اخبار عربية ودوليةالرئيسية

“ذا إنترسبت”: “إسرائيل” أصبحت عبئًا على الولايات المتحدة

أكد موقع “ذا إنترسبت” “The Intercept” أن “الجماعة” التي قتلت الجنود الأميركيين الثلاثة، في إحدى القواعد عند الحدود الأردنية السورية، كانت دوافعها واضحة، والتي تتمثل بالرد على الدعم الأميركي لـ “إسرائيل”.

ولفت الموقع إلى ما قاله مسؤول رفيع المستوى من تحالف الفصائل العراقية في الإعلان عن مسؤولية تنفيذ الهجوم، وذلك لجهة استمرار التصعيد طالما تواصل الولايات المتحدة دعمها لـ”إسرائيل”. وتابع الموقع أن تمركز القوات الأميركية في القاعدة العسكرية التي تسمى “البرج 22″ عند الحدود الأردنية السورية لا يستند على أسس واضحة ترتبط بالأمن القومي الأميركي، إلا أن الوجود الأميركي كان مفيدًا جدًا لـ”إسرائيل”.

ورأى الموقع أن الوجود العسكري الأميركي في المنطقة يسهم بردع إيران، بحسب قوله، وكذلك أعداء آخرين لـ”إسرائيل”، مردفًا أن تشكيل الردع ضد خصوم “إسرائيل” يهدد بجرّ الولايات المتحدة إلى نزاع أوسع ومفتوح في الشرق الأوسط.

وأشار في هذا السياق إلى الضربات الأميركية ضد حركة أنصار الله في اليمن، والتي بدأت بعدما استهدفت الجماعة اليمنية سفنًا في البحر الأحمر من أجل إجبار “إسرائيل” على وقف إطلاق النار في غزة. وقال الموقع إن “إسرائيل” باتت تشكّل أكثر فأكثر عبئًا على المصالح الأميركية، في الشرق الأوسط، خاصة في ظل سعي الولايات المتحدة إلى الانسحاب من المنطقة.

وأكد أن المسؤولين الأميركيين مجبرون على إنفاق موارد اقتصادية وسياسية وعسكرية ضخمة، من أجل حماية الحكومة الإسرائيلية من التهديدات “الداخلية”، وتشتيت الأنظار عن الغضب الدولي إزاء حملتها في غزة. ولفت إلى أن الولايات المتحدة تدفع أثمانًا مادية باهظة لـ”إسرائيل”، ومقتل الجنود الأميركيين الثلاثة بيّن أيضًا دفعها هذه الأثمان من الأرواح، وذلك من دون تحقيق مكاسب استراتيجية واضحة تذكر لأميركا نفسها.

ونقل الموقع عن الباحث والمحلل المتخصص في الشؤون الفلسطينية معين رباني قوله إن: “إسرائيل” دائمًا ما تروّج لنفسها على أنها أفضل من يستطيع حماية المصالح الغربية في الشرق الأوسط، إلا أن هذه الفرضية أصبحت اليوم لا تنسجم مع الواقع.

وأشار الموقع إلى كلام الرئيس الأميركي جو بايدن بعد أيام من عملية طوفان الأقصى- بأنّه لو لم تكن “إسرائيل” موجودة فكان يجب إيجادها – واستخدامه هذه العبارات مرارًا في سياق تقديم الحجة لدعم “إسرائيل”، هو في غاية الأهمية من أجل المصالح الأميركية.

كذلك لفت الموقع إلى أنّ مرشحين رئاسيين آخرين تحدثوا بطريقة مماثلة عن العلاقات الأميركية- الإسرائيلية، مشيرًا في هذا السياق إلى أن روبرت كينيدي، وهو مرشح رئاسي مستقل ونجل شقيق الرئيس الأسبق جون كينيدي، شبّه “إسرائيل” بحاملات طائرات أميركية في الشرق الأوسط. كما لفت إلى أن المرشحة الجمهورية نيكي هيلي ذهبت إلى حد القول إن “”إسرائيل” لا تحتاجنا، بل نحن نحتاج “إسرائيل””.

كذلك تابع “ذا إنترسبت” أن فائدة “إسرائيل” للولايات المتحدة ربما كانت في ذروتها خلال الحرب الباردة، وأن “إسرائيل” قاتلت حينها الدول العربية التي قامت بإنشاء علاقات عسكرية واستخباراتية مع الاتحاد السوفياتي السابق، وبالتالي قدمت نفسها حاميةً للنفوذ الأميركي في المنطقة، مضيفًا: “ومنذ ذلك الحين، فإنّ العلاقات أصبحت بشكل شبه كامل لمصلحة “إسرائيل”، إذ إن الولايات المتحدة أدت دورًا مفيدًا أكثر بكثير لـ”إسرائيل” من خلال مساعدة الأخيرة على مواجهة أعداء؛ مثل إيران وإنشاء علاقات استراتيجية مع دول خليجية عربية”.

كذلك قال الموقع إنه على الرغم من تقديم نفسها حليفًا، خلال الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان وحملات محاربة الإرهاب ضد القاعدة وداعش، فإنّ “إسرائيل” كانت غائبة في الغالب. وقال إن الضغوط السياسية الداخلية أصبحت العامل الأساس وراء الدعم الأميركي الثابت لـ”إسرائيل”، وذلك في غياب الأسباب الوجيهة على صعيد الأمن القومي. وأردف أن المكاسب السياسية للسياسيين المؤيدين لـ”إسرائيل” مكّنت في النهاية الأخيرة من رفض الحلول لإنهاء الاضطراب السّياسي في المنطقة، وفي الوقت نفسه إجبار الولايات المتحدة على استمرار التدخل بالنيابة عنها.

كذلك قال الموقع إنه وُجهت انتقادات إلى إقامة قواعد، مثل “البرج 22” وغيرها من القواعد العسكرية الأميركية في العراق وسوريا وبلدان مجاورة مثل الأردن، وذلك كونها تجعل القوات الأميركية صيدًا سهلًا من دون أي مكاسب للمصالح الأميركية. وتابع أنه؛ وبينما آلاف الجنود المتمركزين في الشرق الأوسط يؤدون دورًا في إطار حماية الملاحة أو محاربة الإرهاب، إلا أن العديد منها موجود من أجل خوض حرب بالوكالة ضد إيران، مردفًا أن: “الولايات المتحدة بذلت مساعٍ كبرى على مدار الأعوام من أجل ردع إيران بالنيابة عن “إسرائيل””.

واذ أوضح الموقع أنّ مسؤولين عسكريين أميركيين انتقدوا الدعم الأميركي المطلق لـ”إسرائيل” بسبب التداعيات الناتجة عن هذا الدعم للمصالح الأميركية في المنطقة، حيث تبقى “إسرائيل” غير محبوبة بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين، شدّد على أن هذه الشكاوى حتى من المسؤولين العسكريين الأميركيين يجري التراجع عنها في غالب الأحيان، وذلك بسبب الضغوط السياسية.

وأردف أنه على الرغم من تعهدات القادة الأميركيين بتقليص موطئ القدم الأميركي في الشرق الأوسط، إلا أن التزام الولايات المتحدة حيال “إسرائيل” تحول إلى التورط العسكري في المنطقة.كذلك أردف الموقع أن الوجود الأميركي بالنسبة إلى “إسرائيل” في المقابل يحصّن مبادراتها الاستراتيجية.

كما نقل الموقع، عن الباحث الإيراني تريتا بارسي، قوله إن الإسرائيليين يرون الوجود الأميركي في المنطقة مهمًا للغاية، وأنه يعطي “إسرائيل” هامش مناورة أكبر من أجل تنفيذ الضربات في أماكن مثل سوريا ولبنان. كما نقل عن بارسي قوله إن هذا الوجود يمنح الإسرائيليين حسّ الردع ضد الأطراف التي من المرجّح أن ترد عليها، بحسب تعبيره، إذ إنه قد يعني انجرار الولايات المتحدة إلى المعركة أيضًا.

وتابع الموقع؛ أنه بات واضحًا أكثر فأكثر أنه طالما استمرت الولايات المتحدة بالعلاقات مع “إسرائيل”، والتي تخدم الأخيرة بشكل أساس، لن تبقى عالقة في المنطقة فحسب، بل فرص أن تقدم “إسرائيل” تنازلات إلى الأطراف المجاورة من أجل تحقيق السلام تصبح أقل ترجيحًا. ورأى “ذا إنترسبت” أنه بالرغم من الاتفاقيات المحدودة مثل “اتفاقيات إبراهام، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين أكدوا أكثر من مرة رفضهم المزيد من الاتفاقيات الكبيرة التي تسمح للولايات المتحدة بخفض وجودها في المنطقة.

ونقل الموقع عن المسؤول السابق في “الـ CIA” بول آر بيلار قوله إن ما يقال عن تحالف وثيق بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” هو في الغالب نابع من الحسابات السياسية الداخلية الأميركية، ومكانة “إسرائيل” في هذا السياق، وليس من معايير غير سياسية تتعلق بالمصالح الأميركية في الخارج أو باستراتيجية وطنية. كما نقل الموقع، عن بيلار، قوله إن الأحداث الأخيرة وخاصة الحرب الإسرائيلية على غزة تؤكد الفجوة الكبيرة بين المصالح الأميركية من جهة، والسياسات التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية من جهة أخرى. كذلك نقل عنه أن التباين واضح حتى في الوقت الذي دعمت في إدارة بايدن بالمطلق الحكومة الإسرائيلية بالرغم من الأحداث المروعة في غزة.

وأكد أن إدارة بايدن، وفي ظل ضيق الخيارات، تعهدت بالرد بقوة على مقتل الجنود الأميركيين الثلاثة، علمًا أن حجم الرد يبقى غير واضح في ظل المشاعر المعادية للحرب في الداخل الأميركي.

ختم الموقع بالقول إن بايدن يواجه وضعًا؛ فيه السياسات الداخلية وخاصة نفوذ الجهات الموالية لـ”إسرائيل” ما تزال تجرّ الجيش الأميركي إلى منطقة تخسر فيها الأرواح والموارد، من دون أن تحصل على شيء يُذكر في المقابل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى