هل كان أحد يتخيل، أن يقام مخيماً لـ«مهجرين إسرائيليين» داخل الكيان؟يبدو أن الأمر سيحصل، ولو على شكل عملية ضغط من قبل سكان مستعمرات الشمال ضد الحكومة. وهم يعيشون أياماً قاسية وصعبة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، تاريخ بدء المقاومة في لبنان عمليات الإسناد لقطاع غزة.
عضو «الفرقة المتأهبة»، التي أقامها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، في مستوطنة «كفار جلعادي»، نيسان زئيفي، وصف يوم الخميس الأخير بالـ»يوم مجنون». وهو اليوم الذي هاجم فيه حزب الله عشرات المستوطنات في الجليلين الأعلى والغربي بعشرات الصاروخ والطائرات المُسيّرة الانقضاضية.
لكن هذا «اليوم المجنون»، لم يكن إلا يوماً واحداً من أصل 224 يوماً يصرخ فيها مستوطنو الشمال يومياً، فيما تدير الحكومة الإسرائيلية «الأذن الطرشاء» الأمر الذي دفعهم أخيراً إلى التظاهر خصوصاً أن أولئك الذين لم يُخلوا من بيوتهم بعد «يراكمون الكثير من الغضب والإحباط»، وفقاً لموقع «واللا».
ما حصل يوم الخميس، دفع نشطاء «لوبي 1701» الخاص بمستوطنات الشمال إلى الإعلان عن عزمه إقامة «مخيم لاجئين» تحت اسم «مهجّري الجليل»، الأسبوع المقبل. وبحسب ما نقله الموقع عنهم فإن «ما جرى يوم الخميس يثبت غياب الخطط الحكومية واستمرار انهيار الجزء الشمالي من البلاد»؛ إذ بحسبهم «بعد سبعة أشهر خسرنا كل ما نملك، وقد حان الوقت للاستيقاظ». وأشار هؤلاء إلى أن مبادرتهم بإقامة المخيم بمشاركة «منظمات مدنية» من الشمال «من شأنها أن تبعث برسالة للحكومة مفادها أن سكان الشمال ليسوا مستعدين للتنازل عن بيوتهم».
وفي بيان المجموعة المنظّمة، جاء أنه «على مدى سبعة أشهر عضضنا شفاهنا وانتظرنا بفارغ الصبر أن يأتي دور الشمال، ولكن الآن، فيما تنهار المجتمعات الاستيطانية، وكذلك العائلات، وتغلق الشركات أبوابها، حان وقت الاستيقاظ». وبحسب ما ذكره البيان فإن مخيم اللاجئين المزمع إقامته من خلال نصب خيام، سيُنشأ بالقرب من مدخل كيبوتس «عميعاد»، المقام على أنقاض قرية جب يوسف الفلسطينية، عند شارع 90. وذلك في تاريخ 23 أيار الجاري.
الحكومة أهملتهم وصفارات الإنذار لا تتوقف وبات صوت القصف والمُسيرات روتيناً يومياً
في غضون ذلك، شاركت، الفنانة الارتجالية الإسرائيلية، رفيتال فيتلزون جاكوبس، على صفحتها بموقع «فيسبوك» رسالة وصلتها من الإسرائيلية رعوت وهي إحدى سكان «كفار بلوم»، قالت فيها الأخيرة : «بالطبع تعرفين أين تقع كفار بلوم، لقد عرضتِ عروض ستاند أب سابقاً في بلدتنا، ولكنني سأحكي لكِ اليوم عن البلدة التي تبعد ستة كيلومترات عن الحدود مع لبنان… لست أدري إن كنتِ ستساعدينني أو تتدخلين في هذا الموضوع… أعرف أن هذا ليس مثيراً، ولكنني سأحاول قدر الإمكان».
وأضافت في رسالتها التي حظيت بمئات التعليقات والمشاركات: «سأحكي لكِ قصتي- في 7 أكتوبر في الساعة العاشرة صباحاً استدعوا زوجي للامتثال للجيش ولا يزال إلى الآن. حُبست مع أطفالي الأربعة في الملجأ… بعد يومين كانوا من أكثر الأيام رعباً في حياتي، هربت مع كل عائلتي وإخوتي الذين يسكنون في بلدة قريبة(…) وبعد أسبوع من إقامتنا في أحد فنادق إيلات على حسابنا الخاص طبعاً، تلقّى أهلي رسالة أنه سيجري إجلاؤهم إلى فندق في طبريا، فبقيت أنا وحدي. وخلال ثلاثة أشهر تنقلت فيها مع أولادي الأربعة في شوارع البلاد، وأنا أدفع كلفة الفنادق والشقق، وأحياناً وجدت من يستضيفنا في بيته لعدد من الأيام… بعد كل ذلك قررت العودة لبيتي في كفار بلوم لأنني لم أعد أحتمل مادياً، ومنذ ذلك الحين وأنا هنا».
أضافت: «القذائف باتت روتيناً، أولادي يدرسون في صفوف غير محصّنة ولا محمية، طائرات انقضاضية وصواريخ وانفجارات كل الوقت ويبدو أن لا أحد (في الحكومة) منزعج من ذلك. أولادي ينامون في الملجأ لأن زمن الإنذار لدينا هو صفر ثوانٍ، ودائماً يمكن أن تكون هناك صافرات إنذار في الليل».
ولم تكن قضية الصواريخ التي تتساقط يومياً هي الأمر الوحيد الذي تعاني منه كفار بلوم، إذ لم يعد توجد خدمات صحية ولا اجتماعية؛ وأماكن العمل أُغلقت. وتختم المستوطنة رسالتها قائلة : «قابلنا المسؤولين، وطلبوا منا في الكنيست والجيش أن نمارس ضغطاً على الإعلام، حتى يسمعوا صوتكم، فقط ذلك ما سيحرّك الأمور… لكن الحقيقة، أنه وببساطة تخلوا عنا وانهرنا».