
أقرت الحكومة أمس في جلسة لها في السراي الكبير، مشروع قانون إصلاح وضع المصارف في لبنان وأعاده تنظيمها. وبحسب تصريح وزير الإعلام، تمّ درس المشروع «مادة مادة وعدل بعض أحكامه في اتجاه تعزيز مضمونه وفق الروحية التي صيغ بها وأقره». وأضاف «..نكون بذلك قد حققنا في غضون أسابيع قليلة، أي بعد إقرار مشروع قانون رفع السرية المصرفية، رزمة إصلاحية يحتاجها لبنان واقتصاده وقطاعه المصرفي وخصوصا المودعين، لا سيما صغار المودعين، كما وتقاطع مع متطلبات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ومنها رفع السرية المصرفية».
الخبير الإقتصادي الدكتور محمود جباعي قال لـ «الديار»، أن إقرار هذا المشروع جاء نتيجة الضغوطات الدولية في مكان ما، تُلزم الحكومة إقرار بعض مشاريع القوانين قبل إجتماع الوفد اللبناني بصندوق النقد في 21 نيسان 2025. وإذ أعرب عن ترحيبه بأي إتفاق مع صندوق النقد الدولي، إلا أنه وضع سقف لأي إتفاق وهو المصلحة الوطنية.
وأضاف أن الحكومة ستُرسل المشروع إلى المجلس النيابي، وسيتم دراسته في اللجان النيابية، وبالتالي لن يُصبح نافذًا إلا بعد إقراره في الهيئة العامة. وأشار إلى أن المعلومات المتُوفّرة تُشير إلى أن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وقسما كبيرا من النواب، لن يُمرّروا أي قانون يمسّ بالودائع، وبالتالي سيكون مشروع القانون المرسل من الحكومة موضع تعديلات في اللجان النيابية. ويُضيف أن مشروع القانون يجب أن يستوفي شروطًا ليتمّ إقراره، وعلى رأسها إعادة هيكلة منطقية للمصارف، عدم المس بأموال المودعين، وتحميل المسؤولية لثلاثة أطراف: الدولة والمصارف ومصرف لبنان.
وذكّر جباعي بحكومة الرئيس ميقاتي التي أرسلت العديد من مشاريع القوانين التي لم تمرّ في المجلس النيابي ،نظرًا إلى عدم محاكاتها للواقع.
وعما كان وزير المال ياسين جابر قدّ تسرّع في تحضير وإرسال المشروع إلى الحكومة، أجاب أن وزير المال قام بواجبه، والحكومة هي من دفعت بهذا الأمر تحت ضغط صندوق النقد، مُذكّرًا أن وزير المال هو ضدّ شطب أموال المودعين.
من جانبه، قال أستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية البروفسور جاسم عجاقة، أن هذا المشروع هو مشروع تقني بحت يهدف إلى تحديد الخسائر في القطاع المصرفي، وتصفية المصارف التي لا تستوفي شروطًا محددة في المشروع. وبحسب عجاقة، قسم لا يُستهان به من المصارف سيتم تصفيتها نتيجة هذا المشروع، وإستطرادا هناك خسارة لودائع المودعين في هذه المصارف. وبالتالي نلحظ أن مشروع القانون لا ينصّ على أي إجراء لحماية أموال المودعين، وهو ما يطرح علامات إستفهام حول مَن من السادة النواب سيصوتّ عليه، خصوصا أننا على بعد عام من الإنتخابات النيابية.
وإذ شكّك عجاقة بإقرار القانون بصيغته الحالية في المجلس النيابي، أشار إلى إقراره بصيغته الحالية دون تعديلات أو دون ضمانات للودائع، سيكون له تداعيات سلبية على الإقتصاد وعلى الثقة، ناهيك عن الأثر الإجتماعي على الفئات ذات الدخل المحدود.