بالفعل يمثّل منتخب لبنان حالةً خاصّة، إذ إنه يجمع أبناء المغتربين الذين قاموا بتلبية النداء الوطني لمساعدة البلاد التي نشؤوا على أخبارها التي نقلها إليهم أجدادهم أو آباؤهم.
لحود هو أحدهم، فهذا الشاب العشريني كان قد استعرض جواز سفره اللبناني عبر وسائل التواصل الاجتماعي فور حصوله عليه في السفارة اللبنانية في المكسيك. خطوةٌ أشاد بها كثيرون لأنها أظهرت شغفاً لديه تجاه لبنان، وهو أمر انعكس حتى على أرض الملعب عبر روحه القتالية وحيويته الدائمة التي تشيع جوّاً مميّزاً بين زملائه حتى أصبح أحد اللاعبين المحبّبين ضمن المجموعة.
ويروي لحود لـ «الأخبار» قصته مع لبنانيّته ومع المنتخب الوطني، إذ يقول: «كنت سعيداً جداً عندما تمّ استدعائي إلى المنتخب منذ حوالى السنة. هذه الدعوة كانت بمنزلة الحلم بالنسبة إليّ لأن جدّي الذي توفي كان حريصاً على تعريفي على الثقافة اللبنانية، وطلب مني عدم تفويت فرصة اللعب لمنتخب لبنان إذا جاءتني دعوة منه يوماً. لذا أستطيع القول إنّني سعيد لتحقيق أمنيته، ويشرّفني تمثيل المنتخب اللبناني».
ولا يخفي لحود رغبته في أن يلعب شقيقه الأصغر رودريغو إلى جانبه بألوان لبنان على شاكلة الأخوين فيليكس وأليكس ملكي، «كذلك هناك لاعبون آخرون لبنانيون يمكنهم الانضمام إلينا وينشطون في المكسيك، أمثال الحارس جبران لحود (لا صلة قرابة بينهما)، والمدافع الشاب بدرو بو ديب».
العودة إلى الأصول
إذاً من الولايات المتحدة (سوني سعد) مروراً بكندا (غابريال بيطار) والمكسيك (لحود) ووصولاً إلى بلدان أفريقيا (مهدي خليل ووليد شور)، وأوروبا (باسل جرادي وعمر شعبان وغيرهما) وحتى أوستراليا (يحيى الهندي)، استطاع المنتخب أن يصل إلى بلدانٍ بعيدة ليحرّك الجانب العاطفي عند المهاجرين الذين تركوا البلاد لتأمين حياةٍ أفضل، ولكنهم لم ينسوا أبداً أصولهم فعادوا ليعوّضوا على الوطن عبر أبنائهم الذين تعلّموا حبه منهم حتى من دون أن يعيشوا في ربوعه.
هذا الحب يظهر عبر تفاعلهم مع كل ما يمكن أن يعزّز قوة المنتخب، إذ إنّ لاعباً مثل جهاد أيوب مثلاً لم يتوانَ عن التواصل مع لاعبٍ لبناني الأصل في فنزويلا يعمل على استعادة جنسيته من أجل إخباره عن مدى أهمية اللعب للبنان وحثّه على المجيء في أقرب وقتٍ ممكن.
أما سوني سعد الذي لعب لمنتخباتٍ في الفئات العمرية في الولايات المتحدة، فقد التقى مع أيوب عند هذه النقطة، قائلاً: «اللعب للمنتخب اللبناني فتح أبواباً كثيرة بالنسبة إليّ للتواجد في مناسباتٍ مهمة مثل تصفيات كأس العالم وفي بطولاتٍ كبيرة مثل كأس آسيا حالياً. هذا الأمر ليس بسيطاً أبداً، ففي رأيي من أبرز النجاحات التي يحققها اللاعب في مسيرته هي اللعب للمنتخب الوطني. لذا أنصح أي لاعب لديه جنسية لبنانية أن ينضمّ إلينا لينقل خبرته لدعم لبنان».
جانب عاطفي
وبالتأكيد لا يرتبط الموضوع بالجانب الفني فقط، إذ هناك جانب عاطفي جمع هؤلاء اللاعبين تحت علم ونشيد واحدَين، حفظ بعضهم كلماته وآخرون ألحانه، إذ كانت الكلمات صعبةً عليهم، فهم لم يتردّدوا في قطع آلاف الكيلومترات في كثير من المرات للدفاع عن ألوان لبنان، وذلك انطلاقاً من تعلّق آبائهم بالوطن الأم الذي تركوه مرغمين.
وفي هذا الإطار يقول اللاعب محمد علي الدهيني المولود في السويد: «بصراحة هي فرصة لا تفوّت، لا بل فرصة جميلة لأنك إذا لم تعش يوماً في لبنان ستعوّض هذا الأمر عبر المشاعر التي تنتابك عند ارتداء قميصه وتحقيق الانتصارات باسمه». وتابع: «هذه المسألة هي مفخرة شخصية للاعب ولأهله الذين زرعوا حبّ الوطن في نفسه منذ نعومة أظفاره».
بطبيعة الحال، المغتربون الموجودون حالياً ليسوا الأخيرين الذين سينضمّون إلى منتخب لبنان، فهذا الملف سيبقى مفتوحاً دائماً لاستقطاب المزيد منهم، وخصوصاً الشبان على صورة جاكسون خوري (وُلد في أوستراليا ويلعب في الولايات المتحدة)، وليوناردو شاهين (السويد)، اللذين كانا قد سجّلا ظهورهما الأول باللون الأحمر في المعسكر الذي أُقيم أخيراً في طرابلس.