
قد تمرُّ كلمةُ تأسيسٍ بقراءةٍ عاديةٍ عابرةٍ كصفةٍ لذكرى حدثٍ ما هنا أو حدثٍ ما هناك، إلا أنّها تأخذ مكانةً فوق عاديةٍ، وتتخطّى كلَّ عبورٍ عندما يتبعها جملةُ الحزب السوري القومي الاجتماعي، فتصبح كلمةُ التأسيس نفيرَ يقظةٍ من وعيٍ، وإعلانَ بعثٍ من حياةٍ، وسِمةَ فكرٍ إنسانيٍّ من أَنسنةٍ.
لأنّ التأسيسَ، للسوريين القوميين الاجتماعيين، ليس ذكرى يحتفون بها تقليدًا ونقلاً، بقدرِ ما هو فعلٌ اتّسمت به حركةُ الحياةِ في صراعها، وفكرُنا السوريّ بإنسانِه السوريّ، ذاك الإنسانُ الممتازُ بفطرتِه الفوقِ طبيعيّةٍ، التي تمثّلت بنباهةِ حدسِه وشدّةِ ملاحظتِه، فجعل فعلَه وتفاعلَه والوجودَ أساسًا متينًا راسخًا لحياةٍ فيها كلُّ خلقٍ، وكلُّ ابتكارٍ، وكلُّ إبداعٍ.
فأسّس الزراعةَ لتكون أساسًا للاستقرار، ومنها راح يُفعِّل وعيَه، فأنتج به أساسًا للبناء الحضاريّ بخلقِه الكتابةَ، وابتكارِه النظامَ، وإبداعِه الفنَّ، ليجعل وجودَه أساسَ الوجودِ وأساسَ البقاءِ العاقلِ لحضارةٍ كلُّ تفصيلٍ فيها، وكلُّ مرورٍ بها، وكلُّ فيضٍ لها، هو أساسٌ ثابتٌ في قيمةِ الوجودِ وقيمِ إنسانِه، الذي يُعبِّر الحزب السوري القومي الاجتماعي عنهما.
الحزبُ السوريّ القوميّ الاجتماعيّ، بتأسيسِه على عقيدةٍ وجوديّةٍ، هو حزبُ الإنسانِ والمؤسّساتِ، الفاعلُ بتعبيرِه عن كلِّ حقٍّ، وكلِّ خيرٍ، وكلِّ جمالٍ، في خطِّ الفكرِ السوريّ الذي اتّخذه سعاده حقيقةً يُؤسِّس بها، وعلى ثباتِها فعلًا إنسانيًّا جديدًا، هو فكرةٌ وحركةٌ تتناولانِ حياةَ أمّةٍ بأسرِها، أمّةٍ مُعلِّمةِ الناسِ، هاديةٍ للأمم.
فيا أيّها القوميّون، منذ أن ترفعوا أياديَكم اليمنى زاويةً قائمةً، مُعبِّرينَ بها أنكم تُقسِمون بحقيقتِكم وشرفِكم ومعتقدِكم على أنكم وعيتم انتماءَكم، مُعلنين جنديتَكم الثابتةَ صراعًا في سيرِ حياةِ الفكرِ السوريّ الأصيل، مستمدّين روحَكم من مواهبِ الأمّةِ وتاريخِها منذ تلك اليمينِ، الزاويةِ الأساسِ السليمِ للبناءِ القوميِّ الاجتماعيّ.
وأنتم في فعلِكم، وفي كلِّ فعلٍ تقومون به، وفي كلِّ فعلٍ تتناولونه، أنتم في تأسيسٍ دائمٍ ومستمرٍّ للحياةِ الجديدة، فاحذروا وتنبهوا، وكونوا قدرَ المسؤوليّةِ المرتكزةِ والمؤسَّسةِ على صحّةِ أعمالِكم، وجديّةِ أدائِكم، وصدقِ إخلاصِكم، وشدّةِ محبتِكم.
فكلُّ محبّةٍ تأسيس، وكلُّ صدقٍ تأسيس، وكلُّ إخلاصٍ تأسيس، وكلُّ جدّيّةٍ تأسيسٌ لحياتِكم التي لا تقصدون فيها لَعبًا ولهوًا، ولا ترضونها بغيرِ العزِّ مسارًا ووقفةً.
إنّ التأسيسَ ليس مناسبةً بحدِّ ذاتِها، بقدرِ ما هو فعلٌ وخطُّ فكرٍ وطريقةُ حياةٍ دعانا المؤسِّسُ، وصاحبُ الدعوةِ الأساسُ، المعلِّمُ القدوةُ الهادي، أن نكون جندَها الأوفياءَ المفتدين، مُؤسِّسين الحياةَ الجديدةَ لأجيالِنا الجديدة، ليكونَ التأسيسُ في وعيِكم خطَّ سيرٍ يهدي عملَكم، ومَكمنًا راسخًا يُثبّت خطواتِكم، ووسيلةً شريفةً راقيةً لغايتِكم.
أسِّسوا مع أُسَرِكم كلَّ قدوةٍ حسنةٍ، ومع أبنائِكم كلَّ صالحِ الأعمال، ولا يُفوتَنَّكم خُلُقُكم وخَلقُكم مع أهلِكم وأبناءِ مُتّحدِكم.
لا ترضَوا للتأسيسِ إلّا أن تكونوا فيه الأساسَ، قدوةً حسنةً، ومثالًا صالحًا، يُشادُ بكم وفيكم البناءُ العظيمُ للنهضةِ العظيمة.




