أكّد مدير عام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي، انّ الضمان وضع على السكة، وانّ تغطية بعض العمليات الجراحية ارتفعت الى 90%، بحيث يدفع المواطن فقط فرق الـ 10%، لكن تبقى مسألة تعويضات نهاية الخدمة والتزام ارباب العمل بالتصريح الفعلي عن رواتب الموظفين، موضع تجاذبات.
العلاقة بين الهيئات الاقتصادية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تشبه كثيراً العلاقة بين المودعين والمصارف، فأرباب العمل أودعوا على مرّ السنوات نحو 8 مليارات دولار في الصندوق، الّا انّ هذه الاموال ضاعت وفقدت قيمتها. فمن جهة يصعب على ربّ العمل الإيداع مجدداً من دون ضمانات او تغييرات اساسية في هيكلية الصندوق، ومن جهة اخرى ورغم مرور 5 سنوات على الأزمة، لا تزال التغطيات الاستشفائية التي يقدّمها الضمان من دون قيمة. لذا عمدت بعض المؤسسات إلى خلق تأمين خاص لموظفيها.
هذه المعضلة عادت الى الواجهة مجدداً، بعدما اعتبر المدير العام للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي محمد كركي في تصريح ضمن برنامج المشهد اللبناني عبر «الحرة»، أنّه كي يعود الضمان الى سابق عهده ويدفع كالسابق، على أصحاب العمل أن يدفعوا اشتراكات الموظفين، لكن للأسف وباعتراف رؤساء الهيئات الإقتصادية، أرباب العمل يدفعون أقل من 10% من الإشتراكات للضمان الإجتماعي.
وكشف كركي انّ 90% من الشركات تصرّح برواتب غير صحيحة وأقّل من الواقع، كي لا تدفع الإشتراكات الفعليّة للضمان، الأمر الذي يؤثر على قيمة تعويضات نهاية الخدمة.
وشدّد كركي، أنّ الشركات التي تصرّح بالراتب الفعلي لموظفيها، وتدفع الإشتراكات بطريقة صحيحة، يمكن للموظف أن يسحب تعويضه على سعر صرف 89000 ليرة، وهذا ما تحاول الهيئات الإقتصادية الهروب منه، لكي لا يتمّ دفع تعويضات كبيرة لنهاية الخدمة.
واعتبر انّ الحل لمشاكل كل اللبنانيين هو وضع قانون التقاعد والحماية الإجتماعية الذي اُقرّ نهاية عام 2023 موضع التنفيذّ، ولكن هذا القانون بحاجة الى مراسيم تطبيقيّة، وللأسف كان يجب أن يصدر أول مرسوم في بداية هذا العام.
فهد
في هذا الاطار، أكّد نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان عضو الهيئات الاقتصادية نبيل فهد لـ«الجمهورية»، أنّ «الهيئات الاقتصادية متعاونة ومتجاوبة مع كل الطروحات التي تؤدي الى اعطاء كل موظف حقه من دون ان تشكّل عبئاً على المؤسسة». وأكّد فهد «اننا نتوافق مع الضمان على ضرورة التصريح الفعلي عن الاجور، خصوصاً انّ التهرّب يضرّ بالمؤسسات وبالموظفين وبمؤسسة الضمان على السواء، لذا نحن نوافق السيد كركي على ضرورة التوقف عن التهرّب من دفع الاشتراكات او عدم التصريح عن الاجور بالكامل، خصوصاً انّ من مصلحة المؤسسات ان يستعيد الضمان عافيته ووضعه المالي السليم كي يتمكن مجدداً من تقديم الخدمات للمضمومين كما ما قبل الأزمة. ونحن نتمنى ان تحصل مراجعة للمضمونين اي مَن مِن المضمونين يحصل على خدمات الضمان، واذا كانت الاشتراكات التي تُدفع للضمان تأتي من المؤسسات التي ينتمي اليها المضمونون».
واعتبر انّه «يجب على كل من الهيئات الاقتصادية والضمان الاجتماعي التعاون والعمل سوياً لايجاد الحلول. فالمشكلة الاساسية ليست لدى الهيئات انما في اموال تعويضات نهاية الخدمة التي تبخّرت مثل الودائع مع انهيار سعر الصرف وباتت بلا ذات قيمة، لكن هذه الاموال والمقدّرة بنحو 8 مليار دولار دفعتها الشركات على مدى عشرات السنين لموظفيها وائتمنت الضمان الاجتماعي فرع نهاية الخدمة عليها، والذي يفترض به ان يردّها للموظفين. اما بعد خسارة هذه الأموال، بات الاهم بالنسبة الينا المحافظة على حقوق موظفينا، فكيف يمكننا القبول بأن يأخذ موظفونا تعويض نهاية الخدمة وفق سعر صرف 1500 ليرة؟ فالاموال التي جمعناها على مدى سنوات خسرت اليوم 60 مرّة من قيمتها، لذا كهيئات يجب ان نتعاون مع الضمان من اجل اعادة تكوين هذه المبالغ حتى نتمكن من دفعها لموظفينا متى استحقت. ومن الحلول التي نقترحها تقسيط المدفوعات خصوصاً انّ ليس كل الموظفين يحالون الى التقاعد في الوقت نفسه».
قانون المعاش التقاعدي
ورداً على سؤال، اوضح فهد انّ قانون المعاش التقاعدي الذي اقرّه مجلس النواب العام الماضي يفيد بأنّ كل الافراد العاملين من هم دون الـ49 عاماً، ينالون حكماً معاشاً تقاعدياً متى وصلوا إلى سن التقاعد اي 64 عاماً، اما من تتراوح اعمارهم بين 49 و58 عاماً سيكون لديهم حق الاختيار بين المعاش التقاعدي وتعويض نهاية الخدمة متى وصلوا الى سن التقاعد. الصعوبة في هذه الفئة انّه ليس معروفاً بعد عدد الذين سيختارون المعاش التقاعدي او التسوية، فيما تحتاج الشركات لمعرفة ذلك مسبقاً، كي توفر التمويل له. وفي السياق، طلب رئيس الحكومة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية إعداد دراسة علمية بهذا الخصوص وتقديم طرح متوازن بشكل لا يشكّل عبئاً على الشركات وفي الوقت نفسه يعطي الموظف حقه. ونحن كهيئات اعطينا موافقة مبدئية على هذا الطرح، ولا نزال بانتظار الحصول على مزيد من المعلومات أكان من حيث الاشتراكات أو سنوات التقسيط.
تبقى فئة الموظفين الذين تتراوح اعمارهم بين 58 الى 64 وهؤلاء سيقبضون تعويض نهاية الخدمة او التسوية حسب القانون القديم. وهنا المطلوب من الضمان ان يدفع لهم ذلك على ان تساهم الشركات بإعادة مبالغ نهاية الخدمة الخاصة بهم».
كما دعا فهد الدولة لتحمّل مسؤولياتها ودفع متوجباتها للضمان كي يتمكن من تقديم خدماته وليس الاكتفاء بالتركيز على تقصير الشركات.
التأمين الخاص بديل الضمان؟
من جهة أخرى، ورداً على ما تردّد عن سعي الهيئات الاقتصادية للسير بخيار التأمين الخاص لموظفيها كبديل عن الضمان، اوضح فهد انّ هذا المشروع المقدّم هو اختياري للموظف وموقت ويمتد لخمس سنوات. لكن المشكلة انّ كلاهما، التأمين الخاص والضمان مكلفان والسير بهما سوياً يفرض عبئاً مضاعفاً على المؤسسات. لذا طرح هذا المشروع لفترة انتقالية ريثما تعود ثقة الموظفين بتقديمات الضمان وخدماته.