اسبانيا حاملة راية كراهية الغرب للصهاينة.. على المُطبعين أخذ العبر
د. يوسف حسن
عندما استدعى أحد النواب في الكونغرس الإسباني وزير خارجية هذا البلد خوسيه مانويل ألباريز إلى البرلمان وسأله عن سياسة إسبانيا تجاه الإبادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل وطالبه باتخاذ موقف جدي ضد الكيان الصهيوني، رد وزير الخارجية الاسباني قائلاً: أرجو تسمية دولة أوروبية واحدة فقط اتخذت مواقف أكثر جدية من إسبانيا ضد سلوك إسرائيل في غزة، ولم يكن لدى ممثلها إجابة على ذلك.
في الواقع هذه حقيقة السياسة الخارجية التي انتهجتها اسبانيا طيلة الأشهر الثمانية التي تلت بداية العدوان على غزة. القرارات التي أصبحت تدريجياً أكثر جدية وصرامة، في وقت تتجه فيه سياسة مدريد الآن نحو إدانة الكيان الصهيوني. وكانت الحالة الأخيرة لهذه السياسة هي الاعتراف بالدولة الفلسطينية في 28 مايو. تم الإعلان عن هذا القرار بموافقة مجلس الوزراء الإسباني وشكل مرة أخرى تحديًا للعلاقات بين البلدين.
في شرحه لهذا القرار، قال رئيس الوزراء الإسباني سانشيز إن هذا القرار يتماشى مع دعم القانون الدولي لأن نتنياهو ليس لديه أي التزام بحل الدولتين أو حتى خطة السلام لفلسطين.
واستمراراً لإجراءاتها الانتقامية، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن قرار جديد رداً على إعلان اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية، وكذلك على التصريحات المعادية للسامية للسيدة يولاندا دياز كما تدعي اسرائيل، لا سيما انها استخدمت عبارة “من النهر إلى البحر” في كلمتها. وبموجب هذا القرار تم قطع الاتصال بين البعثة الدبلوماسية الإسبانية التي تتوسط بين إسرائيل وفلسطين. وبعد ذلك سيتم إيقاف تقديم الخدمات القنصلية في القدس للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية بعد اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية.
وأعلنت وكالة يوروبرس للأنباء نشر بيان موقع من 127 مجموعة بحثية جامعية في إسبانيا. ويدعو هذا البيان الحكومات وأساتذة الجامعات إلى وقف أي تعاون مع الجامعات والمؤسسات الإسرائيلية التي تكون على علاقة الإبادة الجماعية في فلسطين أو ترافقها أو تمارس الفصل العنصري أو تساعد على تفشيه.
وفي هذا البيان، بالإضافة إلى إدانة الإجراءات الإسرائيلية، دعا الموقعون إلى توفير التمويل لاستضافة ودعم الطلاب وموظفي الجامعات في فلسطين المعرضين للخطر حاليا. كما أن إنهاء كافة العلاقات التجارية بين إسبانيا وإسرائيل هو أحد المطالب الأخرى لهذا البيان.
كما أعلن خوسيه مانويل ألباريز في مؤتمر صحفي يوم 28 مايو أن الحكومة الإسبانية ستنضم إلى جنوب أفريقيا في المشاركة في القضية المفتوحة أمام محكمة العدل الدولية ضد الجرائم الإسرائيلية.
وقال “إن هدفنا الوحيد هو إنهاء الحرب”، ونحن نفعل ذلك أيضًا بسبب التزامنا بالقانون الدولي ورغبتنا في دعم المحكمة في عملها لتعزيز دور الأمم المتحدة ودعم دور المحكمة باعتبارها أعلى هيئة دولية وقضائية”.
وأضاف: “نظرًا لفشل الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ طلب محكمة العدل الدولية بوقف الحرب؛ ودعم احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، فإننا نتدخل في العملية التي بدأتها جنوب أفريقيا”. وسنظل على الجانب الصحيح من التاريخ من أجل السلام والرخاء ودعم الشرعية الدولية.
إن تصرفات إسبانيا على المستوى الحكومي والشعبي الداعمة لفلسطين تظهر حيوية الأخلاق وحماية حقوق الإنسان وكرامته، وهو ما رفضت العديد من الدول القيام به على الرغم من قربها من فلسطين.
فإذا دعمت بعض الحكومات العربية والإسلامية فلسطين بدلاً من الاستمرار في علاقتها العلنية والخفية مع إسرائيل، فإن التحالف المناهض لإسرائيل سيتعزز ويمارس المزيد من الضغوط على الصهاينة، وربما يستشهد عدد أقل من الأطفال في غزة.