عقيدة الجيش اللبناني.. و”سراب الدعم الأميركي”
بقلم: يوسف الصايغ

ليس سراً حجم الضغط الأميركي على مؤسسة الجيش اللبناني لا سيما بعد الحرب الأخيرة التي شهدها لبنان، وليس سرأ أيضا لائحة المطالب الأميركية التي تريد تحويل الجيش اللبناني من جيش يتولى حفظ السيادة الوطنية، الى قوة صدام داخلي ومواجهة مع جزء من النسيج اللبناني، وليس سرأ أيضا رهان إسرائيل ومعها بعض الداخل اللبناني على الولايات المتحدة للدفع بالجيش نحو تطبيق قرار حصر السلاح بالقوة، خدمة لأجنداتهم السياسية من جهة وتنفيذا للرغبة الإسرائيلية من جهة ثانية.
وإنطلاقاً من هذه الحقائق يصبح من الطبيعي أن تلغى زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل الى الولايات المتحدة الاميركية، لأنها لن تصب في خانة تحقيق أي من الأهداف المرسومة لها أميركياً، خصوصا في ما يتعلق بإعلان موقف يؤيد السياسة الاميركية في لبنان وتحديداً في ما يتعلق بمسألة سلاح المقاومة، حيث تريد واشنطن من الجيش أن يتولى هذه المهمة ولو كان ذلك يؤدي على حساب الأمن والاستقرار الداخلي.
وبات واضحا ان قرار الغاء زيارة العماد هيكل الى الولايات المتحدة جاء بعد سلسلة إنتقادات أميركية للجيش اللبناني، حيث تم اتهامه بالبطء في تنفيذ خطة حصر السلاح وهذا أمر غير صحيح، خصوصا وان قائد الجيش شرح أمام مجلس الوزراء في الاجتماع الذي خصص قبل أسابيع لمناقشة بند السلاح، وحدّد الخطوات التي يقوم بها الجيش اللبناني في سياق هذه الخطة، مؤكدا ان استمرار الاحتلال الاسرائيلي هوالذي يعرقل استكمال خطة الجيش اللبناني، وهذا ما لا يستسيغه الاميركي والاسرائيلي، بل يحبط رهانهم على الجيش اللبناني كأداة للعبث بالسلم الأهلي في لبنان.
ولعل أكثر ما يزعج الأميركي ومن خلفه الإسرائيلي أن الجيش اللبناني يقوم بدوره وينفذ خطة حصر السلاح بكل حكمة وهدوء بعيداً عن الضجيج الإعلامي والتهويل السياسي الي يمارس محليا وفي الخارج، ويبقى هناك سبب اخر يكمن خلف “الحنق الأميركي” من مؤسسة الشرف والتضحية والوفاء، وهو بيان الجيش الأخير والذي حمّل فيه الاحتلال مسؤولية إطلاق النار على قوات حفظ السلام اليونيفيل في جنوب لبنان.
فهذا الموقف الواضح والثابت للجيش وقائده في تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة كان كفيلا بأن يوصل الرسالة بأن الجيش اللبناني لن يكون الا صمام آمان للبنان واللبنانيين، ويرفض أن يكون شاهد زور على ما تتعرض له القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، فالجيش اللبناني يمتلك عقيدة قتالية تجعله قادرا على تحديد العدو من الصديق، وهو جيش كل لبنان وليس مشروعا للإستثمار الأمني وفق كلام السيناتور الأميركي ليندسي غراهام.
وانطلاقا من هذا الدور لن يكون الجيش الا صمام آمان وطني، يقوم بواجبه في حفظ السيادة الوطنية بوجه الأطماع الاسرائيلية، ومن هنا يمكن أن نفهم الموقف الاميركي الرافض تسليح الجيش اللبناني بالسلاح النوعي القادر على تغيير موازين القوى.
فعقيدة الجيش اللبناني كفيلة بكشف حقيقة الدعم الأميركي للجيش اللبناني الذي يبقى مجرد سراب وذر للرماد في العيون، في ظل الموقف الحازم للجيش قيادة وضباطا وأفراد، وأي زيارة يقوم بها قائد الجيش اللبناني الى الولايات المتحدة الأميركية اليوم أو بعد عقد من الزمن لن تتخطى إطارها الشكلي، في ظل الموقف الثابت والواضح للجيش اللبناني وقائده، وعنوانه العريض أن “إسرائيل عدو للبنان تحتل أراضيه وتنتهك سيادته ليل نهار”.




