اخبار عربية ودولية

ازدواجيّة السياسات السعوديّة بين الداخل والخارج

الرياض – مراسلون

شهدت المملكة العربيّة السعوديّة خلال السنوات العشر الأخيرة تحوّلات لافتة أثارت جدلًا واسعًا فی الأوساط السیاسیة والدینیة، بین من یراها مسارًا إصلاحیًا جدیدًا، ومن یصفها بأنها ازدواجیة تجمع بین سکولاریة داخلیة متسارعة واستمرار الدعم غیر المباشر لتیارات تکفیریة فی الخارج.

تحوّلات داخلیة تحت عنوان “رؤية 2030”

وفق متابعة مراسلونا، تتجه السیاسات الداخلیة للریاض نحو تقلیص ملحوظ لدور المؤسسة الدینیة التقلیدیة، وتوسّع غیر مسبوق فی مظاهر الترفیه والأنشطة الفنیة.

ومن أبرز التطورات المسجّلة داخل المملكة:

* توسّع الحفلات الموسیقیة والمهرجانات الفنیة منذ 2017 فی الریاض وجدة.
* تخفیف القیود الاجتماعیة المتعلقة بالحجاب والاختلاط والقوانین الإعلامیة ذات الطابع الدینی.
* مشروع مدینة نیوم الذی یقدّم نموذجًا لحیاة اجتماعیة تختلف عن الأطر التقلیدیة للمجتمع السعودی.
* تراجع نفوذ المؤسسة الوهابیة لصالح منظومة ثقافیة وإعلامیة تُدار بشكل مباشر من قبل ولی العهد.

مراقبون دینیون فی المنطقة اعتبروا هذه التطورات “تفکیکًا للهویة الدینیة” ومحاولة لإعادة تشکیل صورة مملکة “منفتحة” بما یتلاءم مع النموذج الغربی.

دور خارجی مثیر للجدل: استمرار دعم الشبکات التکفیریة

فی مقابل التحوّل الاجتماعی الداخلی، تواصل تقاریر أممیة وغربیة الإشارة إلى استمرار تدفّق الدعم غیر المباشر من مؤسسات سعودیة لجماعات تکفیریة فی مناطق عدّة، بینها الیمن وسوریا وأفریقیا.

وتؤکد هذه التقاریر على:

* دعم جمعیات سعودیة لجهات مسلحة ذات طابع تکفیری بین 2019 و2024.
* استمرار نشاط مدارس دینیة سعودیة فی باکستان والصومال والسودان تُدرّس مناهج وهابیة.
* استخدام الخطاب المذهبی فی الصراعات الإقلیمیة خصوصًا فی مواجهة ایران وفی إدارة النفوذ على بعض دول الخلیج ومصر والأردن.

ازدواجيّة تثير التساؤلات

وبحسب محللین سیاسیین، فإن الجمع بین سکولاریة الداخل ودعم التشدد فی الخارج یشکّل “استراتیجیة مزدوجة” تهدف إلى:

* إحکام السيطرة الداخلیة عبر تحیید القوى الدینیة.
* توظیف الجماعات المتشددة فی الخارج للحفاظ على نفوذ إقلیمی وموازنة القوى فی المنطقة بما یصبّ فی مصلحة التحالف مع واشنطن.

یظهر من متابعة التطورات أن السعودیة تعمل على تقدیم صورتین متوازیتین:
صورة تقدمیة منفتحة للغرب، وأخرى تقوم على إدارة تیارات تکفیریة فی المنطقة لضمان النفوذ الإقلیمی.

ویؤکد المراقبون أن هذا الازدواج یندرج ضمن استراتیجیة أوسع للحفاظ على بقاء النفوذ السیاسی للأسرة الحاکمة فی ظل متغیرات إقلیمیة ودولیة متسارعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى