على المسار الحكومي كانت زيارة الرئيس المكلّف لرئيس مجلس النوّاب في مقر رئاسة المجلس في عين التينة هي الحدث. وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ أجواء المباحثات بينهما كانت أكثر من إيجابيّة، حيث جرى عرض مفصّل لمجريات الأيّام الماضية، بدءاً من مرحلة ما قبل التكليف وصولاً إلى ما تلاها في استشارات التأليف والمواقف الخطوات التي رافقتها، ولاسيما مقاطعة الثنائي لهذه الاستشارات التي جرى التأكيد انّ هذه الخطوة إلى جانب عدم تسمية «الثنائي» للرئيس المكلّف في الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية جوزاف عون، لم تنطلقا على الإطلاق من اعتبارات شخصيّة مرتبطة بشخص الرئيس المكلّف، وخصوصاً انّه كان موضع قبول لديهما في فترة سابقة، بل من اعتبارات سياسية أملتها بعض المداخلات والتحوّلات التي ظهرت فجأة خلال الساعات القليلة السابقة لاستشارات التكليف.
وتشير مصادر المعلومات إلى أنّ مقاربة الرئيس المكلّف للملف الحكومي اتسمت بالانفتاح والتأكيد على تلاقي كل المكونات في هذه المرحلة، وارتكزت هذه المقاربة على رغبة شديدة في اطلاق مسار حكومي ضمن ورشة عمل دؤوب لإنقاذ البلد ومعالجة أزماته، يشترك فيها الجميع من دون استثناء، وبأعلى قدر من التعاون والتفاهم.
وبحسب المصادر عينها، فإنّ الرئيس بري، كان إيجابياً جدّاً في مقاربته، وانطلاقاً من تأكيده في مناسبات متعددة على «أنّ لبنان لازم يمشي ويقلّع خارج الأزمة»، أعرب عن الاستعداد للتعاون في كل ما يخدم تحقيق هذه الغاية. وهذه الرغبة في التعاون كانت مشتركة بينه وبين الرئيس المكّلف».
وأشارت مصادر المعلومات إلى أنّ البحث لم يتناول تركيبة الحكومة او حجمها، ولا التطرّق إلى أسماء الوزراء والحقائب المسندة اليها، ذلك أنّ هذا الامر عائد للبحث والتقدير بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف. علماً انّ الأجواء السائدة في المجال الحكومي تؤشر إلى أنّ الجو السائد على مستوى الرئاسات لا يؤشّر إلى احتمال حصول اشتباكات او التباسات على توزيع الحقائب الوزارية، ولاسيما ما تُسمّى الوزارات السيادية، كما تؤشر إلى أنّ التوجّه قوي إلى حكومة موسّعة من 24 وزيراً. وقالت المصادر إنّ أجواء اللقاء التي اتسمت بالإيجابية البالغة، تؤكّد أنّ ما تردّد في الايام الأخيرة عن احتمال مقاطعة ثنائي «أمل» و«حزب الله» لحكومة العهد الاولى وعدم المشاركة فيها لم يكن واقعياً على الاطلاق».
في غضون أيام
إلى ذلك، أبلغ مصدر رسمي إلى «الجمهورية» قوله: «انّ الاجواء إيجابية، ولا توجد أيّ موانع او عقبات أمام تشكيل الحكومة، وخصوصاً من قبل الثنائي، وتبعاً لهذه الاجواء، فإنّ التفاؤل كبير جدّاً في إمكان اعلان التشكيلة الحكومية الجديدة في غضون ايام قليلة».
مشاركة الثنائي
وقال مصدر مطلع على أجواء «الثنائي» لـ«الجمهورية»: «انّ نواب «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها الرئيس بري، ونواب «كتلة الوفاء للمقاومة»، لم يسمّوا الرئيس المكلّف، كما أنّهم قاطعوا الاستشارات النيابية غير الملزمة، إلّا أنّه لم يبدر عن الجانبين أيّ إيحاء او أي موقف او كلام علني يشي بأنّهما في وارد عدم المشاركة في الحكومة».
ولفت المصدر إلى انّ عدم مشاركة الثنائي في الحكومة امر تتمنّاه وتريده بعض الأطراف في الداخل التي تعمّدت استفزاز الثنائي، وساقها حقدها إلى الإعتقاد بوجود غالب ومغلوب، وانكساراً في المعادلة الداخلية وتوازناتها السياسيّة وغير السياسيّة لمصلحتها. في أيّ حال «الماء تكذّب الغطاس»، فلننتظر ماذا سيقول من ادّعى الانتصار المسبق، عندما تحين لحظة الجدّ وتُعلن التشكيلة الحكومية، وكيف سيتصرفون إن جاءت هذه التشكيلة مغايرة لما يشتهونه ويتمنّونه، وهل سيسلمون بالامر الواقع ويقبلون به عن مضض، ام انّهم سيعودون إلى التموضع من جديد في خانة المعارضة، وهذا ما لا نستبعده على الاطلاق؟
لقاء واعد
على أنّ الإيجابية التي طفت في أجواء التأليف، عبّر عنها الرئيس بري بجملة مقتضبة إنما تنطوي على دلالات واضحة، حيث اكتفى بالقول بعد انتهاء اللقاء الذي استمر ساعة مع الرئيس المكلف: «كان اللقاء واعداً». فيما قال الرئيس سلام بعد اللقاء: «الإستشارات انتهت اليوم بعد لقائي دولة الرئيس، وأريد أن أقول انّ هناك إجماعاً من جميع الكتل ومن النواب الذين التقيتهم على ضرورة النهوض سريعاً بالبلد والعمل على الإنقاذ، والإستعداد للتعاون الإيجابي».
وأشار إلى أنّه «لا توجد عراقيل من أحد، ولا أحد سوف يعطّل ولا أحد سوف سيسمح بالفشل بتشكيل الحكومة، نريد تشكيل الحكومة من أجل البدء بالعمل المطلوب للإنقاذ ليس غداً بل بالأمس». اضاف: «أؤكّد إنني ودولة الرئيس نقرأ في كتاب واحد هو الدستور، هذا كتابنا الوحيد الذي نعمل بموجبه سوياً، وأنا سأبقى على تواصل مع دولة الرئيس من الآن و حتى تشكيل الحكومة».
ورداً على سؤال حول توزيع الحقائب؟
أجاب: لا حقائب ولا أسماء ولا تصوّر للحكومة قبل أن أجتمع مع فخامة الرئيس والتباحث بالأمر معه.
وحول مشاركة الثنائي في الحكومة او عدمها. قال: سنعود للقاء غداً وبعد الغد. كل ذلك بعد اجتماعي مع فخامة الرئيس وبعد أن أكون قد وضعته بالأجواء وتفاهمنا على الخطوط. ولدي تصوّر أولي سأعرضه على فخامة الرئيس.
وقرابة السادسة مساء امس، زار الرئيس المكلّف القصر الجمهوري، وأطلع الرئيس عون على حصيلة المشاورات التي اجراها، ونتائج اللقاء الذي عقده مع رئيس مجلس النواب. وأكّد بعد اللقاء انّ اجواء الكتل كانت أكثر من إيجابية والحكومة لن يتأخّر تشكيلها.