سيكون للحرب الدائرة في غزّة حتماً تداعيات كبيرة على شعوب المنطقة حتى ولو لم تقع الحرب في أيّ منها، فالتأثير الاقتصادي الذي يُمكن أن يطالها لناحية ارتفاع الأسعار والتضخّم لن يكون أبداً بسهل أو بسيط، فبعد فترة بسيطة ستشهد دول المنطقة برمّتها بما فيها لبنان إرتفاعاً في الأسعار، وهذا لن يكون بسبب تلاعب أو احتكار التجار الذي سيلعب دوراً حتماً في القضية، لكنه لن يكون هو الأساس أو المسبب بل كل ما يجري في المنطقة… فكيف تؤثر الحرب في غزّة وما يحصل في البحر الأحمر بهذه المسألة وهل حقاً سترتفع اسعار السلع والى أي مدى؟.
“هناك آلية في الاقتصاد تمنع السيطرة على التضخّم بالاقتصادات في الدول في ظلّ كلّ ما يحصل في غزّة والبحر الأحمر”. هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، مشيراً عبر “النشرة” الى أنه “عند وقوع الحرب يرتفع التأمين وترتفع الأسعار وهذا يؤدي الى التضخّم”. عجاقة يشدّد على أن “البترول يدخل في التعليب ونقل السلع وهذا يرفع حكماً الأسعار، إضافة الى نقص التوريد بفرضية كما يحصل في البحر الأحمر وهنا يُمكن للبواخر أن تغير طريقها وهذه لها تداعيات كبيرة يُمكن أن تؤخّر وصول السلع كما أنه في بعض الاحيان يتم عدم وصولها”.
عجاقة رأى أن “هناك أمورا اضافية الا وهي ما يحصل على الصعيد العالمي مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، واليوم الصين تتجه للتصعيد في وجه تايوان، وهذه كلّها لها تداعيات على التجارة العالميّة ونقص السلع في الأسواق، وهذا سيؤدي حكماً الى رفع الأسعار، وبالتالي التضخّم آت لا محال”. في المقابل يشير الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين الى أنه “بشكل عام كلّ أنواع السلع سترتفع من 10 الى 15% وفي وقت قريب، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار ما يحصل في غزّة والبحر الأحمر، هذا ولم نتطرق الى تطبيق رسوم الموازنة الجديدة للعام 2024، هنا سنشهد حتماً ارتفاعاً أكبر من ذلك”، لافتاً في نفس الوقت الى أنّ “المنافسة للاستيراد خفّت كثيراً وباتت محصورة بأقلّية فقط بسبب غياب الأموال وعدم وجود قروض في المصارف وهنا الاحتكار سيزيد أكثر فأكثر وسيؤدي الى رفع للأسعار”.
في المقابل يلفت عجاقة الى أن “هناك مؤشراً يذهب بإتجاه الإيجابية أكثر ويقول إن الولايات المتحدة سحبت إحدى أكبر بوارجها، وأغلب الظنّ أنه لم يعد هناك من مخاطر كبرى موجودة كتلك التي كانت سابقاً، من هنا التضخّم حتميّ، ولكن قد يأخذ وقتاً ليصل الى لبنان وبالتالي الارتفاع الكبير في الأسعار لن يكون فورياً”.
إذاً، لا مفرّ من إرتفع أسعار السلع في مختلف البلدان ومنها لبنان نتيجة كل ما يحصل في المنطقة والعالم من حروب، واليوم تأتي ضرائب الموازنة لتضيف على المواطن أعباء إضافية عن تلك التي سيتكبدها نتيجة الارتفاع بسبب الحرب… والسؤال كيف سيستمرّ؟!.