومة، وكذلك عبر كلمة النائب حسن مراد الذي أكد على الثوابت الوطنية والقومية، فجاء مهرجان البعث بمثابة توجيه للبوصلة السياسية والقومية والعروبية نحو دمشق التي تشكل العمق الاستراتيجي للبنان.