القمة العربية الإسلامية تنتقل من خطاب التنديد إلى «مراجعة» و«دراسة وفحص»
البناء

لم تستطع القمة العربية الإسلامية تجاوز الخط الأحمر الأميركي، فتجنبت إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية للمشاركين فيها مع كيان الاحتلال، وتفادت إعلان وقف أي نوع من أنواع العلاقات الاقتصادية مع الكيان، ووقف المبادلات التجارية معه، ولم تصل إلى إعلان إقفال الأجواء والمياه الإقليمية لدولها أمام الطائرات والسفن الإسرائيلية، وكلها إجراءات ليس فيها حشد جيوش ولا خوض حروب، بل عقوبات يمكن ربطها بوقف الحرب على غزة وقبول حل الدولتين الذي أكد المجتمعون أنهم يرونه الحل الوحيد للأزمات في المنطقة، لكنهم لم يحددوا خريطة طريق لبلوغه بديلة عن خريطتهم السابقة الفاشلة القائمة على استرضاء أميركا ورؤسائها وإغرائهم بالأموال والقواعد الأميركية في الدول العربية والإسلامية، أملاً بأن تضغط أميركا على «إسرائيل» لوقف الحروب وقبول الحل التفاوضي وفق قاعدة حل الدولتين.
وخلال ربع قرن أثبت هذا الرهان عقمه، وصولاً إلى العدوان على قطر الذي قال إن أميركا وقواعدها لا تحمي أحداً من «إسرائيل»، وإن القدس عاصمة أبدية موحدة لـ«إسرائيل» بمباركة أميركية، وإن المحاكم الدولية إذا فكرت بمساءلة «إسرائيل» وقادتها تصبح عرضة للعقوبات الأميركية، ومثلها المؤسسات الإنسانية التي ترعى الفلسطينيين في ظل حرب الإبادة، وعلى قاعدة عدم مراجعة القمة لهذا الرهان الخاطئ، قررت عدم إزعاج خاطر أميركا بإجراءات المقاطعة، واكتفت بالدعوة لمراجعة الاتفاقات القائمة مع «إسرائيل» سياسياً ودبلوماسياً، ومراجعة وفحص التعاون مع كيان الاحتلال، وفيما عدا ذلك دعت القمة إلى أشياء كثيرة مثل اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كيان الاحتلال وقادته، كما دعت إلى فرض العقوبات وملاحقة قادة الكيان أمام المحاكم الجنائية، ودعت إلى تعزيز السعي لفرض حل الدولتين، وكلها دعوات تنتظر لترجمتها إرادة ثالثة تملك واشنطن قدرة تعطيلها، خصوصاً عندما يتصل الأمر بالمنظمات الأممية.
بنيامين نتنياهو الذي استبق القمة بصفعة قاسية لحكام الدول العربية والإسلامية بتظهير جوهر زيارة وزير خارجية أميركا ماركو روبيو للكيان بصفتها إطاراً لتأييد دعم الكيان وعدم تأثر العلاقات الأميركية الإسرائيلية بالعدوان على قطر، خلافاً لما سوّق له عدد من المشاركين في القمة حول غضب أميركي سوف يترجم خلال زيارة روبيو بمشروع اتفاق لوقف الحرب على غزة دون التمسك بالشروط الإسرائيلية المستحيلة، ورد نتنياهو على القمة بتفجيرات نوعيّة في غزة وصلت أصواتها إلى تل أبيب، كما قال مراسلو القنوات العبرية، وربما تكون وصلت إلى أكثر من عاصمة عربية.