«دمعة مريم ـ مآسي غزة» أمسية ثقافية ومعرض تشكيلي في المكتبة الوطنية
كلمات أجمعت على المقاومة والصمود ولوحات مزجت الوجع بفعل النصر
عبير حمدان
غزة النزف الممتدّ نحو السماء الذي ينسج مشاهد تحفر في الوجدان، إنه الحقّ في مواجهة الباطل وطُهر الصمود والدمع الذي تحوّل إلى سيل هادر.
إنها فلسطين القضية التي لا تُختَصر لكونها نقطة البداية والنهاية، والنص الحقيقي والقصيدة الخالدة والرصاصة المستقرة في قلب المحتل، هناك في غزة وفي كل المدن الفلسطينية يوثق التاريخ بدماء الأطفال والنساء والشيوخ مظهراً للعالم كله وحشية العدو.
والتعبير عن التضامن مع غزة وفلسطين والجنوب اللبناني جزء من المعركة ضد العدو حيث لكل فرد دوره في ميدانه سواء من الناحية الثقافية أو الاجتماعية أو الفنية وصولا إلى تحقيق النصر المبين.
أحيت وزارة الثقافة بشخص وزيرها القاضي محمد وسام المرتضى أمسية ثقافية تحت عنوان «دمعة مريم ومآسي غزة» في مقر المكتبة الوطنية – الصنائع بالتعاون مع سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية حيث شاركت فيها سعادة الدكتورة جميلة علم الهدى عقيلة فخامة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية.
تقدم الحضور الوزراء زياد مكاري، هكتور حجار، مصطفى بيرم، والوزير السابق روني عريجي ممثلاً رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والنواب قبلان قبلان، امين شري، وعلي فياض والسفير الايراني في لبنان مجتبى اماني واركان السفارة وممثل حركة حماس في لبنان أسامة حمدان، وممثل حركة الجهاد الإسلامي إحسان عطايا وعدد من الشخصيات السياسية والروحية والثقافية والاجتماعية والاعلامية.
قدم للفعالية الزميل روني ألفا وكانت كلمات أكدت على المقاومة في مختلف المجالات والصمود حتى تحرير الأرض لكل من راعي أبرشية صيدا ودير القمر للموارنة المطران مارون العمار، رئيس المجلس الكاثوليكي للإعلام المونسينور عبده ابو كسم، مفتي محافظة بعلبك – الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، عضو المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز ومستشار سماحة شيخ العقل الدكتور سامي ابي المنى للتواصل والعلاقات العامة الشيخ فادي العطار، الأرشمندريت د. بسام شحاتيت، راعي طائفة الروم الكاثوليك الملكيين في الاردن سيادة الراهب في الكنيسة الأرثوذكسية الجلیلیة الفلسطينية الأب أنطونيوس حنانیا العكاوي ومستشار وزير الثقافة للشعر الزجلي رئيس بلدية دير دوريت انطوان سعادة.
المرتضى: المقاومة الثقافية غايتها بثّ الوعي
وأكد المرتضى في كلمته أن دموع الأمهات في غزة خناجر في عيون الظالمين، فقال: «مريماتُ غزَّةَ يبكِينَ دمعًا ودمًا وأشلاءَ بنين. يتلقَّفْنَ الشهادةَ هابطةً عليهنَّ من دويِّ المدافعِ وزئيرِ الطائرات، عالماتٍ أنْ لا دارَ تحمي، ولا مسجدَ ولا كنيسة، إن الدَّمعَ في أجفانِهنَّ ضَعفٌ والبكاءَ إعلانُ هزيمة؟ لا! لا! فدموعُ الأمهاتِ على فِلذاتِ أكبادِهنَّ خناجر في عيونِ الظالمين، أعداء الأمومة والطفولةِ والإنسانية.»
واعتبر «أن المقاومة الثقافية واحدةٌ من أهمِّ فصول الصراع مع العدو المغتصب. مقاومةٌ غايتُها بثُّ الوعي لدى الكافةِ عن مخاطر هذه الغدة السرطانية المزروعة في أرضِنا».
وتوجّه مخاطباً الدكتورة علم الهدى ضيفة لبنان: «إن حضورك فيما بيننا، لإحياء هذا اليوم دعمًا لآلام غزة ودموع نسائها ودمائهنَّ، يشكل وجهًا من وجوه المساندة التي تقدمها الجمهورية الإسلامية في إيران، لقضية الحق الإنساني الأولى على صعيد العالم أجمع، وهي قضيةُ فلسطين. وكلُّنا يقين بأن النور لا بدَّ أن يسطع في آخر المطاف»
علم الهدى: الروح الثورية خلاص الشعوب
وألقت الدكتورة جميلة علم الهدى كلمة من وحي المناسبة جاء فيها: «إن ما نشهده اليوم في غزة هو صرخة مدوية من حناجر النساء والأطفال المسلمين والمسيحيين، تهز ضمير العالم برمته. هذه الصرخة التي يتردد صداها في ساحات جديدة يوما بعد يوم».
مشيرة الى أن «مؤتمر دمعة مريم الدولي» هو عبارة عن تحرك عالمي نحو تكريس دور المرأة الملتزمة بالقيم المعنوية والروح الثورية في خلاص الشعوب من الخواء الروحي الذي يراد لها أن تضيع فيه، متخذة من شعلة «السيدة مريم العذراء» نبراساً على طريق الهدى والنجاة».
وفي نهاية الفعالية قدمت وزارة الثقافة ممثلة بشخص الوزير جملة هدايا الى الضيفة الإيرانية منها شهادة ناطقة بأن أرزة قد زُرعت باسمها في محمية ارز الباروك، وهدية عبارة عن لوحة تحاكي مآساة غزّة من نتاج الفنانة التشكيلية المبدعة مجد رمضان، وهدية ثالثة عبارة عن الصناعة الحرفية اللبنانية وتحديدًا من منطقة جزين.
المعرض
وشكّل المعرض الذي أقيم على هامش الفعالية مساحة تعبير للفنانين من خلال لوحاتهم عن ملاحم الصمود في غزة ضد عدو الإنسانية ورغم حجم المآساة حملت الالوان الأمل بأن النصر آت وأن أهل الأرض سينتفضون من تحت الركام أكثر قوة، وفق تعبير بعض الفنانين الذين تحدثوا للـ«البناء» عن لوحاتهم.
وقالت الفنانة الشابة ريم إبراهيم إن «لوحتها تحاكي الواقع الذي نعيشه في بلادنا جراء العدوان المستمر من المحتل الذي يرتكب المجازر في فلسطين وكذلك في جنوب لبنان».
وأكدت إبراهيم أنها تشارك في المعرض تضامناً مع فلسطين وسعياً لإيصال صوتها من خلال الألوان والتقنية المبتكرة التي اعتمدتها في تشكيل اللوحة ما هي إلا تعبير عن القوة الكامنة في داخلنا وقدرتنا على الاستمرار والنهوض مهما حوصرنا بالمآسي والقتل».
أما هناء سعادة فاختارت أن تفتح درباً إلى السماء، وقالت: «مشاركتي في هذ المعرض تأتي انطلاقاً من قناعتي بأهمية القضية ونحن اليوم نضيء على وجع غزة وفلسطين وبدل أن يعيش الأطفال في فلسطين أيام العيد مع أهاليهم إذا بنا نراهم يرتقون إلى السماء، لعلهم الآن في مكان أفضل ولكنهم لم يختاروا أن تكون حياتهم قصيرة».
وقالت سعادة إنها على ثقة بأننا سنرسم النصر قريباً على كامل الأراضي المحتلة لأن النصر حليفنا وقريب جداً، وفق تعبيرها.
من جهته قال الفنان نبيه نصار: «لوحتي تجسد مخافة السيدة مريم على السيد المسيح حيث أن العدو نفسه منذ ذلك الزمن حتى يومنا هذا، ولكن رغم الخوف يبقى الفرح مقيماً بين التفاصيل وما يحصل اليوم في غزة أكبر دليل على أن الفرح قادم بتحقيق النصر رغم هول المجازر».
وأعتبر نصار أن التعبير الفني ثقافة مقاومة لا تنفصل على طبيعة الصراع القائم، مؤكداً أنه سيأتي اليوم الذي ستُقام فيه المعارض على أرض فلسطين احتفاء بالنصر.
من جهتها أكدت الفنانة ديانا ذبيان المسؤولة عن نشاطات منتدى الفن التشكيلي الذي شارك في المعرض أنهم أرادوا أن يكونوا متواجدين ضمن فعالية «مؤتمر دمعة مريم» لما تمثله السيدة مريم من قيمة روحية ومعنوية، وقالت: «نحن نسعى دوماً كمنتدى فني برئاسة السيد علي ناصر أن تكون نشاطاتنا برعاية وزارة الثقافة واخترنا المشاركة في الفعالية تحت مسمى «دمعة مريم» تعبيراً عن أهمية دمعتها هذه وعينها على البلد، وهدفنا في مختلف معارضنا وكل ما نقوم به إيصال رسالة تربوية وتثقيفية وتعليمية».
وعن لوحتها قالت ذبيان: «لم أرسم شخوصاً بل اخترت أن أجمع الورود في لوحتي كنوع من التعبير الانطباعي حيث أن الطبيعة هي الأم ومفهوم العطاء المقدس».
الفنانة زهراء زغيب شاركت بلوحة سيريالية، وقالت: «لوحتي تعبيرية تتناول مأساة ما يحصل في غزة، حيث بألوان رمادية تميل إلى السواد من خلال الغراب الذي يقيم في المنازل المهجورة حيث بقيت الكوفية حاضرة والطفل الشهيد ولكن تركت مساحة لكسر السياج المتمثل بالنجمة السداسية التي يدّعي العدو أنها له ونحن جميعاً نعلم إنه سرقها في محاولة منه لتشريع وجوده».
ورأت زغيب أنها سترسم النصر قريباً، وتمنت أن تكون هذه الفعاليات الثقافية والفنية دائمة.
أما الفنان المهندس خالد ترو فقال: «هذا المعرض جزء من التضامن مع اهلنا في غزة، ونحن كفنانين نعبّر عن موقفنا من خلال لوحاتنا كنوع من المقاومة الثقافية حيث إن العدوان الذي يشنه العدو وجرائمه تناقض أي مفهوم للإنسانية وهو الذي يوظف ترسانته العسكرية المدمرة ضد الاطفال والنساء والشيوخ والمؤسسات والمشافي».
وأضاف: «حاولت من خلال لوحتي الإضاءة على الدمار الهائل والمجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني الذي بدأ بالتضعضع أمام بطولات المقاومين وصمود الشعب. من جهتي أردت القول عبر اللوحة التي شاركت بها إننا نرفض هذا الدمار وما اللون الأبيض فيها إلا الأمل بالنصر القريب».
وختم: «لا بد من الاشارة إلى أهمية ما تقوم به وزارة الثقافة من فعاليات بتوجيه ومتابعة من معالي الوزير الذي يدعم القضايا المحقة حيث إن الثقافة جزء لا يتجزأ من المعركة مع العدو».