في مأتم حاشد ومميز على مدى ثلاثه ايام من العزاء من حسينية الامام الصدر في روضة الشهيدين إلى مجمع سيد الشهداء عليه السلام في الرويس، توافد المحبون وبأعداد غفيرة للوقوف على خاطر سيدهم وقائدهم هاتفين له بالتعبير عن شديد حزنهم وبصوت واحد : “يا سيدنا أبقى حيث انت فأمنك هو دوام لحياتنا بعز وفخر وانتصار ونحن من هنا نقدم لك واجب العزاء فعزك عزنا وعزاؤك هو عزاؤنا”.
ولم يقتصر الحضور على المحبين والموالين فكان كذلك الحضور للكثير من الشخصيات الشريكة في وطننا بحبها واحترامها لسماحة الامين العام سماحة السيد حسن نصرالله، وكذلك للكثير من الشخصيات الأمنية والعسكريه والسياسية .
وبمراسم استمرت لثلاثة ايام لم تكن كافية امام المحبين لسيدهم للتعبير عن حبهم وصدق مشاعرهم ومع هذا حضروا ولو من بعيد ولبوا النداء، وهتفوا بقلب واحد (نحن هنا نيابة عنك ولنخفف عنك الآم غيابك عن مراسم العزاء الذي هو بحق غياب قسري ولكن بهذا الغياب تطمئن قلوبنا ونستمد قوتنا وبأسنا وعزيمتنا حيال الاعداء المتربصين بنا وبك .
وفي ختام هذا الحضور الكبير اطل علينا سماحة الامين العام السيد حسن نصرالله حفظه الله
بتواضعه المألوف والمتميز،
وبأخلاقه العاليه ،
وبوجهه البدر النيّر،
وبكل اقتدار على حجم ألم المناسبة،
معتذراً عن عدم الحضور بين الجموع ، ومعللا ً سبب غيابه بين جموع العائلة . طالباً من الجميع التفهم لعدم تلقي الاتصالات الهاتفية وشاكراً لهم ولجميع من ابرق ومن حضر متمنياً لو كان قادراً على الحضور بينهم ومعهم .
وبانصات مميز من الحاضرين في مجمع سيد الشهداء،
بدأ سماحته كلامه في عزاء والدته والغصة في حنجرته ، وبكل ما أوتي من قوة وعزيمه تغلب على آلامه وبدأ كلماته المدونة، هي امي كما هي أمّكم جميعاً .
هي امي التي أنا اعرفها جيداً ولكن للزود لكم وللجميع ليعرف من هي هذه السيدة الفاضلة .
أمي
هذه السيدة التي لم تؤذ احدا،
ولم تتدخل بشؤون احد ،
ولم تتأفف لسبب او معيشة او مسكن،
هي تلك السيدة :
-الابنة البارة بوالديها وأبيها في فترة مرضه،
-الزوجة الفاضلة القانعه بما لديها،
-وهي تلك الوالدة التي ربت عيالها وفطمتهم على حب آل البيت وسقتهم الحب والولاء لآل محمد (ص)بدون الحاجة إلى حوزة علمية اوحسينية او دروس في مسجد او حلقات دينية او أجواء مهيئة لهم من خلال السكن او الجوار .
هي تلك الام القدوة ( مخاطباً وموجهاً كلامه لمناصريه ومحبيه وهو العارف جيداً من هي والدته).
وإنما لكسب العبرة والاقتداء بهكذا نوع من الأمهات المضحيات لإنشاء جيل واعً ومقتدر بأقل الاكلاف المتاحة.
هي تلك السيدة التي عاشت في حي متعدد الطوائف هو حي “شرشبوك” في محلة الكرنتينا ، الحي الفقير المتنوع بعادات قاطنيه، الحي الذي لم يكن حجر عثرةٍ في ان تنجح في تربية عيالها على أسس ومفاهيم صحيحة وان تكون نِعم الجارة لكل اهل الحي على مختلف طوائفهم وعاداتهم وتقاليدهم.
هذه هي امي هذه السيدة التي عاشت وربت مع السيد ابو حسن في منزل لم يكن يتعدى الغرفتين صغير بمساحته كبير بمضمونه من دون تأفف او تذمر وبحياة بسيطه ملؤها حسن التربية وحسن العاقبة .
هذه هي امي التي ربتني أنا حسن نصرالله ولنا نحن ان نعرف من هو هذا العظيم السيد حسن نصرالله .
من أقصى بيروت الشرقية من ذلك الحي الفقير المسمى “شرشبوك” كان للسيدة ام حسن هذا الفخر في ولدِها البكر حسن وبأول حفيد لها الشهيد السعيد هادي حسن نصرالله، التي ما كلّت تسأل عنه طيلة حياتها وحتى آخر أيامها ، كان لها ولنا الفخر بسيد مقدام عزيز أعزنا وأعز الأمة الإسلامية جمعاء .
ونحن بدورنا يا سيدنا نسأل الله لهذه السيدة الفاضلة فسيح جناته وواسع رحمته ونشكرها في وقت عمرها المبارك الذي عاشته ووهبت لنا سيداً لا نظير له في العلم والدين والأخلاق والقيادة حتى منّ الله علينا بالنصر والعزة والكرامة .
احد جنودك المفتخر بوالدتك السيدة الشريفة