
لم تحجب الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت أمس في منطقة الشمال، الاهتمامات بالتطورات الإقليمية والدولية المتلاحقة، حيث تستعد منطقة الخليج لجولة الرئيس الاميركي دونالد ترامب عليها غداً، حيث ستشمل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، وهي الزيارة الخارجية الأولى له منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني الماضي، ويعوّل المراقبون عليها لإطلاق حلول لأزمات المنطقة، في الوقت الذي شهدت سلطنة عمان أمس الجولة الرابعة من المفاوضات الأميركية- الإيرانية حول الملف النووي الإيراني ودور إيران ونفوذها الإقليمي.
تستعد دول الخليج لاستقبال ترامب في جولته التي تشمل السعودية وقطر والإمارات، وسط تساؤلات حول دوافع هذه الزيارة وأهدافها في ظلّ تحوّلات إقليمية ودولية متسارعة، من الحرب الأوكرانية إلى التصعيد مع إيران، مرورًا بالمفاوضات الدائرة حول قطاع غزة والاتفاق الأميركي ـ الحمساوي حوله. وتُمثّل هذه الجولة الترامبية محاولةً لتعزيز التحالفات التقليدية، لكنها تثير أيضًا إشكاليات تتعلق بمدى قدرة واشنطن على الحفاظ على دورها كفاعل مركزي في منطقة تزداد انزياحًا نحو تعددية قطبية.
وفيما الملفات اللبنانية الساخنة، ولا سيما منها ملف سلاح «حزب الله» والملف المالي ـ المصرفي، موضع نقاشات مؤجّلة على الأرجح، ترتدي أهمية خاصة الجولات العربية لرئيس الجمهورية، بدءاً بدول الخليج. فبعد المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، زار رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمس دولة الكويت، حيث الهدف يبقى إياه: إعادة بناء الجسر الذي انقطع سابقاً مع العرب، وتفعيل علاقات لبنان العربية. وستكون الخطوات اللاحقة هذا الشهر في اتجاه مصر، ثم العراق. وتزامنت الزيارة مع إعلان عون مجدداً أنّ القرار بوحدة السلاح الشرعي على الأراضي اللبنانية متخذ، لكن الأمر لا يمكن أن يتمّ إلّا بالحوار.
تغطية عربية
وقالت مصادر ديبلوماسية معنية لـ«الجمهورية»، إنّ موقف عون مدروس تماماً من حيث التوقيت، إذ يوجّه رسالة إلى الخارج مفادها أنّ الدولة اللبنانية تحتاج إلى التغطية السياسية الخارجية، والعربية تحديداً، لإنجاز الخطوات المطلوبة منها. فالعرب يفترض أن يكونوا الأكثر تفهماً لظروف لبنان، وأن يدعموا دولته أمام المجتمع الدولي. وهذا الدور يمكن أن يكون فعّالاً جداً نظراً إلى تزامن زيارة عون الحالية للكويت مع بدء الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولته الخليجية غداً.
في غضون ذلك نسبت صحيفة «القدس» إلى «مصدر مطلع» أن لقاءً سيُعقد في الرياض غداً ويجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بمشاركة كلّ من الرئيس عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس السوري أحمد الشرع.
لكن مصادر رسمية لبنانية نفت لـ«الجمهورية» من الكويت وجود أي اتفاق على لقاء من هذا النوع، وقالت انّ عون يزور العاصمة الكويتية حالياً، وانّ المحادثات الرسمية ستبدأ اليوم بينه وبين المسؤولين الكويتيين. وأكّدت انّ المحادثات الأولية التي جرت بين عون وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تناولت التعاون المستقبلي بين البلدين، وأظهرت «إستعدادات كويتية طيبة» لمساعدة لبنان في مختلف المجالات.
وكان عون قال لدى وصوله إلى الكويت: «يسرّني أن ألبّي اليوم دعوة كريمة من أخي صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت. وتأتي زيارتي هذه تأكيداً لعمق العلاقات التاريخية والأخوية المميزة التي تجمع لبنان والكويت، وهي علاقات متجذرة في التاريخ ومبنية على الاحترام المتبادل والتعاون الوثيق على مختلف الصعد. وأود أن أعبّر عن بالغ تقديري وامتنان الشعب اللبناني للدعم المستمر الذي قدّمته وتقدّمه دولة الكويت للبنان، خاصة في الظروف الصعبة التي مرّ فيها وطننا. فدولة الكويت كانت ولا تزال سنداً قوياً للبنان في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية».
وأضاف: «خلال هذه الزيارة، سنبحث مع الأشقاء في الكويت سبل تعزيز التعاون الثنائي وتفعيل الاتفاقيات المشتركة بين بلدينا، بما يخدم مصالح شعبينا الشقيقين، وستكون فرصة للتأكيد على انّ اللبنانيين ينتظرون عودة أشقائهم الكويتيين إلى بلدهم الثاني لبنان، لاسيما خلال فصل الصيف المقبل، لتزهو الربوع اللبنانية من جديد بوجودهم.
كما سنتطرق إلى التحدّيات التي تواجه المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز العمل العربي المشترك في ظل الظروف الراهنة. وأتطلع إلى لقاء سمو أمير دولة الكويت والمسؤولين الكويتيين، وأثق بأنّ هذه الزيارة ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين بلدينا وشعبينا الشقيقين».
وقبيل توجّه عون إلى الكويت ظهر امس ذكّرت رئاسة الجمهورية، في «وسائل الإعلام اللبنانية الكريمة» بـ«ضرورة التحلّي بالمسؤولية الوطنية، والقانونية، والأخلاقية، في هذه الظروف الحساسة بالذات».
وأهابت بالجميع «عدم التطاول، تجنّياً أو تلفيقاً أو تركيباً، على أي جهة خارجية صديقة للبنان، وخصوصاً من الأشقاء العرب، وبالأخص في قضايا وتوقيت تلامس حدّ التآمر على المصالح الوطنية العامة».
وكرّرت رئاسة الجمهورية «تمّسكها الكامل بحرّية التعبير وبقدسيتها، مذكّرة المعنيين بهذه الحرّية بأنّ لها مقتضيات ثابتة، أولها الحقيقة، وثانيها الانتظام العام في مجتمع ديموقراطي، تماماً كما ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأكّدت أنّ أي خروج عن هذه المقتضيات، يُعرّض مرتكبه لوقوعه خارج إطار الحرّية، وفي خانة الارتكاب المشهود».