اخبار عربية ودوليةالرئيسية

مشاريع «الحكم البديل» تتعرقل: مطلوبٌ عملاء

يوسف فارس - الاخبار

لم تفضِ عشرة أشهر من الحرب المتواصلة على قطاع غزة، إلى تحقيق أهم هدف من أهداف الحرب، وهو القضاء على حكم حركة «حماس». صحيح أن القصف الجوي ثم التوغل البري، دمّرا الأصول العمرانية المؤسساتية للحكم، من وزارات ومؤسسات وبلديات ومراكز شرطة، لكن بقي العامل المقترن بالإنجاز، والمتمثّل في إيجاد البديل الذي يمتلك عاملَي الاستعداد والقدرة، على أن يكون بديلاً لـ«حماس» في القطاع، غير متحقّق، علماً أن الاحتلال يعلن بلا أي مواربة أو تجميل، أنه يريد بديلاً متعاوناً وصديقاً، في ما يمثل التعريف المفاهيمي للعمالة والخيانة، التي يرفض حتى الخونة ضمناً، أن يقبلوا وصفهم بها على هذا النحو الفجّ. وخلال الأشهر الماضية، مرّت عمليات البحث عن بديل يقبل بدخول القطاع على ظهر دبابة، بالعديد من التجارب التي أفضت إلى اللاشيء. فمن محاولات استمالة العشائر، ثم التنسيق مع التجار، إلى تهريب عناصر أمنيين مجهولي الأب في داخل شاحنات البضائع إلى شمال القطاع للسيطرة على الأوضاع الأمنية بقوة السلاح، ثم تضخيم دور المؤسسات الدولية وهيئات «المجتمع المدني»، تحولت مسألة إدارة القطاع أو حتى المشاركة في إدارته إلى تهمة تتطلب الخروج بتصريحات صحافية لنفيها. ومن نماذج ذلك، اضطرار قائد «التيار الإصلاحي» في حركة «فتح» المموّل إمارتياً، محمد دحلان، للخروج بتصريح صحافي أكد فيه أنه لن يقبل بأي دور أمني أو حكومي أو تنفيذي في المرحلة القبلة، وذلك رداً على معلومات نقيضة لتصريحه نشرتها صحف أجنبية وكرّرت «هيئة البث الإسرائيلية» نشرها.
الأجهزة الأمنية التابعة لحركة «حماس» هي الحاضر الغائب دائماً في المشهد

وأمام اصطدام المساعي الإسرائيلية بالجدار، وحرص المؤسسة الأمنية على توفير البديل الذي يعصمها من الاضطرار للغرق في وحل إدارة القطاع أمنياً، لجأت المخابرات الإسرائيلية أخيراً إلى محاولة التواصل المباشر مع الأهالي في شمال غزة، إذ أرسل ضباط يحملون أسماء عربية، الآلاف من الرسائل النصية على هواتف المواطنين، والتي يدعونهم فيها إلى التواصل عبر تطبيق «واتسآب»، للمشاركة في القضاء على «حماس» وتقويض حكمها. ورغم ما يحمله هذا الإجراء من دلالات على صعيد الشحّ المخابراتي والمعلوماتي والحاجة الماسة إلى تجنيد العملاء، فإنه يعكس أيضاً مستوى العبث والفراغ الذي تمضي فيه محاولات البحث عن بديل لـ«حماس».
على الأرض، ورغم أن السيطرة وأنظمة الحوكمة ليست في أفضل أحوالها، حيث تفرض الحرب قوانينها من دون تدخل حقيقي لحماية الجبهة الداخلية، فإن الأجهزة الأمنية التابعة لحركة «حماس» هي الحاضر الغائب دائماً في المشهد، إذ لا حضور علنياً في الشوارع، ولكن لا غياب عن أدنى تفصيل، فيما يبدو أن المؤسسات الحكومية تنحني لرياح التهديد وتحاول الاقتصاد في خسائرها من الكوادر والكفاءات الذين هم عرضة للاغتيال والملاحقة، لكنها ليست في وراد الإذعان لعملية الاجتثاث.
ووفقاً لمصدر في «حماس»، فإن الحركة تدرك أن المرحلة المقبلة «قد تحتاج إلى تنازلات كبرى على صعيد الحكم الذي لا تبدي قيادة الحركة تمسكاً به أصلاً، من أجل الوصول إلى المرحلة التي تراعي مصلحة سكان القطاع وحاجاتهم التنموية والإغاثية». ويشدد المصدر على أن هذا «لا بد أن يكون شأناً فلسطينياً داخلياً، يمكن حله بالتوافق مع الأحزاب الفلسطينية والكفاءات الوطنية، من دون تدخل إسرائيلي يريد أن يفرض قيادة عميلة تضع حاجاته الأمنية في سلّم أولوياتها».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى