
طلب رئيس الحكومة نواف سلام من المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريدية البقاء في منصبه إلى حين تعيين خلف له وفق الآلية الموضوعة ودون تحديد موعد لذلك.
وقد جاء الطلب بعد اجتماع عقده سلام أمس مع كريدية، بعد القرار الذي أصدره وزير الاتصالات شارل الحاج وقضى بإلغاء العقد مع كريدية.
وهو ما أثار علامات استفهام، سيما أن خلفيته تتعلّق بأن وزير الاتصالات يقوم بعمل لخدمة أغراض تتناقض مع المصلحة العامة.
وقد أثار كشف «الأخبار» عن سعي الوزير الحاج قبل تولّيه منصبه، إلى حصول شركة «وايفز» على ترخيص لإدخال معدّات تخوّلها إنشاء شبكة اتصالات خاصة، بلبلة في قطاع الاتصالات في لبنان. ورغم أنّ هذا الترخيص أتى في عام 2019، إلا أنّه دفع وزير الاتصالات شارل الحاج إلى إطلاق حملة اقتصاص من الذين رفضوا «تهريبة» تركيب أجهزة تسمح بإنشاء شبكة اتصالات إضافية تحت ستار «نفاد قطع الغيار للأجهزة القديمة».
ترخيص إدخال المعدّات لـ«Waves» صدر في عام 2019، والحاج يقدّم مصالح شركات الإنترنت على الحق العام
وقد أدّت اعتراضات المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريدية، على طلبات شركات توزيع الإنترنت بـ«إدخال معدّات تستخدم النطاقات التردّدية لخدمات الجوال بجميع أجيالها»، إلى إقدام الحاج على إقالته من خلال فسخ العقد معه، علماً أنّ هذه الاعتراضات استندت إلى القوانين الناظمة لقطاع الاتصالات مثل المرسوم 9548، ومرسوم الترخيص لشركة «Waves 4318».
اللافت في القضية أنه بخلاف ما سُرّب من معطيات أشارت إلى أن الترخيص صدر أيام الوزير السابق جوني القرم، فقد نفى الأخير ذلك وقال لـ«الأخبار» إن القرار صدر في عام 2019، ثم أتى التوقيع بالسماح بإدخال معدّات شبكة «Wimax Advanced» الخاصة بشركة «Waves» من قبل المدير العام في وزارة الاتصالات باسل الأيوبي، إذ إن هذه الصلاحية عائدة له من دون توقيع الوزير.
وفي هذا الإطار، تظهر معالم معركة كريدية مع شركات الإنترنت مثل «Waves وGDS» واضحة في مراسلاته للقرم منذ عام 2022، إذ ما قامت به شركة «ويفز» بالتعاون مع الأيوبي فتح شهية شركات أخرى مثل GDS للحصول على ترخيص مماثل وإدخال معدّات يسمح تشغيلها بالدخول إلى حلقة الاتصال المحليّة.
لكن في كتاب الاعتراض الذي رفعه كريدية إلى وزير الاتصالات في حينه، أوضح أنّ تجهيزات «Wimax» التي أدخلتها «Waves» تندرج ضمن نطاق «أجهزة الاتصال الدولية المتنقّلة IMT»، مشيراً إلى أنّ «محطات الهاتف الجوال محصورة بالدولة اللبنانية بحسب المراسيم والقوانين، ولا يمكن الترخيص لأي شركة في هذا المجال».
لذا، طلب كريدية فك التجهيزات الموجودة على شبكة الشركة، لأنها تخالف المواصفات الحديثة للتجهيزات المقدّمة من قبل الشركة، ما يعني أنّ أصل إدخالها إلى لبنان يُعدّ مخالفاً للقوانين، واستخدام تردّدات غير مرخّصة يُعدّ مخالفة للترخيص الممنوح للشركة.
كذلك تؤثّر هذه المعدّات سلباً على خدمات تقدّمها في الأساس أوجيرو مثل تقنية «Fixed Wireless Access، أو FWA»، وهي تقنية تستخدمها وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو في عدد من المناطق اللبنانية لتقديم خدمة الصوت و/أو الإنترنت.
وهنا أكّد كريدية أنّه وفقاً للمرسوم 4318، «لا يحقّ لأي شركة بيع أي خدمة تقدّمها الوزارة للغير، مثل خدمات الهاتف، الفاكس، الاتصالات المتعددة الأطراف، الاتصالات المرئية». وحول مصير«Waves»، وغيرها من شركات تقديم خدمات الإنترنت، طلب كريدية «منع تجديد أي ترخيص لأي شركة نقل معلومات». وأتى هذا الطلب بعد إنشاء شبكة نقل المعطيات من قبل وزارة الاتصالات.
وسبق لكريدية أن ذكّر وزارة الاتصالات في حزيران من عام 2024 بضرورة منع شركات خدمات الإنترنت، وشركات خدمات المعلومات، من إدخال أي تجهيزات يمكن أن تستخدم النطاقات التردّدية لخدمات الهاتف الخلوي من كل أجيالها. وعلّل طلبه باعتبار تشغيل هذه الأجهزة يحتاج إلى ترخيص خاص يصدر بقانون عن السلطة التشريعية، أي مجلس النواب.
واستجاب في حينها وزير الاتصالات السابق جوني القرم لطلب كريدية، وعمّم نفس المضمون على شركات الإنترنت، ورفض حتى إدخال هذه التجهيزات حتى على سبيل التجربة تحت طائلة المصادرة وإيقاف العمل بالتردّدات التي تعمل عليها، وأبلغ كتابه إلى كلّ من قيادة الجيش، ومديرية الجمارك.
وبالتدريج، بدأ الحاج يتنصّل من علاقته بشركة «ويفز» فأصدر بياناً يقول فيه إنه يحاول تطبيق القانون 431 وإن إقالة كريدية أتت في سياق تطبيق هذا القانون الرقم 431 الذي «أُقّر سنة 2002، ولم يُنفّذ بعد رغم انقضاء 23 سنة».
وقال إن تطبيق هذا القانون «يعني انتهاء التشتّت الحاصل في توزيع المسؤوليات وتعدّد المرجعيات، والذي نشأت بسبب فوضاه ظاهرة توزيع الإنترنت غير الشرعي، والأرباح غير المشروعة لبعض الجهات.
ويعني انتظام العمل في القطاع وشفافيته وإدارته بطريقة فعّالة»، وأن تطبيقه أيضاً يعني «إعادة الحياة إلى الهيئة الناظمة للاتّصالات التي وأدتها السياسة فور ولادتها، ولجهة استكمال إنشاء شركة “ليبان تيليكوم” التي أجهضتها السياسة قبل ولادتها». وأشار إلى أن «شركة ويفز ش. م. ل. العاملة في مجال الإنترنت والاتّصالات، قد خرج الوزير شارل الحاج نهائياً منها، بعدما باع أسهمه فيها، سنة 2012، ولم يعد يملك سهماً واحداً فيها» وأنه لم تعد لديه أي علاقة مهنية أو شراكة في ما خصّ الماركة التجارية «مدى» التي تملكها شركة «ويفز»، وأن شركة «ويفز سرفيسز» التي يملك الوزير حصصاً فيها هي شركة عقارية لا تتعامل مطلقاً بالاتّصالات وأي مجال مرتبط بالإنترنت وتوزيعه.