مجتمع ومنوعات

هكذا فضحت الحرب الكونية على سورية الخونة وجعلتهم يظهرون على السطح

أغرب مقولة للإمام علي كرم الله وجهه عندما قال: ” أنا لم أُسِئ لأحد ، ولم أُحسِن لأحد”
فقال بعض الحاضرين باستغراب: ” يا أمير المؤمنين أنت لم تُسئ لأحدٍ هذه نعرفها وكلنا نشهد عليها ، أما أنك لم تُحسِن لأحدٍ فكيف ذلك ونحن وكلّ من في المدينة نعيش من فضل الله وفضلك علينا ؟!..”
فقال الإمام علي: أماسمعتم قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } .
صدق الله العظيم .
“فوالله إن أحسنتُ فما أحسنت إلا لنفسي”
إن المجتمع بلا أخلاق كالشجرة بلا أوراق، ما أعظم المجتمعات التي ينعم أفرادها بأخلاق كريمة وقيم نبيلة ومبادئ سامية راسخة لا يتراجعون عنها ، وأبشر بها من مجتمعات وأفراد ترقى أعلى القمم بأخلاقها ، كثيرة هي الأخلاق التي لا بد أن يتحلى بها الأفراد في كل مجتمع حتى ينهضوا بمجتمعهم ويحافظوا على مكانته وقوته وثباته وتطوره ، ومن هذه الأخلاق ولعلها تكون الأهم هي الولاء والإخلاص للوطن ، وقد اعتُبرت الأهم لأنّ الإخلاص يؤدي بالضرورة إلى كثير من الأخلاق الفاضلة الأخرى التي سيتحلى بها الأفراد بناء عليه.
وهناك تساؤل يدعو إلى تساؤلات مُضادة ومنها : هل هي بالفعل إن الخيانة هي ظاهرة عربية ؛ وإذا كانت كذلك ، هل تقتصر على العرب دون غيرهم ؟!.
بدايةً من المهم التوضيح أن استخدام كلمة ظاهرة للتعبير عن خيانة البعض فرضتها حالة المجتمع والوطن العربي عامة ووطننا الغالي سورية خاصة الذي عانى كثيراً من حالات الخيانة من داخله منذ بداية هذه الحرب الإر.هابية عليه ، وازدادت هذه الحالة اتساعاً خلالها ، لتصبح ظاهرة تبدو طبيعية يتبناها الخونة من أصحاب الأهواء كالمرتزقة والعملاء ، ويدافع عنهم المنتفعون من الجماعات الإر.هابية والدول المعادية.
ولعل اتساع هذه الظاهرة واستمراريتها خلال هذه الحرب ، وبعيداً عن استرجاع الماضي والحديث عن ظاهرة الخيانة التي كلفت العرب والوطن العربي الكثير من المآسي والهزائم والويلات ، فإنه من الواجب الحديث عن هذه الظاهرة في وقتنا الحاضر للتحذير من خطورتها ، ولفضح أصحابها الذين يعيشون بيننا ، ويتكلمون لغتنا ، ويعرفون مصادر قوتنا ومواطن ضعفنا …
نعم ، خطر ظاهرة الخيانة في وطننا في وقتنا الحاضر أصبح كبيراً جداً لا يمكن السكوت عنه ، أو التغافل عن تواجد أصحابه ، وإلا ستكون العواقب أكبر بكثير من هزائم عسكرية ، أو من احتلال جزء من أراضٍ سورية ، أو من تسخير مقدرات الوطن عزيزة لخدمة مصالح جماعات ودول معادية.
واقعنا منذ الفوضى السياسية والأمنية التي حدثت في وطننا الغالي سورية منذ العام 2011 كشف عن الكثير من الحقائق والمؤامرات والخيانات التي كانت مخفية وغير معلومة ، وأعطانا الكثير من العبر والدروس والفوائد التي يجب أن نتفكر فيها لنعالج واقعنا ونخطط بشكل أفضل لمستقبلنا ومستقبل وطننا.
ثلاث عشر سنة منذ عام الفوضى السياسية والأمنية فضحت الكثير من أصحاب الأهواء والمرتزقة والعملاء ، ومن دعاة الفتن والضلال وأصحاب الفكر المنحرف ، ومن أتباع الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإر.هابية والدول المعادية ، ومن أولئك الوضيعين المستنجدين بالدول الأجنبية من المستغلين للظروف الداخلية ولحالة الوهن لوطنهم لتحقيق أجندتهم الهدامة التي غايتها إسقاط النظم السياسية الوطنية وتفتيت المجتمعات المستقرة.
وإذا كانت هذه الحرب الكونية على سورية جعلت الخونة وأعداء الوطن يظهرون على السطح ، فإن تعدد الوسائل الإعلامية واتساع استخدام وانتشار وسائل التواصل الإجتماعية فضحت مخططاتهم وأظهرت نواياهم وكشفت تبعيتهم الفكرية وولاءتهم السياسية.
لقد كانت ظنونهم وتوقعاتهم وأمنياتهم عالية جداً ، فأبدوا ما يبطنون وأظهروا ما تخفي صدورهم ؛ ولكن الواقع خالف ظنونهم وعاكس توقعاتهم وخيب أمنياتهم ، فعاد منهم البعض من جديد يحاول إخفاء نواياهم الهدامة ومارسوا ” تقيتهم المعهودة ” انتظاراً لمستقبل قد تتحقق فيه أمنياتهم وظنونهم.
ومع عودتهم هذه ، عاد هؤلاء الخونة من جديد ليحدثوا العامة عن أهمية التغاضي عن الأقوال والأفعال المُعادية التي قاموا بها ، ودعوا لإحسان الظن بهم حول أحاديثهم وكتاباتهم التي تطعن في الوطن ووحدته ، وتسيء لقادته ورموزه ، وتستهزئ بعاداته وتقاليده ، وتقلل من منجزاته وإنجازاته ، وتستحقر قيمة مواطنيه الأوفياء ؛ وحدثوا عامة الناس عن أهمية التجاوز عن أخطائهم الجسيمة التي ارتكبوها في حق وطنهم ومجتمعهم ، ومنها دعمهم وإعجابهم بأعداء وطنهم ومجتمعهم.
ومع وضوح ذلك كله يبقى السؤال : ” لماذا يخون البعض أوطانهم ؟!..”
لن أطيل الشرح والسرد وسوف أترك الإجابة عن هذا السؤال للمقال التالي ولحضراتكم اصدقائي الاعزاء.
الفقير لله مجدي نعيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى