سماحة شيخ العقل رعى تدشين مشروع مياه في شانيه
شعارنا واحد معاً نفكِّر معاً نعمل ومعاً نحقِّق النجاح
رعى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى حفل تدشين مشروع المياه في بلدته شانيه، الذي يتضمن حفر البئر الارتوازي وبناء خزانين ووصل خط المياه بالشبكة العامة، والذي كان بدأ العمل به منذ حوالى السنة، بجهد ومساهمة من أهالي البلدة والمصطافين، وكذلك في تكريم المساهمين باستكمال تنفيذ المشروع، وفي مقدمتهم الشيخ نزار أبو جابر، وذلك خلال حفل أقيم للمناسبة، بدعوة من بلدية شانية واللجنة المكلفة تنفيذ المشروع.
وبعد أن زار الشيخ أبو جابر وجمع من المشايخ واللجنة المكلفة مكان البئر والخزانين وتمّ قص الشريط وافتتاح المشروع واطلاق المياه في الشبكة العامة، أقيم الاحتفال في نادي البلدة، بحضور سماحة شيخ العقل والأهالي والوفد المرافق للشيخ أبو جابر. كما حضر عناصر من الصليب الاحمر اللبناني الذي قدّم ألواح الطاقة الشمسية للمشروع وعددها 196 لوحاً.
وبعد تقديم من الاستاذ شوقي أبي المنى وعرض مصوّر لمراحل المشروع، قدّمه عضو اللجنة ربيع أبي المنى وكلمات له ولكل من رئيس جمعية النهضة الاجتماعية الخيرية في شانيه كميل حمزة ورئيس البلدية حسين أبي المنى تحدّث الشيخ أبو جابر، مؤكداً “محبته لبلدته الثانية شانيه، التي أمضى فيها أجمل أيام طفولته وفتوته، إذ هي بلدة والدته الفاضلة”، مبدياً “تقديره لمشايخها ومجلسها وأهاليها”، واستعداده “الدائم للمساعدة في ما يعود بالخير على سكانها”.
واختتم الحفل بكلمة لسماحة شيخ العقل جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرف المرسَلين… المشايخ الأفاضل، الضيوف المكرَّمين، أهلنا الأعزَّاء… يسعدُنا اليوم أن نتشاركَ معَ مشايخنا في شانيه ومع البلدية ولجنة حفر البئر والأهالي في تكريم أهل الجود والعطاء، الذين أحيوا الأرض وسكّانَها، وحقّقوا معنا قوله الله تعالى في كتابه العزيز: “أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ”.
فأهلاً بكم جميعاً وأهلاً بك يا أخي الشيخ نزار، يا ابن العبادية وشانيه، ساحة جدِّك مرحبّة والنادي والمجلس وكلُّ البيوت والتلال التي حفرت بها عميقاً فتفجّر الحبُّ منها وتفجّرت المياه”.
اضاف: “لم تكن شانيه يوماً ناكرةً للفضل، أكان من المؤسسات الرسمية أو القيادات السياسية أم من أهل الكرم والجود أمثالِكم، وإن كان هذا اللقاءُ مقتصِراً على أهالي شانيه فحسب، كما قررت اللجنة المكلَّفة بحفر البئر، والتي ضحَّت وعملت على مدى أشهرٍ طويلة باندفاعٍ قلَّ مثيلُه، فشانيه لا تتنكَّرُ لمن دعم سابقاً ويدعم حالياً وسيدعم لاحقاً، أكان في الموضوع الصحي أو التربوي أو الاجتماعي أو غير ذلك، وقد حقَّقنا إنجازاتٍ لا بأس بها وما زالت تنتظرُنا متطلباتٌ نحن بحاجةٍ فيها إلى دعم الجميع، ولكنّ تجربتَنا أكَّدت ما هو واجبٌ وما يجبُ أن يكون في كلِّ قريةٍ من قرانا، وهو الاعتمادُ على النفس أولاً وقبل الطلب من أحد، وتحمُّل المسؤولية وعندها تأتي المشاركة والمساهمة من هذه الجهة أو تلك. لقد آمنَّا من قبلُ ومن بعد بأهمية التعاضد الاجتماعي، ولم نطرح أنفسَنا بديلاً عن القيادة السياسية أو عن الدولة، ولكنّنا نرعى ما يجب أن نرعاه ونتّكلُ على أنفسنا قبل الاتكال على الآخرين، ونمدُّ أيدينا للتعاون حيث يجب، وقد عطفنا إيمانَنا بعطاء الله على الإيمان بعمل الخير الذي لولاه لما تحقَّق الحلم سريعاً، وعملُ الخير منحةٌ من الله للإنسان، يُثاب عليه عاجلاً وآجلاً، إذ به يحيا المجتمعُ كما تحيا الأرضُ بالماء، وبدونه لا تُثمرُ الأشجارُ ولا تقومُ الأمم، كما لا يمكنُ أن يتحقَّقَ أملٌ بدون أناسٍ خيِّرين يبذلون في سبيل الله، انطلاقاً من مبدأ التكافل الاجتماعي وحفظ الإخوان والمجتمع، أمَّا عملُ الخير فأجرُه عند الله مضاعَفٌ يجدُه فاعلُه حاضراً مُحضَراً لقوله تعالى: “يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا”. والشيخ نزار علمٌ من أولئك الرجال المعطائين، الذين يجود بهم التاريخ وتحيا بهم المجتمعات، فتسجلَ أسماؤهم بحروفٍ من ذهب، من حاتم الطائي إلى يحيى البرمكي وسواهما من رجالات العرب والعالم ممن قرأنا عنهم في كتب التاريخ والأدب، ومن أعلام الوطن والطائفة المعروفية الذين منَّ عليهم الله باليُسر فلم يبخلوا على أهل العُسر، ولم يتوانَوا عن المساهمة في دعم المشاريع ومساعدة المحتاجين والمرضى والمؤسسات ودور العبادة والمزارات والخلوات”.
وتابع سماحته: “نحن والشيخ نزار وأنتم جميعاً تُدركون ما تعلّمناه من آبائنا بأن قيمة المرء ما يُحسنُه لا ما يجمعُه من مال، والشيخ نزار أعطى من قلبه ولم يقبل التكريمَ إلا على مَضض وبأكثر ما يكون من الاختصار، وهو مَن احتمى من ماله في كنَف التوحيد، وهو من توَّج نجاحه الدنيويَّ بالتزامه الدينيّ، ليصحَّ فيه ما قلناه يوماً:
ما قيمةُ المرءِ بالمال الذي جَمَعا
بل بالعطاءِ الذي من قلبِه نبَعا
والعزُّ جودٌ وإقدامٌ وتَضحيةٌ
وليس مالاً ولا جاهاً ولا جَشَعا
لا تعبُدوا المالَ، قد قال الكتابُ لنا
وقال: جِدُّوا وجودوا وﭐرتقُوا وَرَعا
ما أجملَ الجِدَّ إنْ ما الجودُ زيَّنَه
ما أروعَ الدينَ والدنيا إذا اجتمَعَا..
تحيةً لك حضرةَ الأخ العزيز المفضال، وتحيةً لكلِّ مَن ساهم في إنجاز هذا المشروع، من خبراء ومهندسين ومتعهدين وعمّال، تحيةً للصليب الأحمر اللبناني، تحيةً للبلدية وللجنة المتابعة ولكل من تبرَّع وساهم وقدّم خدمةً من أهالي البلدة وسكَّانها المصطافين وأصدقائها وأبنائها المغتربين، وتحيّةً لكلِّ من سعى معنا سابقاً، وعلى مدى سنوات، وإن كنَّا لم نوفَّق من قبل، لا لشيءٍ سوى لأنّ الثمرة لم تكن قد نضجت بعد، أمَّا إذا كان هناك مَن لم تسمح لهم ظروفُهم بالمساهمة حتى الآن فلعلّهم يستدركون ويبادرون بعد أن يتنعّموا بوصول المياه إلى بيوتهم وبيوت أهلِهم، مدركين جميعُنا بأن هذا الإنجاز لم يكن ليتحقَّقَ لولا النوايا الطيِّبةُ والتعاونُ والهمَمُ العالية وتظافرُ الجهود والدعمُ السخيُّ من أيادي الخير، ولولا تجاوبُ المسؤولين، وبتوفيقٍ من الله سبحانه وتعالى قبلَ كلِّ شيء”.
وختم: “هذا الإنجازُ نضعُه أمام أعينِنا لننطلقَ منه إلى عملٍ آخرَ ينتظرُنا، وقد تحقّق ما تحقّق سابقاً بمثل هذا التعاون، كمبنى الجمعية الذي وضع حجر الاساس له شيخ العقل الأسبق المرحوم الشيخ محمد ابو شقرا في العام 1967، والمحمية الرائعة في الجبل والتي بدأت بزراعتها مجموعةٌ من الشباب المندفعين منذ العام 2000، إلى إعادة فتح المدرسة الرسمية هذا العام بعملٍ تعاونيٍّ مشترَك، إلى البرنامج الذي نسعى إلى تحقيقه بعون الله وبالتعاون مع نوّاب المنطقة وفاعلياتِها لإحياء تراث البلدة واستثمار أراضي الأوقاف والأراضي الزراعية، والاهتمام بالجانب الصحّي ورعاية المسنِّين، وبالشأن الثقافي والاجتماعي، ودائماً تحت شعار واحدٍ موحَّد: “معاً نفكِّر، معاً نعمل ومعاً نحقِّق النجاح”. والله وليُّ العناية والتوفيق. وفَّقكم الله والسلام عليكم جميعاً”.
ثم قدّم سماحة شيخ العقل واللجنة دروع التقدير لكل من، الشيخ أبو جابر والمهندس سمير الغصيني والمهندس طارق الاعور والمهندس كمال زين الدين.