الرئيسيةخاص دايلي ليبانون

زيارة لاريجاني إلى بيروت: رسائل إيرانية في زمن التهديدات الإسرائيلية ومشاريع التقسيم

د. هشام الأعور

زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بيروت تكتسب أبعاداً أوسع بكثير في ظل التطورات الإقليمية، لا سيما ما يجري في السويداء واحتمال تمدد خطر الفصائل المسلحة باتجاه لبنان عبر السلسلة الشرقية، بالتوازي مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية وما يُحكى عن مشروع إسرائيلي متكامل لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة.

في قلب هذا المشروع، يشكل جبل الشيخ نقطة الارتكاز المحورية للخطط الإسرائيلية الجديدة. فوفق المؤشرات الميدانية، تعمل إسرائيل على إيجاد الذرائع اللازمة للتوغل في الأراضي اللبنانية انطلاقاً من مزارع شبعا باتجاه حاصبيا وراشيا، وصولاً إلى معبر المصنع الحدودي مع سوريا. وتستند الخطة إلى تحرك القوات الإسرائيلية المتمركزة في قرى جبل الشيخ السورية وريف دمشق الغربي نحو المصنع، بالتوازي مع تقدم آخر من محور شبعا – حاصبيا، في محاولة لتحقيق التلاقي العسكري في العمق اللبناني.

تراهن إسرائيل على أن هذه المناطق، بما فيها قرى وبلدات جبل الشيخ، تمثل من وجهة نظرها “مناطق منخفضة الخطورة” بسبب التواجد الدرزي الواسع فيها، ما يخفف من احتمالات المواجهة المباشرة، وفق حساباتها. لكن الأهمية الاستراتيجية لهذا التقدم تكمن في السيطرة الكاملة على مرتفعات جبل الشيخ من الجانبين السوري واللبناني، وهو ما يعني عملياً فصل البقاع عن الجنوب وتعطيل خطوط الإمداد الأساسية للمقاومة، الأمر الذي يضرب العمود الفقري لأي استراتيجية دفاعية لبنانية.

وفي حال نجاح إسرائيل في تنفيذ هذه الخطة، فإن المرحلة التالية ستكون أكثر خطورة، إذ ستسعى لربط مرتفعات الباروك بمرتفعات جبل الشيخ، وفتح خطوط باتجاه البحر عبر الشويفات، وصولاً إلى السويداء، بما يؤدي إلى عزل الضاحية الجنوبية عن الجنوب اللبناني. هذا السيناريو، إذا ما تحقق، يعني أن لبنان سيكون أمام تهديد استراتيجي شامل يمس وحدته الجغرافية والسياسية.

في هذا السياق، تصبح الحاجة إلى استراتيجية دفاعية وطنية أكثر إلحاحاً، تقوم على الحفاظ على سلاح المقاومة كجزء متكامل مع مشروع بناء الدولة وحماية الكيان اللبناني. فالمرحلة المقبلة لن تحتمل ترف السجالات الداخلية حول الأولويات، لأن الخطر هذه المرة مزدوج: تهديد إسرائيلي يهدف إلى إعادة رسم الحدود وفرض واقع جغرافي جديد، وخطر الفصائل المسلحة التي قد تجد في السلسلة الشرقية ممراً للتسلل إلى الداخل اللبناني.

الأميركي يدرك تماماً أن أي مقاربة للملف اللبناني لن تنجح من دون أخذ دور حزب الله وقدراته في الحسبان، فيما الإيراني، عبر زيارة لاريجاني، يوجه رسالة واضحة بأن محور المقاومة جاهز للتعاطي مع التحديات الجديدة بما يحفظ لبنان من الانزلاق نحو الفوضى أو التقسيم. أما اللبنانيون، فإن خيارهم اليوم هو التمسك بمعادلة القوة والردع، وتوظيفها في إطار وطني شامل، يحمي السيادة ويمنع أي مشروع خارجي من اختراق الجدار اللبناني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى