رياضة

بلاد «العم سام» غير جاهزة لاستضافة المونديال

توازياً مع «الضبابية» السائدة حول مستقبل الانتخابات الأميركية، تبدأ غالبية أندية أوروبا لكرة القدم جولاتها التحضيرية في الولايات المتحدة بعد أيام.هو «تقليدُ» تكرّر في السنوات الماضية لأسبابٍ واضحة، منها ما يتعلّق بتوسيع العلامة التجارية العالمية للفرق في دولةٍ تتبنّى كرة القدم بشكل متزايد أخيراً، ما يؤمن منصة «مهمة» للتواصل مع قاعدة جماهيرية جديدة تماماً. إضافةً إلى ذلك، يتيح لعب مباريات ما قبل الموسم في الولايات المتحدة أيضاً فرصاً ماليةً جديدة للأندية الأوروبية، بحيث تؤدي هذه الإستراتيجية إلى ارتفاع مبيعات البضائع، وصفقات الرعاية، ومبيعات حقوق البث التلفزيوني…
وبعيداً من تركيز إستراتيجيات الأندية التسويقية على بلاد «العم سام» طمعاً بعائدات الولايات «النامية كروياً» في المدة الأخيرة، سوف تشكّل الجولة الصيفية اختباراً حقيقياً لرؤية ردة فعل القيّمين على الملاعب الأميركية قبل استضافة البلاد كأس العالم 2026 إلى جانب المكسيك وكندا، خاصةً بعد بطولة كوبا أميركا المخيبة من الناحية التنظيمية.

الأمن غائب
شهدَ نهائي كوبا أميركا لكرة القدم بين الأرجنتين وكولومبيا مشاهد فوضوية على ملعب هارد روك في ميامي. وازدحمَ الملعب الذي يتّسع لأكثر من 65 ألف متفرج، عندما اندفعَ مشجعون لا يحملون تذاكر إلى البوابات وتسلّقوا الحواجز الأمنية وفتحات الهواء للدخول. على خلفية الفوضى العارمة، تضررت مرافق الملعب، وتم طرد المشجعين الذين حصلوا على التذاكر من مقاعدهم عبر الحشود التي لم تدفع ثمنها، قبل أن تتأجل المباراة في النهاية لأكثر من 80 دقيقة.
الفوضى تفاقمت مع اعتقال 27 شخصاً، بمن في ذلك رئيس اتحاد كرة القدم الكولومبي رامون جيسورون وابنه، إثر اتهامهما بمهاجمة ثلاثة حراس أمن منعوهم من الوصول إلى الملعب، فيما أعلنت شركة «Miami-Dade Fire Rescue» أنها استجابت لما مجموعه 120 حادثاً في الاستاد والمنطقة المحيطة به (116 منها كانت بسبب مكالمات طبية).
إضافة إلى مخاوف القصور الأمني الحاصلة في المباراة النهائية تعرضت عدد من الملاعب الأميركية لانتقادات أيضاً بسبب مشكلات تتعلق بالعشب

على ضوء النهائي «الكارثي»، أُثيرت تساؤلات جدية حول مدى استعداد الولايات المتحدة لاستضافة أحداث كبرى في كرة القدم قبل عامين فقط من العرض العالمي، خاصةً مع قرار استقبال بلاد «العم سام» لـ78 مباراة من أصل 104 مباريات في كأس العالم (تُقام باقي المباريات في كندا والمكسيك).
تجدر الإشارة إلى أن نهائي «مونديال 2026» سوف يُقام على ملعب ميتلايف في نيوجيرسي، بينما سيستضيف ملعب هارد روك الذي تحوّل في نهائي كوبا إلى كارثة حقيقية، سبع مباريات، بما في ذلك مباراة تحديد المركز الثالث.
سوء حالة التنظيم لخّصته جهات رياضية مختلفة، على رأسها اتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم، الذي انتقد بعد النهائي ملعب هارد روك في بيانٍ صحافي قائلاً إن «مسؤولي الاستاد فشلوا في مراعاة توصيات السلامة التي قدمها الاتحاد».

سوء الأرضيات
إضافة إلى مخاوف القصور الأمني الحاصلة في المباراة النهائية، وقبلها عندما اشتبك لاعبو منتخب أوروغواي مع مشجعي كولومبيا في المدرجات ضمن مباراة نصف النهائي، تعرضت عدد من الملاعب الأميركية لانتقادات أيضاً بسبب مشكلات تتعلّق بالعشب، حيث اتصف غالبيتها بأنها غير جاهزة خاصةً وأنها شُيّدت أساساً للعب كرة القدم الأميركية (روغبي). عليه، حال التقاعس من دون تجهيز الملاعب بالشكل الملائم وفي الوقت المناسب، ما أثار قلق اللاعبين والمدربين.
وسابَقَ القيمون على البطولة الزمن قبل ثمانية أشهر فقط من انطلاقها، خاصةً بعد قرار توحيد الأبعاد في جميع الملاعب المضيفة لتتوافق مع حجم 100م × 64م (الحد الأدنى للنطاق الموصى به من قبل الفيفا)، إضافةً إلى إلزام كل الملاعب المجهزة بعشب صناعي على تغطية سطحها بعشب حقيقي…
كان لافتاً أن عملية تغطية العشب الحقيقي في أتلانتا بدأت قبل ثلاثة أيام فقط من المباراة الافتتاحية، ما جعل مدرب منتخب الأرجنتين ليونيل سكالوني يصرّح غاضباً بعد المباراة الافتتاحية لمنتخب بلاده: «لقد علموا قبل سبعة أشهر أننا سنلعب هنا وقاموا بتغيير الملعب قبل يومين… بصراحة الملعب غير مناسب لمثل هذه النوعية من اللاعبين. لم يكن في وسعنا أن نفعل الكثير مع ظروف الملعب».
وسارَ آخرون على نهج سكالوني، منهم مدرب الأوروغواي مارسيلو بيلسا الذي شنَّ هجوماً لاذعاً على اتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم بسبب ما عدّه فشلاً في حماية اللاعبين وعائلاتهم على خلفية أحداث الشغب في نصف النهائي أمام كولومبيا، قبل أن يستهدف جودة الملاعب. وقال بيلسا: «كل الأكاذيب التي رووها. إنهم يعقدون مؤتمرات صحافية ويقولون: لا، الملاعب مثالية، وملاعب التدريب مثالية. لدي كل الصور التي تظهر أن هذه كلها أكاذيب. هذا هو وباء الكذابين. الآن، لقد قلت بالفعل كل ما وعدت به المنظمين والاتحاد ولن أقوله. هذه كلها عقوبات قادمة».
بطولة كوبا أميركا عكست معاناة الولايات المتحدة في استضافة الأحداث الكروية الكبرى، علماً أن القيّمين على القطاع الكروي في بلاد «العم سام» حمّلوا المسؤولية إلى «كونميبول» الذي أشرفَ على تنظيم البطولة، وسطَ تأكيدات بأن كأس العالم 2026 سيكون أفضل إثر إشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على التنظيم.
صحيح أن مدّة عامين كافية نسبياً للتحسّن، غير أن «البروفا» الكارثية التي حصلت في كوبا أميركا تنبئ بإنتاج سيّئ مرتقب في حال لم يتم تدارك الأمور سريعاً. الجولة التحضيرية لأندية أوروبا قد تعطي صورة أوضح عن مدى اهتمام القيّمين في الولايات المتحدة على تنمية كرة القدم.

تنطلق اليوم الأربعاء منافسات كرة القدم ضمن أولمبياد باريس وذلك قبل حفل الافتتاح المقرر الجمعة.
وتلعب اليوم (الساعة 16:00) أوزبكستان مع إسبانيا والأرجنتين مع المغرب. وسيغيب عن الأرجنتين بطلة كوبا أميركا والعالم النجم ليونيل ميسي وزميله انخيل دي ماريا، كما سيغيب كيليان مبابي وانطوان غريزمان عن المنتخب الفرنسي المستضيف.
والساعة 18:00 من عصر اليوم تلعب مصر مع الدومينيكان وغينيا مع نيوزيلاندا، على أن تلتقي العراق مع أوكرانيا واليابان مع باراغواي الساعة 20:00. وتختتم المنافسات بلقاء الساعة 22:00 بين فرنسا وأميركا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى