واشنطن أمام خيار مفصلي بين تسريع إنهاء الحرب أو تشريع الإبادة والتهجير
البناء
حضر أمس على المستوى الدبلوماسي بقوة، الكلام الإسرائيلي السابق عن ربط فشل التفاوض بوجود قائد حماس الشهيد يحيى السنوار، واعتبار الوصول إليه واغتياله او إخراجه من المعادلة شرطاً للانتقام من طوفان الأقصى، وبالتالي ممراً إلزامياً للتوصل إلى اتفاق من وجهة النظر الإسرائيلية، وهو إيحاء ضمنيّ بأن السنوار يعطل التوصل الى هذا الاتفاق، ليصبح السؤال المتداول داخل الكيان وفي واشنطن وأوروبا، هل واشنطن حسمت أمرها باستثمار اللحظة لمطالبة تل أبيب بوقف حرب الإبادة الوحشية والإجرامية بحق الفلسطينيين في غزة، وتسريع التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب ويؤمن تبادل الأسرى، كما تقول التصريحات الأميركية، أم أن واشنطن قد حسمت أمرها نهائياً بتشريع حرب الإبادة والتهجير وصولاً لتشريع ضمّ قطاع غزة والضفة الغربية وضمنها القدس، لتشريع الاستيطان فيها، ودفن كل كلام عن حل سياسيّ للقضية الفلسطينية وحل الدولتين؟
بالتوازي، نعت حركة حماس رسمياً، على لسان رئيس الحركة في قطاع غزة وممثل الحركة في مسارات التفاوض خليل الحية، وكان أبرز ما ورد في بيان النعي هو تأكيد المضي في نهج الشهيد السنوار، لمواصلة المقاومة حتى التحرير الكامل لتراب فلسطين. أما بخصوص التفاوض فقال الحية إن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس لن يُفرج عنهم إلا عندما يتمّ وقف الحرب نهائياً وتحقيق الانسحاب الشامل للاحتلال من كل قطاع غزة، وينال الأسرى الفلسطينيّون حريتهم.
في لبنان، تواصلت المواجهات على الحدود وعبرها، حيث تصدّت المقاومة للعديد من محاولات التقدّم والتسلل لجيش الاحتلال بقواته من المشاة أو عبر سلاح المدرعات، موقعة الخسائر بجيش الاحتلال، بينما تواصلت الغارات التي شنها جيش الاحتلال على مناطق لبنانية عديدة، خصوصاً في الجنوب والبقاع، بينما استهدفت المقاومة بصواريخها وطائراتها المسيّرة حيفا والجليل الغربي والجليل الأعلى ونالت صفد نصيباً وافراً منها، فيما كان بيان غرفة عمليات المقاومة الصادر أمس، عن الانتقال إلى مرحلة نوعية جديدة موضوع عناية من الجهات الدبلوماسية المتابعة لمسار الحرب كعلامة على تعافي المقاومة ووقفها على قدميها وإمساكها بزمام المبادرة في الحرب.
سياسياً، كان لافتاً للمسؤولين اللبنانيين والأوساط السياسية والدبلوماسية ما ورد على لسان المبعوث الأميركي الرئاسي أموس هوكشتاين حول الدعوة إلى تعديل القرار 1701، كتعبير عن التلاقي الأميركي الإسرائيلي على التفاوض قبل وقف النار وهو ما أسماه وزير حرب الكيان يوآف غالانت بالتفاوض تحت النار، بينما كان البيان الأميركي الفرنسي الذي أيّدته عشر دول غربية وعربية، واضحاً في الدعوة لأولوية وقف إطلاق النار والتفاوض بعدها على آليات تطبيق القرار 1701 وليس على تعديله.
بعد شهر من حصر دائرة ما يُسمّى بالتحذيرات الإسرائيلية بالضاحية الجنوبية ووجوب اخلاء مبانٍ محددة قبل استهدافها، خرج المتحدث باسم العدو الإسرائيلي افيخاي أدرعي أمس، ليعمّم تحذيراته بقاعاً وجنوباً على قرى وبلدات استهدفتها الغارات خلال أقل من ساعة من منشوراته.
وفي موازاة توالي الغارات الإسرائيلية من جهة وما تحققه المقاومة من إنجازات في الميدان من جهة أخرى، استمرت الاتصالات السياسية لمحاولة لجم التصعيد الإسرائيلي.
وناقش وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت العمليات الإسرائيلية في لبنان والوضع الإنساني في غزة، بعد رسالة وجّهتها واشنطن في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى «إسرائيل» وحثتها فيها على تحسين الوضع الإنساني في غزة. وأفاد البنتاغون في بيان بأن أوستن «شجّع حكومة «إسرائيل» على مواصلة اتخاذ خطوات لمعالجة الوضع الإنساني الملحّ، مع الأخذ في الاعتبار التحرك الأحدث من جانب «إسرائيل» لزيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة».
وتلقى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن اتصالاً من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تناول تطورات المنطقة ومستجدات جهود الوساطة لإنهاء الحرب وسبل خفض التصعيد في لبنان.
وأمس، التقى وزير الخارجيّة المصري بدر عبد العاطي نظيره الإيراني عباس عراقجي معلنًا «رفض مصر الكامل المساس بالسّيادة اللّبنانيّة، وضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي اللّبنانيّة وسلامتها». وأكّد «أهميّة تضافر الجهود لوقف إطلاق النّار بشكل فوري، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 بعناصره كافّة من جميع الجهات ودون انتقائيّة».
كما شدّد فى هذا السّياق على «أهميّة تمكين المؤسّسات اللّبنانيّة ودعمها فى هذه المرحلة الحرجة، وتحديدًا الجيش اللبناني، لتمكينه من بسط سلطته ونفوذه على كامل الأراضي اللّبنانيّة، ضمانًا للأمن والاستقرار في لبنان الشّقيق». وركّز على «الملكيّة الوطنيّة اللّبنانيّة فى ملف الشّغور الرّئاسي»، لافتًا إلى أنّ «القرارات ذات الصّلة بهذا الموضوع لا بدّ وأن تتمّ في إطار التّوافق اللّبناني، دون إملاءات خارجيّة».
ليس بعيداً، أصدرت وزارة الدفاع الإيطالية بياناً جاء فيه «عقد أول أمس، مؤتمر عبر تقنية الفيديو ضم دول الاتحاد الأوروبي الـ 16 عن أهمية الحفاظ على الاستقرار في لبنان، وتمّ التشديد على أن أي قرارات بشأن مستقبل مهمة اليونيفيل يجب أن تتخذ بالإجماع في الأمم المتحدة مع الرغبة المشتركة في ممارسة أقصى قدر من الضغط السياسي والديبلوماسي على «إسرائيل»، لوقف اعتداءاتها. واتفقت الدول الـ16 على ضرورة تعزيز القوات المسلحة اللبنانية، من خلال الدعم التدريبي المناسب والتمويل الدولي، حتى تتمكّن من أن تصبح قوة ذات مصداقية تساهم في استقرار المنطقة بدعم من «اليونيفيل»».
وتزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لبنان اليوم، حيث ستلتقي المسؤولين اللبنانيين وستبحث معهم ملف الحرب على لبنان وأزمة النازحين السوريين وأفيد أن هدف الزيارة أيضاً دعم الجنود الإيطاليين من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وكشف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي أن «هناك اتصالات ثنائية ومجموعات من الدول في الشأن الخاص بلبنان والجامعة العربية تتابع كل تلك الاتصالات وتسعى لأن تكون دائماً محاطة بها والقرار 1701 جميعنا معنيّون بتطبيقه وكذلك لبنان والوضع الخاص بلبنان أراه من الناحية السياسيّة فيه سهولة أكثر من الشأن الفلسطيني».
وأمس، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث تناول البحث المستجدات السياسية والميدانية في ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان وملف النازحين. واستقبل رئيس المجلس سفير فرنسا هيرفيه ماغرو، وتمّ عرض لتطورات الأوضاع في لبنان والمستجدات السياسية وأجواء التحضيرات للمؤتمر الدولي الذي ستنظمه فرنسا دعماً للبنان. وعرض برّي مع مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي الأوضاع الأمنيّة.