مرشح “القومي” في المتن… مفاجأة!
التيار الوطني الحرّ يفضّل أن يكون عبّود مرشح "القومي" على لائحته في المتن... وليس غريباً أن يتمنى حليف على حليفه تفضيل مرشح على آخر كما حصل مع ألبير منصور في بعلبك ـ الهرمل
لم يتوصّل الحزب السوري القومي الاجتماعي بعد إلى قرار حاسم بشأن تسمية مرشّحه للانتخابات النيابية في دائرة المتن.
وإذا كانت بعض تحالفات “القومي” في دوائر أخرى لم تظهر بعد بشكل نهائي، ولا تزال تحتاج إلى المزيد من الوقت ليظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فإنّ التحالف في المتن شبه محسوم مع التيار الوطني الحرّ وحزب الطاشناق وربما أيضاً مع النائب ميشال المرّ.
وليس فقط التحالف الآنف الذكر شبه محسوم، بل بات المقعد أيضاً محسوماً، إذ يقتضي أن يكون المرشح القومي مارونياً، لأنّ المقعد الكاثوليكي على اللائحة هو لمرشح التيار الوطني الحر إدي معلوف، والمقعدان الأرثوذكسيان محسومان أيضاً الأوّل لمرشح التيار الوزير السابق الياس بو صعب، والثاني للنائب ميشال المرّ مع العلم أنّ هناك معلومات تفيد بأنّ التحالف مع “أبو الياس” ليس مُيسَّراً، وأنّ التيار يفضّل إبقاء تحالفه مع النائب غسان مخيبر. وبطبيعة الحال المقعد الأرمني هو لحزب الطاشناق ومرشحه النائب أغوب بقرادونيان.
وفي ما خصّ المقاعد المارونية الأربعة فإنّ التيار الوطني الحرّ حسم ترشيح اثنين من الحزبيّين هما النائبان ابراهيم كنعان ونبيل نقولا الذي تقدّم بترشيحه الخميس بناء لطلب من رئيس التيار الوزير جبران باسيل.
بقي مقعدان مارونيان، واحد منهما خاضع للمداولات لاختيار المرشح الأنسب الذي يمكن أن يضيف إلى اللائحة لا أن يأخذ منها، والثاني هو للمرشح القومي المنتظَر…
آخر المعلومات تفيد بأنّ المجلس الأعلى لـ”القومي” سيعقد اجتماعاً جديداً السبت لمتابعة النقاش في المقعد المتني، في ظلّ معطى جديد يتمثل بإعلان العميد في الحزب قيصر عبيد سحب ترشيحه، ليبقى في الميدان الوزير السابق فادي عبّود وعضو المجلس الأعلى النائب السابق أنطون خليل الذي يعتبر أنه من غير الجائز أن يعود المجلس الأعلى إلى البحث من جديد في أسماء لم تحصل في اجتماعات سابقة على الغالبية المطلوبة من أصوات أعضاء المجلس، وهذا يشمل خليل شخصياً ويشمل أيضاً الوزير عبّود، وهشام الخوري حنا، طالما أنّ عبيد أعلن انسحابه.
ما يريده خليل هو قطع الطريق أمام عبّود، حتى لو كلّفه ذلك عدم ترشيحه هو أيضاً، والانتقال إلى البحث في أسماء جديدة بدأ فعلياً التداول في بعضها، مثل الرئيس الأسبق للحزب يوسف الأشقر الذي لا يزال يتأنّى في اتخاذ القرار مع العلم أنه لا يحبّذ فكرة ترشّحه نظراً إلى تقدّمه في السنّ (84 عاماً). كما طُرح اسم الرئيس العالمي السابق للجامعة اللبنانية الثقافية بيتر الأشقر الذي أجاب سائليه بأنه غير راغب بالترشح للانتخابات النيابية في هذه الظروف. على أنّ اللافت للنظر كان طرح اسم الدكتور ميلاد السبعلي الذي استبعده الحزب في انتخابات العام 2009 لمصلحة النائب السابق غسان الأشقر، وأدّى الأمر لاحقاً إلى طرده من صفوف الحزب وانتقاله إلى التنظيم الحزبي الآخر الذي يرأسه وزير المصالحة الوطنية في سورية الدكتور علي حيدر، غير أنّ العلاقة معه عادت واصطلحت مؤخراً، وشارك إلى جانب الوزير حيدر في أكثر من لقاء حواري للبحث في إمكانية تحقيق الوحدة الجزبية، لا سيما في اللقاءات التي عُقدت في السفارة السورية برعاية السفير علي عبد الكريم علي، وحضرها من جانب الحزب رئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان وعضو المجلس الأعلى الوزير علي قانصو يوم كان رئيساً للحزب. وكذلك حضر السبعلي المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحزب حنا الناشف الأسبوع الماضي وخُصّص للإعلان عن مرشحي الحزب للانتخابات النيابية.
أما الجدير بالاهتمام فهو المعلومات القائلة بأنّ آخر لقاء بين قيادتي “القومي” و”الوطني الحرّ” جرى خلاله الحديث عن شبه حسم بأنّ مرشح “القومي” سيكون الوزير عبّود، وذلك لأكثر من سبب، أوّلها أنّه قادر على استقطاب أصوات إضافية من خارج القاعدة الشعبية لـ”القومي”، استناداً إلى حيثيته الاقتصادية أوّلاً، المتنية خاصة واللبنانية عامة، حيث تولّى رئاسة تجمّع صناعيّي المتن الشمالي لسنوات طويلة، ثم انتخب رئيساً لجمعية الصناعيين اللبنانيين أيضاً لسنوات طويلة، وصولاً إلى الحيثية السياسية التي كوّنها بعدما سمّاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزيراً للسياحة في العام 2009 في حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى، ثم في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية عام 2011، حيث سجّل أداء وزارياً مميّزاً بشهادة خصومه قبل مؤيديه.
وإذا كان البعض يأخذ عليه أنه عضو في تكتل التغيير والإصلاح، وبالتالي لا يجوز أن يكون مرشحاً عن الحزب القومي، فإنّ هذا المأخذ في الحسابات الانتخابية، بعيداً عن العواطف أو النكايات، يُسجَّل لصالحه وليس ضدّه، ذلك أنّ لدى التيار الوطني الحر مشكلة فعلية في أن يكون المرشح القومي على اللائحة المتنية غير الوزير عبّود، وهذا ما يقوله العونيون صراحة، والسبب هو أنّ الأصوات التفضيلية للقوميين والمناصرين ستصبّ حصراً لمرشح الحزب، بينما سيكون التيار مضطراً لتوزيع أصواته التفضيلية على أربعة مرشحين (كنعان ونقولا وبو صعب ومعلوف)، بما يعني أنّ هناك احتمالاً أن يسبق المرشح القومي أحد مرشحي التيار، ولن تكون هذه مشكلة إذا كان المرشح القومي هو الوزير عبّود الذي يعتبره العونيون مثلما يعتبره القوميون واحداً منهم.
وليس غريباً أن يتمنّى حليف على حليفه تفضيل مرشح على آخر لكي يكون على اللائحة التحالفية، وهذا تماماً ما حصل في دائرة بعلبك ـ الهرمل حين تمنّى حزب الله على الحزب القومي أن يتبنّى ترشيح صديق الطرفين الوزير والنائب السابق د. أليير منصور عن المقعد الكاثوليكي بدلاً من النائب القومي د. مروان فارس الذي أعلن عزوفه عن الترشيح. وهذا ما يمكن أن ينسحب على ترشيح الوزير عبّود مع فارق مهمّ جداً هو أنّ منصور صديق للحزب أما عبّود فهو حزبي منذ سبعينات القرن الماضي.
كلّ هذه المعطيات تبقى برسم المعنيّين باتخاذ القرار في المؤسسات الحزبية التي أثبتت خلال مناقشة الترشيحات وإقرارها في دوائر أخرى، أنها تضطلع بمسؤولياتها على أكمل وجه، وتقيس المصلحة الحزبية بدقة فائقة، والأمل أن ينسحب ذلك على دائرة المتن، لأنّ القوميين ومناصريهم توّاقون لاستعادة مقعدهم النيابي، ولا يجوز أن تصدمهم مفاجأة من نوع اتخاذ قرار بعدم الترشح في المتن…!