اخبار عربية ودوليةالرئيسيةمجتمع ومنوعات

عتب الدروز على أهل السنة

بقلم: ابراهيم العاقل - باحث في المجتمع والتاريخ

عتب الدروز على أهل السنة…
منذ أن ظهر مذهب التوحيد (الدروز) عام ١٠١٧ ميلادية زمن الخليفة الفاطمي راعي المذهب في مصر؛ كان الموحدون يقفون في وجه كل ما يهدد الامة؛ من عدوانات خارجية؛
كان عصر الحاكم الفاطمي (٩٩٦- ١٠٢١) ميلادية؛ ذروة عصر القوة في تاريخ الدولة الفاطمية الانسانية النزعة؛ فقد الغى الحاكم العبودية لأول مرة في التاريخ وأعطى للمرأة حقوقا لم تعطَها من قبل (راجع كتاب الدكتور المصري عبد المنعم ماجد “الحاكم بأمر الله؛ الخليفة المفترى عليه”).
كما ثبت الحاكم الزواج بزوجة واحدة فقط ومنع مسألة ملك اليمين…
في عصره كان البحر المتوسط الشرقي من صقلية إلى سواحل الشام بحيرة عربية؛
وعندما هدم الامبراطور البيزنطي مسجدا للمسلمين في القسطنطينية هدده الحاكم بهدم كنيسة القيامة في فلسطين وأرسل وزيره حمزة بن علي للاشراف على هدم الكنيسة؛
فأضطر الامبراطور البيزنطي لإعادة بناء المسجد؛
عندئذ تراجع الخليفة الحاكم عن هدم الكنيسة.. (راجع كتاب الخلافة الإسلامية ل محمد سعيد العشماوي وكتاب تاريخ الموحدين الدروز في المشرق العربي للدكتورين عباس ابو صالح وسامي مكارم)…
تعرض الموحدون بعد الحاكم عام ١٠٢١ للاضطهاد من بني قومهم العرب السنة؛
كما اضطهدوا من جانب البيزنطيين؛ لكنهم ظلوا على ولائهم للمَواطن التي يقيمون فيها؛
فقد قاوموا الحملات الصليبية وصمدوا في سواحل الشام أمام الحملة الصليبية التي اكتسحت سواحل الشام عام ١٠٩٩ واحتلت القدس وإقامت فيها مملكة لاتينية؛
ولكن بيروت التي كانت معقلا درزيا من معاقل الإمارة التنوخية الدرزية صمدت في وجه الاحتلال الصليبي حتى عام ١١١١ إلى ان استقدم الصليبيون حملة من فرنسا لاحتلالها لكن التنوخيين الدروز ظلوا يناوئون الفرنجة الصلييبيين في سواحل الشام في حرب سجال على بيروت وغيرها من ثغور الشام حتى تم طردهم من البلاد عام ١٢٩٢
نعم؛
تعاون الدروز مع السلاجقة الاتابكة ونور الدين زنكي ضد الفرنجة (راجع كتاب “نور الدين زنكي” للدكتور عادل اسماعيل) كما تعاونوا مع صلاح الدين الايوبي والمماليك ضد الفرنجة حتى زوال اخر إمارة صليبية من على سواحل الشام…
وفي العصر الحديث قاوم الموحدون الدروز الاحتلال العثماني الظلامي التجهيلي؛ إلى أن تم طرد العثمانيين عام ١٩١٨
كما قاوموا الاحتلال الفرنسي الاستعماري بقيادة سلطان باشا الاطرش وثبتوا وحدة سورية رغم إرادة فرنسا بتقسيمها؛
وقاتل شبانهم في ثورات فلسطين بدءا من اول ثورة عام ١٩٢٩؛ ثورة الحولة بقيادة الدرزي أحمد طافش أبو شقرا وثورة ١٩٣٦ وحرب ١٩٤٨ (راجع مذكرات فوزي القاوقجي)
كل هذا الجهاد الدرزي التاريخي لم يحمِ الدروز من غلاة السنة ومتطرفيهم الذين يستلهمون تراث فقهاء التطرف مثل أحمد بن حنبل الميت عام ٨٥٥ ميلادية وابن تيمية الميت عام ١٣٢٨ ومحمد ابن عبد الوهاب ١٧٩٢ وهلم جرا إلى دعاة الإرهاب كحسن البنا وسيد قطب وأبو الاعلى المودودي وأسامة بن لادن والبغدادي والزرقاوي والجولاني في زمننا هذا..
لقد علمتنا مذبحة السويداء في تموز لا أن نعتب على بني قومنا السنة فقط؛
بل أن نلومهم لأنه لم تقم مظاهرة واحدة؛
ولا حركة احتجاجية سنية ضد مذبحة الدروز في أواسط تموز ٢٠٢٥ في أية مدينة سنية من مدن سورية المنكوبة بالجولاني وفريقه الداعشي الإجرامي…
فقد انساق معظم عامة السنة مع حملة التكفير والقتل والسبي والنهب والإبادة ضد الدروز؛
حتى تركيا الاردوغانية كانت لها اصابع في مذبحة الدروز…
حتى الدول العربية السنية لم يكن لها موقف ضد تلك المذبحة عدا دولة الإمارات التي منعت مشكورة صرف العاملين الدروز من أعمالهم فيها…
لقد ظهر السنة السوريون ازاء مذبحة الدروز كأمة قطيع تساق بحاكم عنصري طائفي دكتاتوري فاشي لا ينتمي لهذا العصر هو ابو محمد الجولاني..
إن ما حدث للدروز في مذبحة تموز ٢٠٢٥ دل على خيانة وطنية من موطنيهم السنة تعرض لها الدروز الذين يطالبون بدولة ديموقراطية ومواطنة متساوية…!!!
ومن هنا يحق الدروز بعد الف عام من خيانات سنية متتابعه أن يطالبوا بحماية دولية تحافظ على وجودهم إلى أن يزول ليل الجولاني الاسود عن سماء سورية؛وتعود سوري لجميع أبنائها دون تمييز أو تلوث ديني حاقد…
وهذا مطلب حق لا يلومهم عليه كل ذي عقل وضمير حي…
وقد صدق الشيخ المعري عندما قال:
يا أمةً من سِفاهٍ لا حلوم لها
ما أنتِ إلا كضأنٍ غاب راعيها
تُدعى لخيرٍ فلا تصغي له أذنٌ
ولا يجيب لغير الشر داعيها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى