حمدان: أيّ هجوم على رفح هو توسيع لمساحة المجازر
أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان أنّ رد الاحتلال الإسرائيلي على ورقة المقاومة يؤكد أنه غير جاد في التوصل إلى صفقة تبادل، ولفت إلى أن احتفاء الاحتلال بالوصول إلى أسيرين، حسب روايته، محاولة لرفع المعنويات في كيانه، مشددًا على أن القول الفصل في رواية العدو الإسرائيلي بشأن الأسيرين سيكون للمقاومة، ومشيرًا إلى أن توسيع العدو لعملياته لتشمل رفح محاولة لفرض التهجير القسري.
وفي مؤتمره الصحفي الذي عقده في بيروت مواكبةً لتطورات العدوان الصهيوني المتواصل ضد قطاع غزة، قال حمدان: “إنَّ استمرار هذه الحرب النازية يضع كل المشاركين والداعمين لها وكل المتخاذلين والصامتين والمتقاعسين عن إدانتها وتجريمها ووقفها، أمام مسؤولية سياسية وإنسانية وأخلاقية تاريخية، يتحمّلون تداعياتها وتبعاتها القانونية التي لن تسقط بالتقادم، وستبقى وصمة عار تلاحقهم على مرّ التاريخ”.
وأضاف: “نخوض محادثات صعبة في مسارات متعدّدة، ونتعاطى بكل مسؤولية مع كل المبادرات والمساعي التي تلبّي طموحات وتطلّعات أهلنا في قطاع غزَّة، من أجل وقف العدوان، وإنهاء الحصار، وتحقيق الإغاثة والإعمار وتحرير الأسرى في سجون العدو”.
ووجه حمدان تحية فخر واعتزاز “لأهلنا في قطاع غزَّة الذين يواصلون تحدّي ومجابهة حرب الإبادة الجماعية والتجويع والتعطيش، بمزيد من الصبر والمصابرة والرّباط والتضحية والإصرار على التمسّك بالأرض والثوابت والمقدسات”.
وتابع حمدان: “مجرم الحرب نتنياهو يتوعّد بملاحقة المدنيين إلى مدينة رفح التي بلغ عدد من فيها قرابة 1.4 مليون، بعد أن تحوّلت إلى مركز نزوح هائل من مختلف مناطق قطاع غزة، تكدّسوا في المدارس والطرقات والمناطق المفتوحة في أوضاع مزرية، ويتعرضون منذ أيام لقصف وحشي خلف العشرات من الشهداء، رغم ادّعاء الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية أنَّ رفح منطقة آمنة”.
وأردف حمدان: “بعد 12 يومًا من متابعة من يمتلك ضميرًا إنسانيًا، يتم الكشف عن استشهاد الطفلة هند، مع أربعة من أفراد عائلتها، بينهم قريبتها الطفلة ليان، برصاص جيش الاحتلال الفاشي”، مؤكدًا “أنَّ هذه الجريمة المركّبة التي يستهدف فيها جيش الاحتلال، المجرّد من أدنى معايير الإنسانية؛ أطفالاً وطواقم طبية تمارس عملها الذي كفله لها القانون الدولي والإنساني؛ لهي وصمة عار لن يمحوها الزمن”.
وتابع القيادي في حماس: “لقد أُضيفت هند وليان، إلى أكثر من 12 ألف طفل من الشهداء، قتلهم جيش الاحتلال عن سبقِ إصرارٍ، وبدم بارد، في جرائم وحشية فاقت الوصف، ولم يعرف لها التاريخ الحديث مثيلًا، دون أن يجد المجرم الإرهابي، من يردعه”، مضيفًا: “يواصل جيش الاحتلال الإرهابي حصاره لمجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس، وينشر قناصته حوله، ويستهدف المرضى والطواقم الطبية، في جريمة حرب مستمرة بحق ما تبقى من القطاع الطبي”.
وأدان حمدان في مؤتمره الصحفي “بأشد العبارات ما تعرض ويتعرض له مدير مستشفى الشفاء الطبيب محمد أبو سلمية من قمع وتعذيب وتكسير يديه وتعمّد إهانته وإجباره على المشي على أطرافه، كل ذلك بسبب رفضه رغم كل الضغط والتعذيب تسجيل فيديو يتهم المقاومة باستخدام مستشفى الشفاء كمقرّ عسكري”.
وجدّد حمدان الدعوة إلى “المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية خصوصًا منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتحمّل مسؤولياتهم الإنسانية والقانونية والأخلاقية، والتدخل الفوري لحماية المستشفى ومرافقه، من الاستهداف الممنهج له”.
وحول الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، قال حمدان: “يواصل جيش الاحتلال جرائمه النازية ضد أهلنا في الضفة المحتلة حيث وصل عدد الشهداء منذ بدء العدوان إلى أكثر من 405 شهداء معظمهم في عمليات إعدام ميداني وآلاف الجرحى والمصابين، ويمارس ضدّهم أبشع الجرائم عبر تدمير المنازل ومحتوياتها وإقامة مئات الحواجز وإغلاق الطرق والاعتداء على المارين فيها”.
وأشار إلى أن “الاحتلال النازي يواصل انتهاكاته بحق الأسرى في سجونه، حيث نقل المفرج عنهم شهادات عن أهوال مروّعة حول ما يتعرَّض له الأسرى والأسيرات من تعذيب نفسي وجسدي، وإهانات وانتهاكات خطيرة، وقد استشهد عدد منهم تحت التعذيب، كان آخرهم الشهيد محمد الصبار، الذي ارتقى نتيجة التعذيب والإهمال الطبي”.
ولفت حمدان إلى أن اعتداءات المستوطنين على أهل الضفة تتصاعد “من خلال قطع الطرق والاستيلاء على الأراضي، كما تستمر مخططات الاحتلال في تهويد الأرض ومصادرتها؛ حيث أقام المستوطنون بحماية جيش الاحتلال في الأيام الأخيرة بؤرة استيطانية جديدة على أراضي بلدة تقوع في بيت لحم جنوب الضفة المحتلة، في انتهاك صارخ لكل القوانين والقرارات الأممية”.
وحول جهود الوساطة لتبادل الأسرى ووقف العدوان، قال حمدان: “خلال لقاء وفد الحركة في القاهرة مع الوسطاء الإخوة المصريين والقطريين، تمَّ مناقشة رد الحركة على مقترح باريس، وكان تقدير الإخوة المصريين والقطريين بأنَّ ردَّ الحركة إيجابي، ويفتح مجالاً للوصول إلى اتفاق”.
وأوضح حمدان أن حماس اطلعت “على ردّ الاحتلال على اقتراح باريس الذي شارك فيه ممثلوه ووافقوا عليه”، مضيفًا: “نرى أنَّ ردَّ الاحتلال فيه تراجع عن مقترح باريس نفسه، ويضع شروطًا وعقبات لا تساعد في التوصل لاتفاق يحقق وقف العدوان على شعبنا”.
وتابع: “رد الاحتلال على مقترح باريس لا يضمن أيضًا حرية حركة السكان وعودة النازحين إلى بيوتهم وأماكن سكنهم، وانسحاب جيش الاحتلال من كامل أراضي قطاع غزة، وعدم تجاوب الاحتلال مع ضرورة فتح المعابر وحرية حركة المسافرين والجرحى، كما أن ما عرضه الاحتلال من معادلات لتبادل الأسرى تؤكّد أنَّه غير جاد في التوصل لصفقة تبادل”.
وأردف القيادي في حماس “سلوك نتنياهو ومواقفه تؤكّد أنَّه مستمرٌ في سياسة المراوغة والمماطلة وغير معني بالوصول لاتفاق ويحاول إطالة أمد الحرب وكسب الوقت لحسابات شخصية تتعلق بمستقبله السياسي”.
وأكد حمدان “أنَّ حركة حماس متمسكة بموقفها، وكانت وما زالت حريصة على الوصول لاتفاق يحقق وقف العدوان على شعبنا وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة وإغاثة شعبنا وعودة السكان إلى مناطقهم، وإعادة الإعمار وفك الحصار عن قطاع غزَّة وإنجاز تبادل الأسرى”.
ولفت حمدان إلى أن “المجرم النازي نتنياهو بإعلانه نيته تدمير ما سماه كتائب حماس في رفح فإنه مستمرٌّ في سياسة الهروب من الواقع والكذب على جمهوره، فيتحدّث كأنَّ جيشه المهزوم المكسور قد نجح في تفكيك المقاومة في باقي مناطق قطاع غزة، فيما الحقيقة التي يشاهدها العالم أجمع أنَّه لا يزال عالقًا في شوارع خان يونس ينزف يوميًا قتلى وجرحى، ويسحب آلياتٍ مدمّرة”.
وأشار حمدان إلى أن ضربات المقاومة مستمرة في محافظتي غزة والشمال في استهداف جيش الاحتلال، مؤكدًا أن “ما يقوله رئيس أركان جيش العدو عن تعقيد معركة خان يونس وما يواجهه جيشه من تحدّيات يؤكّد أنَّ المقاومة في جميع المناطق التي تحرّك فيها جيش الاحتلال ما زالت قائمة وفعالة، وتقوم بدورها”.
واعتبر القيادي في حماس أن “مهاجمة رفح المكتظة بالنازحين خطوة إجرامية، لن تكون مدفوعةً إلا بِغاياتِ نتنياهو الشخصية التي يسعى من خلالها إلى النجاة بنفسه والهروب من استحقاقات أي وقفٍ للعدوان، عبر الإيغال أكثر وأكثر في دماء المدنيين من شعبنا الفلسطيني”، مشيرًا إلى أن “حكومة نتنياهو الإرهابية وجيشه النازي يضربون بعرض الحائط قرارات محكمة العدل الدولية التي صدرت قبل أسبوعين… ويؤكد سلوك حكومة الاحتلال توفر النية المسبقة والقصد المتعمد في ارتكاب جريمة إبادة جماعية”.
وحمّل حمدان الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي جو بايدن شخصيًا “كامل المسؤولية مع حكومة الاحتلال عن هذه المجزرة، بسبب الضوء الأخضر الذي أعطوه لنتنياهو أمس، وما يوفرونه له من دعم مفتوح بالمال والسلاح والغطاء السياسي لمواصلة حرب الإبادة والمجازر”.
ودعا حمدان “جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس الأمن الدولي إلى التحرك العاجل والجاد، للحيلولة دون ارتكاب الاحتلال لجرائم إبادة جماعية في مدينة رفح، وإلى لجم العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة، ودعم حقّ شعبنا المشروع في الحرية والتخلّص من الاحتلال”.
وأكد أن مزاعم الاحتلال بالوصول إلى أسيرين صهيونيين في مخيم الشابورة برفح وتحريرهما وتسويقه كإنجاز لجيشه المهزوم محاولة مفضوحة لرفع الروح المعنوية المنهارة لجيش الاحتلال وجنوده، في ظل الفشل الكبير في تحقيق أي من أهدافهم.
وتابع حمدان: “ومع انتظار رواية المقاومة حول الحادثة، فهي مصدر المعلومة الموثقة، نشير إلى أنَّ هناك روايات صحفية ميدانية تذهب إلى أنَّ الأسيرين لم يكونا بحوزة حركة حماس، وإنما بحوزة عائلة مدنية، ما يشكّك في مصداقية رواية الاحتلال، ويؤكّد سعيه لتضخيم الحدث بحثًا عن إنجاز مفقود في مواجهة المقاومة، ولذا نؤكد أن القول الفصل هو ما ستعلن عنه المقاومة”.
وأضاف حمدان: “بعد أكثر من أربعة أشهر متواصلة يصرح جيش الاحتلال بأنَّ 134 أسيرًا لا يزالون بحوزة كتائب القسام، وهذا بحد ذاته إنجاز للمقاومة”، مشيرًا إلى “أنَّ المبالغة في تصوير العملية ونتائجها، دليل إرباك لدى حكومة الاحتلال الصهيوني التي تحاول تسجيل أي إنجاز وتضخيمه أمام الرأي العام الصهيوني الناقم على قيادته السياسية وفشلها في تحقيق الأهداف التي أعلنتها ما أدى إلى تكبيد الكيان خسائر متعدّدة”.
ودعا القيادي في حماس محكمة العدل الدولية إلى “توثيق هذه الجرائم والمجازر والانتهاكات الفظيعة التي تواصلت منذ قرارها، وطاولت كل مقوّمات الحياة الإنسانية في قطاع غزَّة، والعمل على اعتماد قرار بوقف هذه الحرب واتخاذ كافة الإجراءات لوقف هذه الجرائم المروّعة ضد شعبنا”.
وأضاف: “نثمّن ونقدّر عاليًا كل المواقف العربية والإسلامية والدولية الرّافضة والمندّدة باستمرار العدوان والجرائم الصهيونية في قطاع غزَّة والضفة الغربية المحتلة، وبمخططات الاحتلال في تهجير شعبنا واحتلال أرضه”، داعيًا إلى “استمرار هذه المواقف وتصعيدها والضغط بكل الوسائل على الإدارة الأمريكية لتوقف دعمها لهذا الكيان”.
وفي ختام مؤتمره الصحفي، أشاد حمدان بـ “جهود وتضحيات الإخوة الأشقاء المقاومين والمجاهدين في لبنان واليمن والعراق الذين يشاركون شعبنا الفلسطيني ملحمة طوفان الأقصى”، مضيفًا: “نحيّي ونبارك جهادهم وبطولاتهم ومواقفهم، ونترحّم على شهدائهم، ونحمّل الإدارة الأمريكية مسؤولية تداعيات ونتائج التصعيد في المنطقة التي لن تعرف استقرارًا إلاّ بوقف كامل للعدوان الصهيوني عن قطاع غزَّة”.