الديار: استراتيجيّة «المياومة» في المقرّات الرئاسيّة

كتبت صحيفة “الديار”: فيما ينتظر لبنان «عاصفة» ضغوط اميركية مالية هذه المرة، في محاولة لتضييق الخناق على حزب الله، فان كل من يزور المقرات الرسمية: بعبدا، عين التينة والسراي الحكومي، يخرج دون اجابات حول الاسئلة الصعبة التي ينتظر اللبنانيون اجابات عنها.
لا اجوبة حيال مستوى التصعيد الاسرائيلي المرتقب. ولا اجوبة حيال حقيقة ما يريده الاميركيون الذين يكثرون من الكلام، ولا يقدمون اي حلول او تسويات، بل لا يترددون في رفع مستوى الضغوط. وايضا لا توجد اجابات حول اسباب تراجع زخم الدور السعودي، ومدى قدرة القاهرة على حجز مقعد جدي بين اللاعبين المؤثرين في الملف اللبناني. وماذا عن مهلة الستين يوما قبل نهاية العام لاقفال ملف جنوب الليطاني؟ وماذا بعده؟ هل الشمال خارج النقاش؟ وهل الحديث مجددا عن هذه المهلة مجرد حث للتنفيذ، او تهديد باطلاق يد «اسرائيل» اكثر لاستباحة الاراضي اللبنانية؟
كما دخل الى مدار الغموض كيفية مواجهة الجيش لاول اختبار مفترض للتوغلات الاسرائيلية؟ كيف تكون ردة الفعل وما هي حدودها؟ وماذا لو بالغ جيش الاحتلال بالرد، وتعمد إيذاء ضباط وعناصر ومواقع الجيش؟ وماذا لو لم يحرك الجيش ساكنا لاعتبارات عديدة، ومنها قد يكون لوجستيا؟ اي تداعيات يمكن ان تترتب عن ذلك؟
استراتيجية «المياومة»
لا مبالغة في هذا التقييم، تقول اوساط سياسية بارزة، تشير الى ان المسؤولين اللبنانيين يتعاملون مع التطورات السياسية والامنية «مياومة»، اي كل يوم بيومه، ينتظرون المؤشرات الخارجية من المبعوثين الدوليين والاقليميين، لكن دون جدوى، لان أيّا من زوار بيروت في الايام القليلة الماضية، لم يحمل معه اي اجابة يمكن البناء عليها لبناء استراتيجية واضحة للتعامل مع التطورات.
ومن هنا، يكرر رئيس الجمهورية جوزاف عون الدعوة الى التفاوض مع العدو الاسرائيلي، وزاد عليها بالامس، اظهار وجود توافق وتناغم مع الرئاستين الثانية والثالثة على هذا الموقف، وهو يخاطب الداخل بكل مكوناته، لايجاد ارضية صلبة ينطلق منها الى هذا الخيار حين يجهز الطرف الآخر.
وفيما بات واضحا ان تطوير مهمة لجنة «الميكانيزم» ترضي الرئيس بري، فان حزب الله لم يمانع في السابق حصول امر مشابه، بل دعم موقف الرئيس ميشال عون ميدانيا، حين كان التفاوض على «قدم وساق» حول الترسيم البحري، وهو لم يكن يوما «حجرعثرة» امام استعادة لبنان لحقوقه. وهذا حصل في الماضي دون حوار مباشر، ودون اتفاق سلام، وما تكفل به الرئيس بري في ظل الفراغ الرئاسي خلال الحرب الاخيرة، هو الآن مسؤولية الرئيس عون دستوريا، وهو يدرك جيدا ما عليه ان يفعل لحماية السيادة اللبنانية. لكن تبقى الدعوة الى التفاوض مجرد عرض لاستراتيجية لبنانية دون شريك في المقابل، لا الاميركي جاهز، ولا «الاسرائيلي» يرغب بذلك، ويواصل محاولة فرض الاستسلام تحت النار.




