“الزراعة”: دورنا إشرافي غير تطبيقي
وتعليقاً على هذه المناشدات، أعلن رئيس مصلحة مراقبة التصدير والاستيراد والحجر الصحي البيطري في وزارة الزراعة الدكتور يحيى خطار أنّه “وفقاً لقانون الرفق بالحيوان، تضع المادة 12 البلديات أمام مسؤولياتها لإنجاز خطة، بناءً على توجيهات وزارة الزراعة”.
وتابع في حديث لـ “نداء الوطن”: “وزارة الزراعة دورها الإشراف على طريقة التعامل مع هذه الكلاب الشاردة، والإشراف على صحتها، ومراقبة المأوى الخاص بها وليس من واجبات الوزارة تأمين الأماكن إنما البلديات”.
وكانت وزارة الزراعة، وعقب حادثة الرشيدية، قد ابدت في بيان أسفها لوفاة الطفل ياسين هيثم حمزة “من جرّاء فوضى الكلاب الشاردة”.
ودعت الوزارة في بيانها “جميع المعنيين في هذا الملف من الإدارات الرسمية المختصّة إلى اجتماع عاجل لوضع خارطة طريق للمعالجة السريعة، ضمن عمل تشاركي، لوضع حل حاسم لهذه الظاهرة الخطرة”.
وبحسب مصادر “نداء الوطن”، سيعقد الاجتماع ظهر يوم الأربعاء 28 شباط الحالي، لبحث تفاصيل الملف وفتحه على مصراعيه.
وتابعت المصادر: “يريد البعض تحميل الموضوع لوزارة الزراعة علماً أن المسؤولية لا تقع عليها حصراً، وثمة وزارات أخرى معنيّة أيضاً بالموضوع”.
وختمت: “كل من وزارة الصحة ووزارة الداخلية وعدد من المحافظين ورؤساء اتحادات البلديات سيكونون في صلب الاجتماع على أن يتحمّل الجميع مسؤولياته”.
حسن: الحلّ بتطبيق آلية وزارة الزراعة
وفي هذا الصدد، أكد نقيب الأطباء البيطريين في لبنان الدكتور نضال حسن لـ “نداء الوطن” أنّ “الأزمة الماليّة أثّرت سلباً على هذا الملف، بحيث أنّه لم يعد باستطاعة بعض العائلات تحمّ تكاليف تربية الحيوانات الأليفة والاعتناء بها كما يجب، فاتت تعمد الى التخلّص منها عبر تركها في الشوارع وهذا ما رفع أعداد الكلاب الشاردة بشكلٍ مخيف في الشوارع”.
وتابع: “العدد الأكبر من الجمعيات باتت Full نتيجة الأعداد الهائلة من الحيوانات الشاردة بالمجمل للأسف”.
أضاف: “الكلاب الشاردة ليست بالضرورة مسعورة، وداء الكلب موجود. وهكذا الوباء يؤثر على كل القطاعات ويؤثر بشكلٍ مباشر على الحركة الاقتصادية ككل في البلاد”.
وعن الحلّ الأفضل لهذه القضية، أجاب: “هكذا موضوع بحاجة لتطبيق الآلية الصادرة عن وزارة الزراعة والتي تكمن بالـ TNVR التي تعتمد على تقليص عدد الحيوانات الشاردة وخلق مناعة القطيع لديها”.
وتابع: “تعميم هذه الآلية التي ركيزتها هي سحب الكلاب من الشوارع، وثم خصيها وتطعيمها وإعادتها، بحاجة لتمويل دائم، وهذا الأمر غير متوفّر حالياً. هذه الآلية معتمدة في إسطنبول على سبيل المثال، حيث بات كلّ حيوان شارد لديه رقم واسم في البلديات المعنية والوزارات المختصة”.
ويشير نقيب الاطباء البيطريين الى أنّه “في الـEcosystem، وجود الكلاب الشاردة في المناطق موضوع سليم جداً، لأنّ ذلك يحمينا من عدد كبير من الحيوانات المفترسة والمؤذية بالنسبة للإنسان، لكن تكاثرها في الشواره هو الأمر المقلق”.
ماذا في حال التعرّض لهجوم كلب شارد؟
يتحدّث حسن عن ضرورة “توعية الأطفال الى مخاطر اللهو مع الكلاب الشاردة. وفي حال حصلت عملية النهش يجب غسل الجرح بالمياه والصابون لمدة تتجاوز العشر دقائق بشكلٍ جيّد ومن ثمّ التوجّه فوراً الى أقرب مستشفى حكوميّ لأخذ جرعة من مضاد الكَلَب مع اللقاحات اللازمة”.
ولفت الى أنّه “من الضروري أيضاً أخذ عينات من الكلب الشارد الذي هاجم الإنسان (حتى ولو تمّ قتله) وذلك بهدف وإجراء الفحوصات اللازمة وفحص الـPCR المتعلّق بالـRabies”.
وختم مطالباً بـ “تعزيز التنسيق بين كل الوزارات المعنيّة بغرض حلّ هذه الأزمة المستجدة”، معتبراّ أنّ الحلّ لن يكون يوماً عبر اللجوء الى “قتل الكلاب أبداً، فنحن ضد القتل والتسميم”.
نحفاوي: الدولة مسؤولة!
أما الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الحيوان غنى نحفاوي، فقالت لـ”نداء الوطن”: “الجهة المسؤولة عن حوادث مشابهة لما حصل مع الطفل هيثم في صور هي الدولة اللبنانية حصراً والملامة تقع عليها نتيجة تقصيرها الكبير في هذا الملف”.
وسألت: “هل لبنان تحوّل من الجمهورية اللبنانية الى جمهورية الكلاب الشاردة؟”، مستغربةً الحالة التي وصلت اليها الأمور في هذا الملف، قائلةً: “مَن يحمي مَن في هذه الجمهورية؟”.
أضافت: “قانون الرفق بالحيوان الذي صدّق عام 2017، يعالج موضوع الكلاب الشاردة، وأهمّ ما فيه أنّه ينص على ضرورة إخصاء الكلاب الذكور وتعقيم الإناث منها، وإعطائها اللقاحات اللازمة وأهمّها داء السعار”.
وتابعت: “التطعيم أكثر من ضروريّ، وأنا كناشطة في ملف الحيوانات الشاردة على تنسيق مناطقي مع غالبية الجهات في عدد من المناطق اللبنانية وبمبادرات فردية باتت هناك حلول مناطقية، وهذا ما يحصل اليوم”.
وتشير نحفاوي الى أنّه “لو تعاونت البلديات في كل المناطق، لما وصلنا الى الوضع الراهن، وهناك تعليمات وزّعت من قبل وزارة الزراعة عام 2019 لبناء أماكن مخصّصة من أجل جمع الكلاب الشاردة بعد تطعيمها لكن لم تلتزم هذه البلديات ببنائها”.
وأردفت: “على المستوى الشخصي، عندما أجد كلباً شارداً أعمد الى إخصائه ومن ثم تطعيمه وإعادته الى محيط سكنه اذا لم أتمكّن من إيجاد منزل أو مأوى جديد له”.
واستطردت: “للتخفيف من حدّة العنف لدى الكلاب الشاردة يجب البدء أولاً بإخصاء كل الكلاب الموجودة على الطرقات اللبنانيّة، وهناك فرق كبير بين الكلب الشارد والكلب المسعور، فالأخير تعرّض لبطش من حيوان آخر غير أليف وبات مريضاً، لكن لا كلاب مسعورة في لبنان ومن الخطأ الكبير اعتبار أنّ الكلاب الشاردة مسعورة”.
ولفتت الى أن “معظم الأحداث تحصل نتيجة غياب الوعي لدى بعض الأفراد، لأنّ التصرف العنفيّ من قبل البشر يقابله ردّ عنفيّ من قبل الحيوان الذي يريد حماية نفسه في نهاية المطاف”.
وحمّلت نحفاوي المسؤولية الى “وزراء الداخلية المتعاقبين نتيجة التقاعس الحاصل منذ ولاية وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق وصولاً الى اليوم”.
وختمت: “بات عدد الكلاب الشاردة في الأحياء وعلى الأوتوسترادات كبيراً جداً ونحن كمجموعات ناشطة نقوم بدورنا، لكن لا تمويل، فنحن بحاجة لمساعدة المقتدرين في المناطق اللبنانية أو خلق ثنائيات مع بلديات في الخارج اللبناني، ومن المعيب أيضاً لصق حجة الاستهتار بالموضوع، بالأزمة الاقتصادية الحالية، لأن الاستهتار البلديّ كان دوماً موجوداً في ما خصّ هذا الملف”، قائلةً: “البعض يستسهل القتل. وقتل الحيوانات يضعنا في حضيض الإنسانية، لأنّ القتل ليس حلاً أبداً”.
مبادرة مهمّة في البربارة
وسط هذه الأجواء كانت لبلدة البربارة مبادرة فردية لافتة في هذا المجال، تحدّث عنها لـ “نداء الوطن”، نائب رئيس البلدية رالف نادر الذي قال: “لم نخترع البارود في مناطقنا بل تتبّعنا الآلية المعتمدة في الدول الأوروبية المتطوّرة والتي حلّت أزمة انتشار الحيوانات الشاردة في الأحياء والشوارع”.
اضاف: “TNR، أي Trap, Neuter, Return، هي آلية تعتمد أولاً على القبض على الكلب الشارد من خلال مصيدة معيّنة، أو جراء فخّ محكم، وثانياً على إخصاء الحيوان، وثالثاً إعادته الى مكان سكنه ولو كان الشارع، أو الغابة، وبهذه الآلية أصبح الكلب مطعّماً ومخصيّاً، والهدف حماية الأرض التي يوجد فيها، وكانها”.
وتابع: “الكلب بطبيعته يحاول حماية أرضه، فإذا اعتمدت هذه الآلية تصبح هذه الحيوانات محميّة وبالتالي تلعب دوراً في حماية مناطقها، خصوصاً إذا تحوّلت الأمور كما في تركيا وبعض البلدان الأوروبية، بحيث بات هذا النوع من الحيوانات صديقاً للبشر الذي بدوره سيقوم بإطعامه وتأمين المياه له”.
وأردف: “هذه الآلية ستبني صداقة بين الحيوان والبشر، لا العكس كما هو سائد في السنوات الماضية، بحيث تعمّد البعض تسميم الكلاب وقتلها بعدة طرق، وهذا لا يكون الحلّ، لأنّ الكلاب تتكاثر ولا يحق للبشر قتلها بهذا الشكل”.
وشرح نادر: “تبنيت 5 كلاب من الشارع ولم يكن أيّاً منها مسعوراً، ولهذا السبب يجب تقديم اللقاحات اللازمة ضد الـRabies”.
وتابع: “طبعاً تطبيق هذا النوع من الآليات بحاجة للكثير من التمويل المفقود اليوم في أغلب البلديات نتيجة الأزمة الاقتصادية الحادة، ونتمنّى من رجال المال والأعمال تأمين المساعدات اللازمة المناطقية لحلّ هذا الموضوع بطريقة مركزيّة”.
ماذا عن اللقاحات؟
أمّا عن قضية توفّر اللقاحات ضد الكَلَب في لبنان من عدمها، فتشير مصادر وزارة الصحة العامة لـ”نداء الوطن” أنّ “اللقاحات الخاصّة متوفّرة بكميات، ونحن على تنسيق مع الشركات المستوردة لرفع الاستيراد لطعم الكلب متى دعت الحاجة للمزيد”، في المقابل، نفت مصادر طبّية صحّة هذا الكلام، معتبرةً أن اللقاحات غير متوفرة في مستشفى الكرنتينا الحكومي وثمّة صعوبة كبيرة لتأمينه من المستشفيات البعيدة جغرافياً عن العاصمة بيروت.
أما رئيسة دائرة الأمراض الانتقالية الدكتورة عاتكة بري فقالت لـ”نداء الوطن”: “في وزارة الصحّة اللقاحات والأمصال المضادة لداء الكلب متوفرة بدعم من منظمة الصحة العالمية في جميع مراكز مكافحة داء الكلب التابعة للوزارة وهي: مستشفى الكرنتينا الحكومي، مستشفى ضهر الباشق الحكومي، مستشفى صيدا الحكومي، مستشفى النبطية الحكومي، مستشفى طرابلس الحكومي، مستشفى عبد الله الراسي الحكومي، مستشفى بعلبك الحكومي، مستشفى الهرمل الحكومي”.