اخبار محليةالرئيسية

عون و”حزب الله”: هل يمهد التفهم للتفاهم؟

عماد مرمل - الجمهورية

يوحي سلوك كل من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون و”حزب الله” أنّ كلاهما يحسب خطواته ومواقفه جيداً بغية إيجاد مساحة مشتركة للنقاش حول سلاح المقاومة، في منأى عن أجندات داخلية وخارجية تدفع في اتجاه أن تأخذ العلاقة بين الجانبَين طابعاً صدامياً لن يخدم أياً منهما.

على رغم من الضغوط الخارجية والداخلية التي يتعرّض لها الرئيس عون، إلّا أنّه لا يزال حريصاً على التعاطي مع ملف سلاح «حزب الله» بحكمة، وهو ما عكسه في وضوح خلال مقابلتَين تلفزيونيّتَين سبقتا زيارته إلى قطر، وأكّد أنّ هذا الملف يُعالَج بالحوار وليس بالقوة، مشدّداً على أنّ السلم الأهلي هو بالنسبة إليه خط أحمر.

ونجح عون حتى الآن عبر «الإسفنج» الديبلوماسي في امتصاص الاستعجال الخارجي، خصوصاً الأميركي، للتعامل مع مسألة السلاح على طريقة «الكاوبوي»، وهو الذي يعلم جيداً حساسية هذه المسألة وتعقيداتها التي تتطلب كثيراً من الروية والتأنّي في مقاربتها، بعيداً من تنظير البعض الجالس على التلة أو تهويل البعض الآخر من خلف البحار.

وعون الذي تولى قيادة الجيش لسنوات طويلة لعلّه أكثر مَن يعرف خطورة جرّ المؤسسة العسكرية إلى مواجهة مع «حزب الله» أو مع أي طرف داخلي في ظل تركيبة لبنانية مرهفة وهشة، وبالتالي فإنّه على اقتناع بأنّ تحمّل الضغط من هنا أو هناك يبقى أفضل بكثير مهما كانت كلفته، من الانزلاق إلى فتنة داخلية تلتهم الأخضر واليابس.

ويبدو واضحاً أنّ كلا من عون و«حزب الله» حريص على تعزيز جسور الثقة المتبادلة وعدم حشر أحدهما للآخر في زاوية ضيقة، على رغم من محاولات تحريض كل منهما على الثاني، لأنّه من دون ثقة وتفهّم لا يمكن أن ينجح الحوار ولا أن يحصل التفاهم.

وبناءً عليه، أبدى الحزب انفتاحاً على مناقشة سبُل الاستفادة من السلاح ضمن استراتيجية دفاعية تهدف إلى ضمان حماية لبنان من العدو الإسرائيلي وليس إلى نزع عنصر قوّته، كذلك أبدى رئيس الجمهورية استعداداً للبحث مع الحزب بهدوء حول المسار الأجدى للوصول إلى تحقيق هدف حصر السلاح في يد الدولة من دون أن يُقيِّد نفسه بمُهَل زمنية ولا بوسائل قسرية، علماً أنّ الطرفَين ينطلقان من أرضية مشتركة تتمثل في وجوب إيجاد استراتيجية أمن وطني تنبثق منها استراتيجية دفاعية.

وتعتبر أوساط سياسية داعمة لعون أنّ الأصوات التي ترتفع أحياناً للمزايدة أو للضغط عليه في قضية السلاح هي للاستهلاك ليس إلّا، لافتةً إلى أنّ من المتوقع أن تعلو نبرة تلك الأصوات أكثر فأكثر كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية المقبلة، لأنّ هناك مَن يفترض أنّ الضرب على وتر السلاح يُفيده في شدّ العصب وتجييش الرأي العام، في حين أنّ رئيس الجمهورية يتعاطى مع هذا الأمر من زاوية المسؤوليات التي يتحمّلها.

وتشير الأوساط إلى أنّ عون يتابع ملف حصرية السلاح بعيداً من الضجيج السياسي، مدركاً أنّ الوصول إلى حل في شأنه لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها ولا بالتحدّي. وتُشدّد هذه الأوساط على أنّ معادلة «الغاية تبرّر الوسيلة» ليست مقبولة، مؤكّدةً أنّ رئاسة الجمهورية تُريد الوصول إلى هدفها من غير تهديد السلم الأهلي، بل عبر تدوير الزوايا ومعالجة الهواجس، وإلّا فإنّ أي دعسة ناقصة نتيجة التسرّع أو التهوّر ستُفضي إلى مفعول عكسي وستتسبّب في تضييع الفرصة الحالية.

وتلفت الأوساط إلى أنّ المطلوب من مستعجلي حرق المراحل والمراكب أن يأخذوا نفساً عميقاً و«يطوّلوا بالهم» لأنّ الأمور لا تُحل بالإنفعال والإرتجال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى