كان معظم نواب وقياديي الحزب “التقدمي الاشتراكي” مقتنعين بأن اي مبادرة او حراك يقومون به لاخراج الازمة الرئاسية من عنق الزجاجة لن يوصل الى نتيجة في هذه المرحلة. الا انهم وبالرغم من ذلك لم يردّوا الفرنسيين خائبين حين طلبوا منهم اقناع القوى السياسية بجدوى التفاهم والحوار لتحقيق الخرق الرئاسي المنتظر. اضف ان مما لا شك فيه ان “مونة” رئيس المجلس النيابي نبيه بري على الزعيم الدرزي وليد جنبلاط كان لها هي الاخرى دور اساسي بالتحرك الاشتراكي الاخير. تحرك اقتربت من نهايته غير السعيدة ولكن المتوقعة.
يقول احد نواب “الاشتراكي” تعليقا على الفشل المتوقع:”نحن نعلم ان الجليد سميك ولا يمكن كسره بسهولة، لكننا بنهاية المطاف لا يمكن ان نترك الخارج يتحرك ويسعى ونحن في الداخل متفرجون لانه في نهاية المطاف سيستسلم هذا الداخل ويتركنا “لنقلّع شوكنا بايدنا”. ويشير المصدر “الاشتراكي” الى ان “الموقع الوسطي الذي يشغله حاليا تكتل “اللقاء الديموقراطي” والذي يسمح له بالتواصل والتنسيق مع كل القوى، يفترض ان يكون نقطة قوة ينطلق منها”. ولا يخفي المصدر ان السبب الاساسي لاقتراب فشل المسعى الذي يقوم بشكل اساسي على التفاهم والحوار، هو “رفض حزب “القوات اللبنانية” اي طرح من هذا النوع واصراره على الدعوة لجلسة انتخابية مباشرة، من دون ان ينكر ان تمسك “الثنائي الشيعي” بمرشحه يشكل عقبة اساسية ايضا باتجاه اي حل”.
بالمقابل، يعتبر القواتيون ان “الاشتراكيين يحاولون اليوم امساك العصى من وسطها”، وهم يشعرون انهم باتوا اقرب الى فريق “الثنائي الشيعي” منهم الى المعارضة، وان كانت معراب تتجنب اعلان ذلك وانتقاده حرصا على الحفاظ على العلاقة قائمة مع الشريك الدرزي الذي لم يخرج حتى الساعة لاعلان التخلي عن ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور. فلماذا دفعه خارج “فريق التقاطع الرئاسي” ما دام هو لم يخرج نفسه منه بعد؟!
وتختلف معراب وكليمنصو كليا على مقاربة ملف الوضع في الجنوب وقرار حزب الله اتخاذ جبهة لبنان جبهة دعم واسناد لغزة، وهذا الملف الاستراتيجي لا شك يعمّق الهوة بين الطرفين وان كان هناك حرص متبادل على عدم نسفها لمصالح مشتركة. فـ “القوات” المتهم بالسعي لتزعم المعارضة وفرض اجندته عليها يخشى ان تتركه هذه القوى وحيدا في منتصف الطريق. بالمقابل، يحاول “الاشتراكي” استعادة تجربة “بيضة القبان” وفي حال تعذر ذلك نتيجة التوازنات النيابية الجديدة التي ارستها الانتخابات النيابية الاخيرة، يسعى للتمترس في الوسط سائرا بتفاهمات مع القوى السياسية على القطعة ليبقى حلفه الاستراتيجي الوحيد الذي يحفظه برمش العين هو حلفه التاريخي مع الرئيس بري.
وتقول مصادر معنية بالملف ان “جنبلاط بات أقرب من اي وقت مضى للسير بترشيح فرنجية في حال استشعر تسوية خارجية لمصلحة حزب الله لكنه لا شك لن يعلن ذلك قبل التأكد من ان رئيس “المردة” يات يحظى بأكثرية تؤمن فوزه. لكنه في المرحلة الراهنة على قناعة انه وفي حال كان هناك امكانية لانجاز الاستحقاق في خضم الحرب المستمرة في غزة وجنوب لبنان، فخيار المرشح الثالث يغطيه “الثنائي الشيعي” هو الأمثل للمرحلة”.