الأمين محمود عبد الخالق ثقل الفراغ البارد
ستة أعوام على فقدك وكأنه البارحة. الوجع هو نفسه والحسرة لا تنضب، لكن الأمل الذي زرعته فينا نحن عائلتك الصغيرة في الوطن والمغترب منذ نعومة اظافرنا يحيى فينا كل يوم. الأمل بنهضة جديدة للأمة التي مزقتها الحروب وضربتها الفتن وتسلط عليها العدو.
هذا الأمل هو نفسه الذي تسلحت به مع رفاقك خلال اقسى ايام الحصار والاحتلال في بيروت لتعيدوا نهضة الأمة وتسطرون تاريخا جديدا لها مع دحر الاحتلال عن بيروت والجبل والبقاع والجنوب وهزيمة مشروعه الداخلي الأكثر خطورة.
فبمثلك تنهض الأمم وتتحرر، وبهذه النهضة يقوم جيل مقاومة جديد اليوم بضرب الاحتلال في فلسطين ليقول بأن الاحتلال والهزيمة ليسا قدرا، طالما وجدت الارادة والعزة وطالما تشبثت الاجيال بقضيتها تماما كما حصل في لبناننا خلال حصار بيروت وكل ما تلاه من تاريخ، حاضرومستقبل مجيد.
الأمل هذا توازيه حرقة على ما بُني من نهضة في حزبنا الحبيب الذي تشظى تيارات وهو الذي استعصى على المحتل وعلى داء الطائفية، إلا أن الفتن ضربته من الداخل حتى بات اسير التمزق بعد كل التضحيات التي قدمها في الشام بدءا من لبنان مرورا بالفتنة السورية وليس انتهاء بفلسطين نفسها.
نسأل انفسنا اليوم: هل كان لهذه الفتن ان تضرب حزبنا لو كنت ما زلت على قيد الحياة؟ وكيف كنت لتواجه التمزق بحكمتك وقيادتك التاريخية وانت من انت الذي قارعت التنين ومنعت هيمنته على حزبنا؟ ثم هل الأمل موجود بالوحدة من جديد؟ وعلى يد من: القيادات نفسها أم بجيل جديد يبعث نهضة ليس من سبيل سواها؟
هي أسئلة لا أملك اجوبة عليها، انا الذي عايشت بعض مراحلك النضالية بحلوها ومرّها، بهزائمها ثم بانتصاراتها، لكن كلني ثقة بأن وحدة القوميين ستعود يوما ربما على يد اجيال جديدة تتخلى عن انانيتها وحبها للسلطة لصالح الحزب الذي اعطانا جميعا العزة لا بل سبب الحياة ومعناها.
بات لزاما على القوميين جميعا لم الشمل مهما كانت الخلافات واعادة الوحدة الى الحزب الذي انتصر بهذه الوحدة خلال الحرب وها هو يتشظى في زمن السلم. رأفة بحزبنا وكرامة له، اعيدوا التقارب اولا، واشرعوا بحوار بناء وصادق ثانيا، واعملوا على الوحدة في الموقف ثالثا، ثم توحدوا تنظيميا لكي نعيد ضرب المثل الحي على فرادة حزبنا وقدرته على الانتصار كما في كل التحديات من حروب وطائفية وفتن واغتيالات بأدوات خارجية وداخلية.
إنه نداء الى كل الحريصين والمؤمنين بنهضتنا وبفرادة المؤسس الزعيم انطون سعادة، كما بالقضية الأولى لجيلنا: قضية فلسطين. فهل ستلقى هذه الدعوة آذانا صاغية؟ وهل يلبي القوميون النداء؟
بقلم: رائد محمود عبد الخالق
بيروت في: 2024/1/22