الدواعش العائدون إلى أميركا يثيرون المخاوف
محاكمة العائدين ليست حلاً للمشكلة لأنهم سيعودون إلى الشوارع بعد بضع سنوات
تساءل آندرو إيغر، محرر لدى مجلة “ويكلي ستاندرد” الأميركية، عن كيفية التعامل مع متطرفين أميركيين التحقوا بتنظيم “داعش” وحاربوا في صفوفه، عند عودتهم إلى أميركا.
وتناول إيغر في بداية مقاله حكاية شاب أميركي عرف باسم “مو” قرر أنه لم يعد يطيق الحياة في أميركا، فكانت وجهته المنطقة التي سيطر عليها “داعش” في سوريا والعراق. وفي بداية الأمر، قال إنه رغب بالهجرة إلى المملكة العربية السعودية للدراسة في جامعة المدينة، ولكنه لم يستطع الوصول إلى وجهته. من ثم أقنعته بروباغندا مضللة بأن “دولة الخلافة” تمثل مجتمعاً إسلامياً فاضلاً يستطيع فيه أن يكوّن أسرته. وهكذا استقل في عام 2014، طائرة نقلته إلى إسطنبول ومن هناك انضم إلى “داعش”.
إيديولوجية معادية
ويشير كاتب المقال إلى المتاعب التي سببها النهج العسكري المتشدد الذي طبقه “داعش” بالنسبة للغرب، حيث يعود اليوم أبناؤه الضالون إلى أوطانهم، حاملين معهم إيديولوجيات متطرفة ومعادية لمجتمعاتهم. ويعتبر مو واحداً من 64 أمريكياً ممن سافروا، ما بين 2015-2011، إلى الشرق الأوسط بهدف الالتحاق بتنظيمات متشددة ( وعاد منهم 12 فرداً إلى الولايات المتحدة).
موضع نقاش
ويقول إيغر إن هؤلاء المتطرفين الـ 64، أصبحوا موضع نقاش، وذلك ضمن برنامج تديره جامعة جورج واشنطن حول التطرف، ويقوم على دراسة دقيقة لأساليب عيشهم وولاءاتهم ودوافعهم.
ويشير كاتب المقال لبروز حقائق سريعة من خلال تلك الدراسة. فقد تبين أن 89٪ من الجهاديين الأميركيين في سوريا والعراق هم من الذكور. كما ظهر أن معدل أعمارهم عندما غادروا الأراضي الأميركية كان 27 عاماً. وينتمي هؤلاء إلى 16 ولاية أميركية، مع تركيز أكبر على القادمين من مينوسيا – ما بين 2013 إلى 2017، عندما حاول ما لا يقل عن 17 مقيماً السفر عبر طائرات، ونجح سبعة في مغادرة الأراضي الأميركية. وقد غرق أكثر من ثلث هؤلاء أثناء سفرهم بالبحر، وما زال 44 منهم أحراراً. وعاد 5٪ من هؤلاء المتشددين إلى أميركا، دون أن توجه لهم تهم.
ثلاث فئات
ويقسم معدو الدراسة أولئك المتطرفين إلى ثلاث فئات. وتضم الفئة الأولى ما يطلق عليهم وصف “الرواد”، وهم أميركيون ذوو علاقات وثيقة بمجموعات متطرفة (وغالباً ما كانت لهم خبرة عسكرية سابقة)، والتحقوا بتنظيمات مثل “داعش”، وترقوا إلى مناصب قيادية. وقد تحول هؤلاء لما يشبه منارات دعائية بالنسبة لسواهم من الأميركيين.
وأما الفئة الثانية، وهي الأكبر، فتتكون من أفراد أسر أو أصدقاء لمتطرفين ممن اعتمدوا على علاقات شخصية لتسهيل رحلاتهم خارج البلاد. وقد سافر أولئك الهاربون على شكل مجموعات لضمان تمكن بعضهم، على الأقل، من الإفلات من أجهزة الشرطة والأمن، ومن ثم المغادرة.
وأخيراً، كان هناك المسافرون المنفردون مثل مو، ممن شكلوا حالات نادرة لأشخاص استطاعوا السفر بمفردهم دون الحصول على دعم أحد سوى أصدقاء عبر النت.
عملية معقدة
ولكن، بحسب كاتب المقال، تأتي القوة الحقيقية للدراسة لا من خلال تعميمها، بل عبر قصص محددة ترويها. فقد ورد في الدراسة أن “التطرف عملية معقدة، وما ينطبق على حالة شخص ما، قد لا ينطبق على حالة ثانية”. ولذا كانت بعض الحالات كما توقعها خبراء: مسلمون أمريكيون ساخطون، ولربما فقراء، ومستاؤون من مجتمع اعتبروه لا أخلاقي، وظنوا بأن حياتهم ستكون أفضل في ظل داعش أو أمثاله”.
إشادة
ويشيد كتاب الدراسة بقوانين أمريكية فرضت لمنع سفر من لديهم نية للالتحاق بجماعات متطرفة. ولكن هؤلاء يحذرون أيضاً من أن محاكمة هؤلاء العائدين ليست حلاً للمشكلة، لأنهم سيعودون إلى الشوارع بعد بضع سنوات. كما، حتى قبل إطلاق سراحهم، يستطيع سجناء متطرفون إنشاء خلايا جديدة مع زملاء لهم داخل السجن.
لذا يشير كتاب الدراسة إلى وجوب تطبيق برامج التدخل للمساهمة في إعادة دمج متشددين في المجتمع، ولربما بمساعدة من عائدين تخلوا عن تطرفهم.