تُقدّر أرباح مستوردي النفط في الفترة ما بين عامي 2020 و2023 بأكثر من 600 مليون دولار
في الواقع، ليست هذه الخطوة التصعيدية وظيفة مستحدثة للكارتيل بعد الأزمة، بل هي تنسجم مع وجود تركّز احتكاري في سوق استيراد المحروقات وتوزيعها وبيعها للعموم. فمنذ أكثر من 30 عاماً، كانت أرباح مستوردي النفط مضمونة بالكامل بلا أي مخاطر خلافاً لمبدأ الأرباح مقابل تحمّل المخاطر. فالليرة كانت ثابتة ومدعومة من عام 1997 إلى عام 2019، ما يعني تعزيزاً لاستهلاك منتظم بمعدل نموّ ثابت للبنزين والمازوت في ظل غياب للنقل العام مقابل أرباح ثابتة بمعدل 5%. كما أن غياب الكهرباء فاقم من استيراد المازوت لتعويض ساعات التغذية من مؤسّسة كهرباء لبنان عبر مولّدات الأحياء. كما أن تسعيرة مبيعات المحروقات في السوق كانت متفقاً عليها في جدول تركيب الأسعار، واستفادت الشركات المستوردة من دولرة مبيعات المازوت أولاً ثم البنزين بعد رفع الدعم، علماً أنها في أيام الدعم لم تكن تلتزم بالسعر الرسمي بل فرضت رسوم نقل إضافية كبيرة جداً تحمّلها المستهلك على المازوت واستعملها أصحاب المولّدات لمضاعفة فواتيرهم أيضاً. دورة مبيعات البنزين والمازوت بهذا الشكل كان لها أثر واسع على كل سلسلة الإنتاج والتوريد.
الفوضى مقابل الضريبة
بعد إقرار ضريبة إصلاحية وحيدة في موازنة عام 2024 ثار أصحاب العمل دفاعاً عن أرباحهم متلطّين خلف «مصلحة الاقتصاد الوطني». فقد صدرت أمس مجموعة من البيانات التي تؤيّد الخطوات التصعيدية التي ينفذها كارتيل النفط في إطار شن هجوم واسع على كل تشريع، أو محاولة تشريع تمسّ بأرباح التجّار. واللافت أن البيانات جاءت من الهيئات الاقتصادية ومن جمعية مستوردي المواد الغذائية، أي أبرز جهتين استفادتا من سياسة الدعم الحكومية المجزية بين عامي 2020 و2021. قالتها الهيئات بالفم الملآن: «الضريبة تساوي الفوضى والإرباك في الأسواق».
وردّت الهيئات على تشريع ضريبي بعبارة «يلي فينا مكفينا» من دون أن تتطرّق ولو بشكل عابر إلى التعديلات الضريبية التي تصيب المستهلك بمعدل 46 مرّة، إنّما رأت في الضريبة على ربحها من الدعم «إجراءً يساوي بين الشريف والمرتكب». ورفضت مبدأ المحاسبة على ارتكابات سابقة في سنوات الانهيار السوداء، ووصفت مجرّد التفكير بالأمر بـ«إفقار اللبنانيين».
وفي سياق متصل قال مستوردو المواد الغذائية، كلاماً مماثلاً، مشيرين إلى أنّ «الضريبة مجحفة وتصيب الجميع»، وكأنّها تحضّر الناس لتدفعيهم ثمن الحسومات من أرباحها التي حقّقتها عبر إدخال أسوأ أنواع البضائع إلى السوق، وبيعها بالقطارة بالدولارات المدعومة. وأشارت إلى «رفضها سياسة الدعم التي أدّت إلى كثير من الهدر والفساد، وعدم وصول المواد المدعومة إلى أصحابها»، على الرغم من مسؤوليتها الأولى عن عرض وبيع وتسويق واستيراد المواد المدعومة.
4 شركات
تستحوذ على قدرة تخزينية بنحو 65% في مجال استيراد البنزين والمازوت بحسب أرقام صادرة عن وزارة الطاقة والمياه عن فترة ما قبل الأزمة،
12 شركة
هو عدد الشركات التي تستورد البنزين والمازوت، ثلاث منها تستحوذ على 60% من المبيعات في السوق