اخبار محليةالرئيسية

أورتاغوس في زيارتها الأولى للبنان: ماذا في جعبتها من رسائل؟

دوللي بشعلاني - الديار

لم تُنفَّذ “إسرائيل” إتفاق وقف إطلاق النار الذي أنجزه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قبل مغادرة إدارة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض. ومنذ الساعة الأولى لدخول الإتفاق حيّز التنفيذ خرقته مئات المرات على مرأى من لجنة المراقبة “الخماسية” المشرفة على تنفيذ الإتفاق من دون أن توجّه اليها أي انتقاد أو إدانة. الأمر الذي جعلها تتمادى فدمّرت المباني وحرقت الأراضي الزراعية ومزرعة للدواجن، وطالبت بتأجيل انسحاب قوّاتها من القرى الجنوبية الحدودية 21 يوماً تنتهي في 18 شباط المقبل، أضيفت الى المهلة الأساسية التي حُدّدت بـ 60 يوماً وأعطيت ما تريده بموافقة أميركية ولبنانية رسمية.

وينتظر لبنان خلال الأيام المقبلة، زيارة الوسيطة الأميركية مورغان أورتاغوس التي عندما أعلن الرئيس دونالد ترامب عن اختياره لها خلفاً لهوكشتاين بصفتها نائبة المبعوث الخاص للسلام في الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أوضح أنّه لم يكن سعيداً بذلك، لأنّها لم تكن مخلصة، بل حاربته لمدّة ثلاث سنوات عندما عملت في إدارة أوباما، لكنه أمل “أن تكون قد تعلَّمت درسها وأن تكون مصدر قوة لستيف، القائد العظيم والموهبة، ونحن نسعى الى تحقيق الهدوء والازدهار في منطقة مضطربة للغاية. أتوقّع نتائج رائعة قريباً”. فما الذي ستحمله مورغان خلال هذه الزيارة؟!

تقول مصادر سياسية مطّلعة بأنّ زيارة أورتاغوس الأولى الى لبنان، بعد تولّيها منصبها الجديد تأتي في أعقاب الإتفاق للذي تمّ التوصّل اليه بين لبنان و”إسرائيل” والذي مدّدت الصيغة الجديدة له الموعد النهائي لانسحاب الجيش “الإسرائيلي” من القرى الحدودية في جنوب لبنان الى 18 شباط المقبل. وتهدف الزيارة الى التعارف أولاً على المسؤولين اللبنانيين الذين سيعتادون بعد ذلك على زياراتها المتكرّرة، على ما كان يفعل هوكشتاين. وثانياً الى متابعة اتفاق وقف النار. وكانت “إسرائيل” طالبت بتمديد مهلة انسحابها شهراً أو أكثر لاستكمال تحقيق بنك أهدافها جنوباً، في حين أعطى لبنان مدة أسبوع إضافي لإنجاز انسحابها الكامل. أمّا موافقته على الأسابيع الثلاثة بعد ذلك، فأتت مشروطة بإفراج “إسرائيل” عن الأسرى السبعة لحزب الله.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا بعد 18 شباط، وهل سينسحب الجيش “الإسرائيلي” من جميع المواقع الحدودية التي يحتلّها خلال الفترة المحدّدة، أم سيبقى في المواقع الخمسة، على غرار ما فعل في انسحاب العام 2000، إذ بقي في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر والنخيلة لكي يُبقي النزاع قائماً مع لبنان؟!

وترى المصادر أنّ زيارة أورتاغوس المُقَرِّر إجراؤها في أوائل شباط المقبل، إِلَّا إذا طرأ أمر ما جعلها تعدّل موعد الزيارة، تأتي لحمل رسائل أميركية عدّة بقفّازات نسائية أنثوية هي:

١- نقل حرص الإدارة الأميركية على تطبيق الصيغة الجديدة من اتفاق وقف النار على الأرض، وتعزيز الإلتزامات بالسلام الذي يطمح اليه ترامب في الشرق الأوسط، ومعالجة القضايا الملحة المحيطة بالانسحاب المخطط للجيش “الإسرائيلي” من القرى الحدودية قبل 18 شباط المقبل، على أن ينتشر الجيش اللبناني في المواقع التي سيُخليها.

٢- التشديد على منع وجود أي سلاح غير شرعي في المنطقة باستثناء سلاح القوّات اللبنانية المسلّحة التي نصّ عليها الإتفاق.

٣- مناقشة مسألة إعادة “إسرائيل” للأسرى السبعة من حزب الله، والتي قدّم الحزب لائحة بأسمائهم تضمّنت إسم القبطان عماد أمهز الذي جرى اختطافه من منزله في البترون. مع الإشارة الى أنّ المفاوضات بشأن إطلاق سراحهم لن تكون بالسهولة التي يعتقدها البعض. فالجميع يعلم كيف تُراوغ “إسرائيل” ولا تلتزم ببنود الاتفاقات والصفقات، بل تحاول الاستفادة منها قدر المستطاع. من هنا، تجد بأنّه لا يُمكن توقّع ما يُمكن أن تُطالب به إضافة الى الصيغة الجديدة من الاتفاق للإفراج عن هؤلاء الأسرى؟ فهل تُطالب بالبقاء في المواقع الحدودية بعد 18 شباط بحجة حماية أمن مستوطناتها الشمالية واستكمال تفكيك البنية التحتية لحزب الله؟ أم سيكون لديها مطالب جديدة مثل خلق منطقة عازلة داخل الأراضي اللبنانية؟

وبالطبع فإن الموفدة الاميركية ستتفهم “شروط إسرائيل”، على غرار إدارتها، وتجعل من كلّ ما يجترحه “الإسرائيلي ” من ذرائع لبقاء قواته على الاراضي اللبنانية، أو غير ذلك، “إملاءات أميركية” تربطها بالمساعدات المالية لإعادة إعمار لبنان.

٤- العمل على تطبيق القرار 1701 الذي يختلف عن اتفاق وقف إطلاق النار. ويحتاج الأمر الى جولات مكوكية للوسطية اورتاغوس بين بيروت وتل أبيب لكي تتوصل الى تفاهمات على تنفيذ كامل بنوده ومندرجاته.

كذلك قد تُشارك أورتاغوس في اجتماع “آلية مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار” التي لم يصدر عنها حتى الآن أي كلام أو بيان رغم كلّ الخروقات التي قامت بها “إسرائيل” للإتفاق المذكور، وآخرها الإعتداءات التي طالت سكّان الجنوب والجيش اللبناني يوم الأحد الفائت لدى عودتهم إلى قراهم تزامناً مع انتهاء مهلة الـ 60 يوماً للإنسحاب، والتي أدّت إلى استشهاد 26 شخصاً وإصابة نحو 150. وتلاها بعد ذلك قصف منطقة النبطية. وكادت “إسرائيل” تقصف الضاحية الجنوبية، لولا بعض التدخّلات والضغوطات الخارجية لوقف التوتُّر كونه قد يؤدّي مجدّداً الى مواجهات عسكرية لا يريدها أحد.

ومن المتوقع أن تحمل أورتاغوس، التي كانت نشطة في الديبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط، وفق المصادر، رسائل رئيسية من واشنطن،، تهدف إلى ضمان التزام الطرفين بشروط وقف إطلاق النار. وتوفير الصيغة الجديدة إطاراً للسلام في ظلّ الإتجاه الى حلّ النزاعات الإقليمية الطويلة الأمد التي ابتليت بها المنطقة.

ولن تركز زيارتها على الجدول الزمني للانسحاب الفوري فحسب، بل ستتناول أيضًا قضايا أوسع تتعلق باستقرار المنطقة. ومن المتوقع أن تتواصل مع المسؤولين اللبنانيين وأصحاب المصلحة الدوليين الرئيسيين وممثلي قوات الأمن في لبنان و”إسرائيل” التي تزورها قبل لبنان. علماً بأنّ زيارة أورتاغوس قد تتزامن مع تلبية رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو دعوة الرئيس ترامب إلى واشنطن في ٤ شباط المقبل، ولا بدّ له من مناقشة الوضع على الحدود في جنوب لبنان، وجولة موفديه الخاصين الى لبنان والمنطقة من ضمن العناوين التي سيتطرّق اليها مع الرئيس الأميركي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى