الإدارة الأميركية و”الجولاني”.. من التعاون السري الى العلاقة المباشرة
إعداد فريق التحرير - دايلي ليبانون
“الجولاني” بمنظار أميركي.. “فاتح دمشق” في العصر الجديد
في خطوة تشكل ترجمة عملية للسياسة البراغماتية التي تعتمدها الولايات المتحدة الأميركية، أعلنت وسائل إعلام أميركية وغربية أنّ وفداً من الولايات المتحدة، بقيادة كبيرة الدبلوماسيين لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، باربرا ليف، سيصل إلى العاصمة السورية، دمشق، للقاء رئيس إدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع (الجولاني).
من جهتها أكدت صحيفة “فايننشل تايمز” البريطانية أنّ اجتماع الوفد، الذي يرسله الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالجولاني، سيكون أول اتصال رسمي مباشر بين واشنطن وزعيم “هيئة تحرير الشام”.
الجدير ذكره ان هيئة تحرير الشام بقيادة الشرع او الجولاني موضوعة على قوائم الإرهاب الأميركية، وبالتالي يأتي الخبرعن زيارة الوفد الأميركي الى دمشق للقاء زعيم التنظيم المذكور بمثابة أول لقاء علني ومباشر بين الجانبين، ما يثبت مجددا ان السياسة الأميركية تتبنى سياسة إزدواجية المعايير في التعاطي مع التطورات السياسية حيث لا توجد لديها محرمات او ثوابت في التعاطي مع الملفات والمسائل التي تصب في تنفيذ أجندتها في مختلف دول العالم، لا سيما تلك التي تعتبر مجاورة للكيان الصهيوني وتصب في خدمة أمن “إسرائيل” ومشروعها التوسعي في المنطقة، والذي ترجم بإحتلال مئات الكيلومترات في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، حيث باتت قوات الاحتلال الاسرائيلي على مسافة 12 كيلومترا من العاصمة دمشق.
ما سبق ذكره يفسر الإنفتاح الأميركي السريع على هيئة تحرير الشام التي باتت تتولى فعليا السيطرة الميدانية والسياسية في سوريا بعد سقوط النظام السابق الذي كان يقوده الرئيس بشار الأسد، وربما وجدت الفرصة سانحة لكي تعلن عن علاقتها المباشرة مع هيئة تحرير الشام بعد فترة من التنسيق والتعاون السري بين واشنطن والتنظيمات المسلحة في سوريا، خصوصا وان صحيفة “تلغراف” البريطانية كشفت قبل أيام أنّ الولايات المتحدة الأميركية دعمت ودرّبت مجموعة من المسلحين تحت مسمى جيش “مغاوير الثورة للانضمام إلى الهجوم الذي أطاح بنظام الأسد في سورية”.
وتجدر الإشارة الى ان جيش “مغاوير الثورة” يحتل الآن ما يقرب من خمس مساحة البلاد، بما في ذلك جيوب من الأراضي في شمالي العاصمة السورية دمشق، وفق وصحيفة “تلغراف” البريطانية فإن هذا الأمر يشير إلى أن واشنطن كانت على علم بالهجوم الذي قادته “هيئة تحرير الشام”؛ وكان لديها معلومات استخبارية دقيقة عن نطاقه أيضاً
كذلك أوضحت الصحيفة أنّه مع بدء الهجوم نحو العاصمة دمشق، في الثامن من كانون الأول الجاري، انتشرت قوات جيش “مغاوير الثورة” عبر الصحراء الشرقية، وسيطرت على طرق رئيسة، وانضمت إلى فصيلٍ مسلّح في مدينة درعا جنوبي سورية، وصل إلى دمشق قبل “هيئة تحرير الشام”. وتفيد معلومات بأنّ جيش “مغاوير الثورة” ومقاتلي “هيئة تحرير الشام” كانوا على تنسيقٍ وتعاونٍ جيد، وأنّ الاتّصالات بين المجموعتين كان الأميركيون ينسقونها في التنف.
ولعل ما يؤكد كلام الصحيفة البريطانية ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن في الأيام الماضية، بأن واشنطن أجرت تواصلاً مباشراً مع “هيئة تحرير الشام”، ويأتي ذلك بينما تدرس إدارة بايدن رفع منظمة “هيئة تحرير الشام” عن قوائم الإرهاب الأميركية، “من أجل التعامل معها بصورة أعمق”، وفق ما أكدت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
ما سبق ذكره يقود الى الإستنتاج بأن هناك خطوة أميركية ستُفضي الى رفع منظمة “هيئة تحرير الشام” عن لوائح الإرهاب بعد أن كانت وزارة الخارجية الأميركية تضع منذ أعوام، مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على زعيمها أبي محمد الجولاني، حيث تتهم واشنطن الجماعة بالوقوف خلف تنفيذ هجمات إرهابية متعددة في جميع أنحاء سوريا، كما ان هناك سلسلة أحكام صادرة عن الدولة العراقية ضد الجولاني على خلفية تورطه بمجازر وأعمال قتل في العراق خلال فترة تواجده ضمن صفوف تنظيم القاعدة ولاحقا في تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، قبل إنتقاله الى سوريا وتأسيسه أكثر من تنظيم مسلح وصولا الى هيئة تحرير الشام التي باتت اليوم تمسك بزمام الأمور في سوريا، ولعل ظهور الجولاني عبر شبكة cnn الأميركية رغم وجوده على لائحة الإرهاب الاميركية، ما هو الا مقدمة للإعتراف الاميركي بالجولاني وتقديمه بمنظار أميركي على أنه “فاتح دمشق” في العصر الجديد، وهذا ما يطرح أكثر من سؤال حول الدور والمهام الموكلة اليه والتي ستبدأ نتائجها بالظهور تباعا في الفترة المقبلة.