اخبار عربية ودوليةالرئيسية

أكثر من 127 ألف أسرة مهجّرة: 100 يوم على «كارثة» السويداء

عبير صيموعة - الأخبار

تعيش آلاف الأسر المهجّرة من قرى الريف الغربي في محافظة السويداء أوضاعاً إنسانية متدهورة، بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة منتصف تموز الماضي، حين تعرّضت عشرات القرى لهجمات من قوات الأمن التابعة للسلطات الانتقالية ومجموعات من أبناء العشائر، أدّت إلى موجة نزوح جماعية ودمار واسع في الممتلكات. وتقدّر عضو المكتب التنفيذي للإغاثة في المحافظة، فاتن جودية، عدد الأسر المهجّرة بأكثر من 127 ألف أسرة من 36 قرية متضرّرة، معظمها منكوبة بالكامل.

وتشير إلى أن المحافظة «فتحت أبوابها لاستقبال جميع المهجّرين»، إلا أنّ «نحو 1700 أسرة بقيت من دون مأوى، ما اضطرّ السلطات المحلية إلى تحويل عدد من المدارس إلى مراكز استضافة مؤقّتة». ومن بين الأسر المهجّرة، وُزّعت 355 أسرة في مدينة السويداء على 14 مدرسة وبعض الدوائر الحكومية، فيما توزّعت باقي الأسر في مناطق شهبا وصلخد والقريا، ضمن مدارس أو مبانٍ عامة.

وترى جودية أنّ عدد المهجّرين، رغم ضخامته، يبقى محدوداً قياساً بحجم الكارثة، وهو ما يعكس – برأيها – درجة من التضامن الاجتماعي داخل المحافظة. غير أنه بعدما شكّل الدعم الأهلي والمغترب، في الأيام الأولى للنزوح، المصدر الأساسي للمساعدة، وسط إمكانية توفير وجبات الطعام يومياً، تراجع هذا الزخم تدريجياً مع مرور الوقت، إذ بعد نحو مئة يوم على النزوح، تراجعت قدرة الأهالي والمغتربين على الاستمرار في الإسناد، وهو ما ترافق مع ضعف مساهمة المنظمات الدولية والإنسانية، والتي اقتصرت مساعداتها على نطاق محدود لا يغطّي سوى جزء بسيط من الاحتياجات الأساسية في مراكز الإيواء.

تتوالى المناشدات المحلية للمنظمات الدولية من أجل التدخل السريع

ومع اقتراب العام الدراسي، واجهت المحافظة معضلة إيجاد بدائل من المدارس التي تشغلها العائلات النازحة، فتمّ تجهيز مبنى القصر العدلي الجديد كمركز استضافة، إلى جانب عدد من المباني الحكومية مثل «مؤسسة العمران» و«اتحاد الفلاحين والعمال»، فيما يستمر البحث عن أماكن إضافية وسط صعوبات لوجستية متزايدة.

أمّا اليوم، فتتجه الأنظار إلى أزمة الوقود مع اقتراب فصل الشتاء؛ إذ يبرز تأمين مادة المازوت كأحد التحدّيات الأشدّ إلحاحاً، خصوصاً في ظل الحصار المفروض على المحافظة وطبيعتها الجبلية التي تجعل البرد قاسياً. كما أن تأمين المياه يشكّل «تحدياً يومياً» بحسب «مؤسسة مياه السويداء»، وذلك نتيجة الضغط الكبير على الآبار وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، إذ لا تتجاوز ساعات التغذية الكهربائية ساعة ونصف ساعة يومياً، في حين يعاني تشغيل المضخّات من نقص المحروقات وتعطّل الغطاسات، مع غياب أي دعم من الحكومة المؤقتة أو المنظمات المانحة.

وتُضاف إلى ذلك أزمة الرواتب المنقطعة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ما جعل الأسر عاجزة عن تأمين احتياجاتها الأساسية. وفيما غادر البعض مراكز الإيواء بحثاً عن سكن مأجور، غير أنّ ارتفاع الإيجارات وتوقف الرواتب اضطرّا كثيرين منهم إلى السكن في مبانٍ قيد الإنشاء أو غير مكتملة، في انتظار حلّ يسمح بالعودة إلى القرى التي لا تزال غالبية منازلها محروقة أو مُدمّرة.

وإزاء ذلك، تشير عضو المكتب التنفيذي لقطاع التربية في المحافطة، نوال نعيم، إلى أن استخدام المدارس كمراكز إيواء «عطّل العملية التعليمية في عدد من المناطق»، لافتة إلى أن «بعض الطلاب اضطرّوا إلى الالتحاق بالتعليم وفق نظام المناوبة أو التعليم الجزئي، فيما انقطع آخرون عن الدراسة». كما ساهمت أزمة النقل وارتفاع كلفته في «تعقيد الوضع»، رغم أن نحو 90% من المعلمين ما زالوا يواصلون التدريس بشكل تطوّعي.

وأمام هذا المشهد، تتوالى المناشدات المحلية للمنظمات الدولية من أجل التدخل السريع، سواء عبر تأمين رواتب الموظفين أو توفير المحروقات والألبسة الشتوية والأدوية، في وقت يقترب فيه الشتاء من محافظة مثقلة بالبرد وبالكارثة الإنسانية معاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى