نزاع برِّي – باسيل: تصفية الحساب في جزين؟
في صيدا - جزين تكتمل معالم «الحرب الشاملة» بين بري وباسيل
لا يُتوقع أن تكون الجولة الانتخابية الجنوبية الثانية للوزير جبران باسيل الى قرى الزهراني غداً أقلّ حدّة من زيارته الأولى لمرجعيون وبنت جبيل في الخامس عشر من الشهر الحالي. تتزامن الزيارة مع المهرجان المركزي لحركة «أمل» في صور. تزامنٌ غيرُ بريء يخدم شدّ العصب «الباسيلي» على بقعة إنتخابية، النتائجُ محسومةٌ فيها سلفاً.
في زيارته الاولى للجنوب خاطب باسيل، من رميش، «المحرومين» في قرى بلدات مرجعيون وبنت جبيل المسيحية مؤكداً أنّ «من غير المنطقي أن يكون 70 ألف مسيحي في الجنوب ولا يستطيعون اختيارَ نائب واحد عنهم بل يتمّ الاختيار عنهم»، سائلاً مَن يعنيهم الأمر «هل تريدون للناس أن يتمثّلوا أو يُذلوا؟ تختارون عنهم مَن لا يمثلهم، وتختارون أناساً لا يأخذون 5 في المئة منهم». معركة مؤجّلة تطغى عليها كبرى المعارك بين الرئيس نبيه بري وباسيل على أرض جزين.
أحدَث كلام باسيل عن «مكافأة رميش بالتهديد بلقمة عيشها إذا قامت بخيارها السياسي الحرّ»، صدعاً إضافياً في العلاقة مع الثنائي الشيعي. حًسَم رئيس «التيار» أنه سيكون هناك «فائزون في لائحتنا». لكنّ الكلام الانتخابي تدحضه الوقائع على رغم من التحالف الانتخابي مع تيار «المستقبل» و»الجماعة الاسلامية».
شادي مسعد، إبن مرجعيون، مرشح «التيار البرتقالي» عن المقعد الأرثوذكسي على لائحة «الجنوب يستحق» في دائرة الجنوب الثالثة (بنت جبيل النبطية مرجعيون حاصبيا) صاحب حيثية مسيحية واسعة في منطقته. «بروفيل» تعرفه الأرض واهل البلدة، لكن الأرقام والديموغرافيا يلعبان ضده، خصوصاً أنه يخوض معركة قاسية في وجه مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان.
وسط مدّ شيعي يصل الى 360990 ناخباً و28600 سنّي في مقابل بلوك مسيحي يصل الى 42 الف ناخب (23739 مارونياً، 11035 أرثوذوكسياً، 8111 كاثوليكياً) تبدو المعركة غير متكافئة.
زاد في الطين بلّة طلب «القوات»، وبدلاً من «توحيد البندقية» الانتخابية، دعم فادي سلامة عن المقعد الأرثوذكسي على لائحة «شبعنا حكي» غير المكتملة عبر الطلب الى المحازبين تجيير الأصوات التفضيلية له. أما وليد جنبلاط فكان خياره المشاركة في رفع الحاصل الانتخابي للائحة «صديقه» بري عبر التصويت لأنور الخليل على لائحة «الأمل والوفاء».
إندفاع «القوات» في مرجعيون لا تجد أثراً له في دائرة صور- الزهراني حيث أعلنت مقاطعتها للانتخابات. يبدو الأمر بمثابة دعم غير مباشر للائحة رئيس مجلس النواب في وقت تخوض لائحة «معاً نحو التغيير» معركة إثبات وجود و«أرقام» في مواجهة «محدلة» بري. 242243 ناخباً شيعياً يقابلهم 34689 مسيحياً (20285 كاثوليكياً، 13596 مارونياً، 858 أرثوذكسياً)!
هنا أعلن باسيل دعمَه للمرشح عن المقعد الكاثوليكي وسام نبيه الحاج، من مغدوشة، الذي يخوض معركته في مواجهة النائب ميشال موسى بعدما عزف رئيس «التيار» عن ترشيح أحد كوادره الحزبية الناشطة في الزهراني وقرى صيدا بسام نصرالله. لا إمكانية عملانية هنا لتسجيل هدف مسيحي في مرمى «الاستاذ» حتى لو تخلّت «القوات» عن مقاطعتها على رغم الحيثية «العونية» في المنطقة.
هكذا وفيما تنشغل حركة «أمل» بمهرجانها المركزي غداً في صور في حضور بري يجول باسيل في قرى الزهراني وصيدا المسيحية التي كان خصّها في كانون الاول من العام المنصرم بزيارة مماثلة.
لكن في صيدا – جزين تكتمل معالم «الحرب الشاملة» بين بري وباسيل. ليس موجبات قانون الانتخاب التي تلعب وحدها ضد «التيار» هنا. فللمرة الأولى مرّة يقف «حزب الله»، بمخزون أصواته، الى جانب حليفه بري بعكس إستحقاق 2009 والفرعية حيث ساهم في «تنجيح» نواب «التيار» الثلاثة، ومن ثمّ النائب أمل أبو زيد. حتّى حين تحالف «حزب الله» مع «التيار» في دوائر أخرى، كما في بعبدا وبيروت الثانية والبقاع الغربي، حصل ذلك بالتحالف التام مع عين التينة.
أربع لوائح تتنافس في صيدا جزين فيما لن يُكتب للائحة «القوات» و»الكتائب» تأمينها الحاصل الانتخابي. ستنحسر المبارزة بين لائحة «أمل»-«حزب الله»-أسامة سعد-ابراهيم عازار، ولائحة «التيار الوطني الحر» وعبد الرحمن البرزي و»الجماعة الإسلامية»، ولائحة النائب بهية الحريري.
يبلغ عدد الناخبين الشيعة في الدائرة 18240 ناخباً من أصل عدد الناخبين الاجمالي البالغ (120760)، ويتوقع إقتراع نحو 70 الف منهم، مع العلم أنّ نسبة الاقتراع الإجمالي عام 2009 وصلت الى 61%، ولا شئ يدلّ على أنها قد تكون أقل في هذه الدورة بالنظر الى حماوة المعركة. أما عدد الناخبين السنّة فيبلغ 53400 ناخب ينال تيار «المستقبل» الغالبية العظمى منهم (يتوقع إقتراع نحو 35 الفاً).
في صيدا يبلغ عدد الناخبين الشيعة 5600 ناخب وفي جزين 12620 ناخباً، وهذا ما يجعل منهم قوّة مرجّحة، في مقابل «بلوك» مسيحي يبلغ نحو 47700 ناخب (37214 ماروني و10489 كاثوليكي)، ويُتوقع أن يشارك أكثر من نصفهم في الاقتراع.
ابراهيم عازار مرشح بري عن المقعد الماروني، ووارث مقعد والده سمير عازار، تتوافر له أسبابٌ موجبة أكبر للفوز مقارنة بالسابق. كل لائحة من اللوائح الثلاث تستطيع تأمين حاصل إنتخابي وتنافس على الثاني. وفق تقديرات خبراء إنتخابيين ستنحسر حصة «التيار» الى نائب واحد من أصل ثلاثة، فيما ستتمكّن لائحة الثنائي الشيعي الضامنة لفوز أسامة سعد تأمين حاصلٍ ثانٍ قد يُدخل عازار الندوة البرلمانية.
يستطيع عازار بقوته الذاتية تجيير 4 آلاف صوت لمصلحته، ومع صبّ نحو 7 أو 8 آلاف صوت شيعي يضمن الحاصل الثاني على اللائحة لمصلحته. أما النائب بهية الحريري فتصوّب على المقعد الكاثوليكي عبر مرشحها روبير خوري.
هذا تماماً ما يفسّر تبنّي النائب زياد اسود على صفحته على «تويتر» شعار «je suis Ziad بس هويه il suit Berry»، داعياً الجزّينيين «للتصويت بكثافة لأنّ عدم التصويت هو إعدامٌ رمياً بالرصاص للهوية الجزّينية»!
مشكلة اسود الحقيقية قبل أن تكون مع عازار أو أدمون رزق هي مع «زميله» على اللائحة أمل ابو زيد حيث لا يتوانى عن «قصفه» «تويترياً»، تماماً كما يفعل في اللقاءات الانتخابية، متسائلاً «عمّن يحمي المرشحين الذين لا يملكون مطاحن المال وعقلاً فاسداً ومنصّات إعلامية في معارك غير متكافئة تحت سقف القانون»، مشيراً الى «الفكر السياسي المحصور بكارت تشريج»!!
الحرب المزمنة بين أسود وأبو زيد تُفخّخ اللائحة من الداخل وتهدّد «التيار» بخسارة مقعدَين في إحدى مناطق نفوذه، والأهمّ فتح الطريق أمام عودة بري الى دائرة أُخرج منها عام 2009، بعدما شغل الراحل سمير عازار المقعد منذ 1992.
ملاك عقيل – الجمهورية