اخبار محليةالرئيسية

إذا لم تضمن أميركا… من يمنع الحرب المقبلة؟

ميشال نصر - الديار

لا توحي الزيارة الثالثة للموفد الاميركي توم براك لبيروت بالكثير من التفاؤل، خصوصا انها تاتي في وقت تغلي فيه المنطقة، من الاحداث التي تشهدها سوريا، وارتداداتها على الساحة اللبنانية، الى عودة التصعيد الكلامي على الجبهة الايرانية، فيما يراوح الوضع في غزة مكانه، ما ينذر بمضاعفات على مستوى الشرق الاوسط ككل، الخاضع لاختبار بالغ الخطورة، يستهدف وجود أقلياته، وبالتالي حدود دوله التي رسمها اتفاق سايكس-بيكو، فيما المطلوب من لبنان الذي يعاني اصلا من وضع هش، ان ينهض بمؤسساته الرسمية ويعزز امنه واستقراره بمعزل عن هذا الغليان.

وسط هذه الاجواء، تتطاير الأوراق والملاحظات على خط واشنطن – بيروت، بنود تبقى واخرى تُزاد بحسب تقلبات المواقف، تواكبها جولات مكوكية لم تنته الى اي حسم، تقطعها جرعات أمل غير مستندة الى اي معطى عملي وملموس، وتسويق رسمي بان «الامور ماشية» وفق الخطة المرسومة، بعيدا من الفولكلور والضوضاء، حرصاً على تنفيذها بهدوء ورويّة من دون استفزاز اي فريق لبناني، فالمهم على حدّ قولها «أكل العنب مش قتل الناطور».

اليوم الثاني
وفيما استمرت مفاعيل اللقاءات الرسمية لليوم الاول للزيارة، مدار بحث وتمحيص، توالت التسريبات حول ما تناوله اللقاء الثالث في مقر الرئاسة الثانية، من نقاط حساسة، خصوصا ان الفريق الاميركي يعول كثيرا على الاجتماع برئيس المجلس، الذي حمل معه ردودا شفهية على كثير من التساؤلات، وجاءت في توقيت دقيق سياسيا واقليميا، مع انكشاف ملامح صفقة اميركية اقليمية تتقاطع مع الاستحقاقات اللبنانية.

مصدر مواكب للاتصالات كشف ان الجانب الاميركي استطاع انتزاع تعهد لبناني بعقد جلسة للحكومة توافق بالاجماع على نص الورق اللبنانية، بعدما ابدى الثنائي الشيعي موافقته وتاكيده على حضورها، على ان يحدد موعدها خلال الايام المقبلة، مشيرا الى ان الريبة اللبنانية الكبرى تكمن في اصرار واشنطن على عدم تقديم أي ضمانات، بمعنى تركها الامور لمصلحة التوازنات التي يمكن ان تستجد على الارض، مؤكدا ان الرد اللبناني عمليا هو اقصى ما يمكن للبنان ان يوافق عليه، وبالتالي فان الورقة الاخيرة هي نهائية، دون ان يعني ذلك انقطاع التواصل مع الجانب الاميركي، حيث ستبقى الابواب مفتوحة على أي اقتراحات جديدة من ضمن المسلمات اللبنانية، مبديا اعتقاده بان زيارات براك ستبقى قائمة في أي لحظة الى بيروت تبعا للتطورات الاقليمية والمحلية.

في عين التينة
وكشف المصدر ان مبدأ «الخطوة بخطوة» لم يعد صالحا في ظل اقرار براك بعجز واشنطن عن فرض أي شيء على تل ابيب، موضحا ان رئيس المجلس طلب، ازاء ذلك، أن يكون هناك سلّة متكاملة للحل، تضمن حقوق لبنان وأمنه الذاتي، وتجعله ينطلق في محادثات داخلية حول استراتيجية دفاعية، اذ لا يمكن مطالبة الحزب بتسليم سلاحه ومفاوضته على ذلك في ظل استمرار الاحتلال، من هنا كان طرح عين التينة لمرحلتين: انسحاب اسرائيل مقابل سحب السلاح جنوب الليطاني، ووقف العدوان مقابل الاستراتيجية الوطنية.

وراى المصدر ان براك اوصل رسائل ثلاث واضحة، اولى، بدَّل من تصريحه السابق حول حزب الله، فاعتبره هذه المرة «حزباً إرهابياً» وفق تصنيف بلاده، ، جاء بناء لطلب مباشر من وزارة الخارجية، بعدما كان استرسل واجتهد في كلامه المرة الماضية في حديثه عن التمييز بين جناح عسكري وآخر سياسي، وهو ما يدل على ان الخارجية الاميركية غير مرتاحة للهجته الدبلوماسية «الزايدة»، والمواقف التي يطلقها، وهو ما وصلت اصداؤه الى اكثر من شخصية لبنانية، ثانيًا، أن اتفاق وقف إطلاق النار لم ينجح، وأنه لا توجد أي جهة ضامنة لمنع تجدد الحرب، الثالثة، والأخطر، تأكيده أنه «لا توجد ضمانات» وأن واشنطن «لا تستطيع إرغام إسرائيل على فعل أي شيء»، ما يعني رفض المقترح اللبناني بضرورة وجود ضمانات واضحة.

وختم المصدر، بانه رغم الاجواء الايجابية التي حاول بثها، الا ان غالبية من التقوه جانبيا خرجوا بانطباعات غير ايجابية، متحدثين عن خيبته من الرد اللبناني، والعجز عن كسر دائرة المراوحة، اذ ان الرد الثاني يكاد يكون نسخة طبق الاصل عن الاول، مقرا بان هذه الدوامة اوصلت الى فشل اتفاق وقف اطلاق النار، من جهة، والى عجز واشنطن عن تقديم الضمانات التي تطالب بها بيروت، معتبرة ان زيارته الحالية وضعت لبنان في مواجهة اسرائيل وحيدا، متخوفة من ان يكون قد اقترب من اختتام «مهمته اللبنانية» ومن غسل يديه من الأزمة، بعد عجزه عن الحصول على التزامٍ بسقفٍ زمني وبآلية لتسلّم سلاح حزب الله.

في الخلاصة فان الزيارة الثالثة رسخت الواقع التالي: المبادرة الاميركية لا تزال مطروحة على الطاولة، المهلة امام لبنان تضيق، الدعم الدولي مشروط باجماع داخلي على خريطة الطريق الاميركية، والا فان الفرصة الاخيرة ستضيع، وفق توصيفه.

اليونيفيل
وفي سياق متصل، علم ان المجموعة الاوروبية وعلى راسها فرنسا، تقدمت من الامين العام للامم المتحدة معربة عن استعدادها لتغطية حصة الولايات المتحدة الاميركية من تمويل قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان، خصوصا ان واشنطن ابلغت القيادة الدولية عزمها وقف التمويل، وقد اتخذت الخطوات الاجرائية في هذا الخصوص وفقا لما بينته بنود الموازنة المعروضة على الكونغرس.

غير ان مصادر دبلوماسية في نيويورك اشارت الى ان حل تلك الاشكالية لا يعني ان التمديد لليونيفيل بات بحكم الامر الواقع، في ظل التهديد الاميركي باستخدام حق النقض ضد اي قرار لا يراعي مصالح واشنطن وخططها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى