اخبار عربية ودوليةالرئيسية

بروكسل لا تبالي «بالتهويل» اللبناني: خذوا المساعدات وابقوا النازحين؟

الديار

في بروكسل، وبغياب سوريا، يمكن القول ان «المكتوب يقرأ من عنوانه»، فلا الاحتجاج اللبناني الشعبي، ولا الاجماع السياسي الداخلي، ولا الموقف «التهويلي» الذي حمله وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، زحزح موقف الدول الفاعلة في الاتحاد الاوروبي، وكان موقف مسؤول السياسة الخارجية الاوروربية جوزيب بوريل حاسما لجهة رفض عودة النازحين الى سوريا «غير الامنة» برايه، مجددا التعهد بدفع الاموال لمساعدتهم في اماكن اللجوء، في تجديد للمعادلة الاوروبية التي تختصر بعبارة واضحة «خذوا فتات الاموال وابقوا النازحين عندكم». علما ان نصف الاموال المخصصة تذهب الى تركيا التي تحمل في يدها «عصا» ارسالهم الى اوروبا. وهو عامل ضغط تفتقد اليه الدبلوماسية اللبنانية.

وفي ملف النازحين، لم يكن احد من اللبنانيين يترقب نتائج مؤتمر بروكسيل حول مستقبل سوريا على الرغم من ورقة توصيات حملها وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، وسلسلة تظاهرات في عاصمة الاتحاد الاوروبي رفضا لابقاء النازحين السوريين في لبنان. ووفقا لمصادر مطلعة، فان المشكلة الرئيسية تبقى في الموقفين الفرنسي والالماني، حيث التعنت لا يزال عنوان موقفهما من رفض عودة النازحين الى سوريا، في ربط واضح بين الملفين السياسي والاجتماعي، وهما تنسجمان بشكل مطلق مع السياسة الاميركية الرافضة لاي حل للملف وتصر على عرقلة اي تسوية باعتبار النازحين ورقة ضغط على دول «محور المقاومة» ويجري العمل على استغلالها سياسيا.

لا عودة للنازحين

وفي ترجمة للموقف الاوروبي تعهدت دوله في بروكسل بالامس بأكثر من ملياري يورو (2.17 مليار دولار) لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة ورفض أي حديث عن عودة محتملة للاجئين إلى وطنهم لأن ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست مهيئة. وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسية الخارجية بالاتحاد «التزامنا لا يمكن أن ينتهي بالتعهدات المالية وحدها» وأضاف «على الرغم من الافتقار إلى تقدم في الآونة الأخيرة، لا بد أن نعيد مضاعفة جهودنا لإيجاد حل سياسي للصراع، حل يدعم تطلعات الشعب السوري لمستقبل سلمي وديمقراطي».

«نقطة اللاعودة»

وقد اعلن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب امام المؤتمر ان لبنان، حكومةً وشعباً من كل الفئات، والمناطق، والطوائف، والأحزاب، قد وصل إلى نقطة اللاعودة لجهة تحمل بقاء الأمور على حالها، والاستمرار بنفس السياسات المتبعة منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً في ملف النزوح السوري. واضاف «إنّ استمرار معالجة أزمة النزوح السوري بالمنطق والتفكير نفسه، أي فقط بتمويل النازحين حيث هم، بدل البحث عن حلول بديلة يشكل خطراً على جيران سوريا وأوروبا معاً.

الانفجار والارتدادات

وحذر «إنّ الانفجار اللبناني، إن حصل، سيكون له ارتدادات سلبية على دول الجوار، ومنها دول أوروبية». واضاف «لقد وصلنا إلى إجماع لبناني بأنّ إبقاء الوضع على ما هو عليه سيشكل خطراً وجوديّاً على لبنان». وبما يتعلق بالعلاقة مع المفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قال بو حبيب «لم تلتزم المفوضية بتعهداتها و بعد تأخير دام لمدة 4 أشهر ، قامت بتسليم الامن العام اللبناني داتا نازحين منقوصة، وغير قابلة للاستثمار». وتابع «إن رغبتنا الصادقة بالتعاون مع المفوضية لإيجاد حلول مستدامة لم تقابل للأسف من جانب المفوضية سوى بسياسة المماطلة، وشراء الوقت، ونقولها بأسف شديد، لقد تحولت المفوضية الى جزء من المشكلة بنظر أغلبية ساحقة من الشعب اللبناني، بدل أن تكون، كما نرغب نحن كحكومة لبنانية، جزءا من الحل».

«ناقوس الخطر»

وقال «جئنا اليوم ندق ناقوس الخطر متسلحين بتوصية صادرة عن مجلس النواب اللبناني، مرفقة أدناه، وبإجماع لبناني، ورغبة صادقة بالحوار البناء، والتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لوضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، باستثناء الحالات الخاصة المحمية بالقوانين اللبنانية». وطالب أجهزة الامم المتحدة كافة، لاسيما مفوضية اللاجئين، إعتماد دفع الحوافز، والمساعدات المالية، والانسانية، للتشجيع على إعادة النازحين الى بلدهم، ومن خلال الدولة اللبنانية، ومؤسساتها أو بموافقتها.

انهيار الهيكل

كما اكد التزام الحكومة اللبنانية بالموقف الذي اعلنه رئيسها، بملف النزوح بأن لبنان لم يعد يحتمل عبء بقاء النازحين، وبكل الاحوال لا يستطيع ان يكون شرطيا حدوديا لأي دولة. ولفت الى إن الحكومة اللبنانية تؤكد أيضا على فصل السياسة عن النزوح. إنّ عودة النازحين يجب أن لا ترتبط بالحلّ السياسي. واضاف: نطالب أيضاً بالتعويض العادل للدولة اللبنانية، كوسيلة مؤقتة وليس كحلّ بديل، عبر دعم مؤسساتها مباشرة نتيجة الأعباء الجسيمة التي يتحملها لبنان والمقدرة بحوالي 100 مليار دولار أميركي، حسب التقديرات الأولية للبنك الدولي. وذكر بو حبيب أيضاً «ضرورة تطبيق مبدأ تقاسم الأعباء من خلال إعادة توزيع النازحين على دول أخرى لمن يتعذر إعادته إلى سوريا».

جئنا إليكم اليوم لانتهاز هذه الفرصة الأخيرة، قبل فوات الأوان، لوضع أسس لمقاربة مختلفة جذرياً ومستدامة لإعادة النازحين إلى ديارهم، وفصل السياسة عن النزوح قبل فوات الأوان، وانهيار الهيكل علينا وعليكم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى