اخبار محليةالرئيسية

رسالة مفتوحة من وئام وهاب الى جنبلاط وأرسلان

 

وجّه رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب رسالة مفتوحة الى كل من النائب وليد جنبلاط والوزير والنائب طلال ارسلان جاء فيها:

معالي الاستاذ وليد جنبلاط المحترم

معالي الوزير طلال ارسلان المحترم

تحية وبعد،

قرأت كما قرأ كثيرون من أبناء الطائفة الدرزية السجالات المتبادلة بينكما، والتي اتخذت احياناً طابع الحدة كما في رسالة وتغريدات الوزير ارسلان، واحياناً طابع السخرية كما في تغريدات الوزير جنبلاط.

ولانني كنت طرفاً في بعض لقاءاتكما عندما فوضتني سوريا على مدى سنوات ماضية الجمع بينكما لتسوية ملف مشيخة العقل في حينها، وبعض الملفات الاخرى العالقة، ومنها الحقوق الدرزية الضائعة .

لذا انطلاقا من خبرتي في هذه العلاقة وحرصاً على طائفة لم يتبق لها شيء في المعادلة اللبنانية، إلا الصراع على بقية مقاعد لا تقدم ولا تؤخر في المعادلة، أورد الملاحظات الآتية:

بالنسبة للامير طلال أرسلان

أولاً، تعرف يا عطوفة الأمير ما يربطني بك من محبة وأخوة ستبقى رغم كل ما فعلته وتفعله. لكن تذكر جيداً لقائي بك في العام ١٩٩١ في وزارة السياحة بمسعى من شقيقي المرحوم رامز الذي كان يحبك كثيراً، ويومها قلت لي: لماذا لا يعترف وليد جنبلاط بوجودي على الساحة الدرزية ؟ ” يا أخي يعتبرني بمثل خمسة بالمية … ليش ما بيعترف فيي”. وتذكر يومها كلامي جيداً لاننا عدنا وتذكرناه معاً في اكثر من مناسبة حين قلت لك : “يا مير بالسياسة ما حدا بيعترف لحدا، الحصة بياخدها الواحد بسيفو مش بسيف الاخرين”. والمشكلة يا مير طلال انك بعد ٢٧ وعاماً فهمت من رسالتك الاخيرة انك تحاول ان تاخذ اعترافاً من جنبلاط بحجمك، والاستجداء في السياسة لا ينفع، وهناك مثل في حاصبيا يردده اهلها وربما يذكرك به الأمير مفيد شهاب، وهذا المثل يقول : “الحق على قد طالبو” وانت تعرف ليس في هذه الدنيا حق إلا اذا كان صاحبه قادر على الحصول عليه.

ثانيا، حمّلت الوزير جنبلاط مسؤولية ما حل بالدروز منذ أربعين عاماً حتى اليوم، هل نسيت بأنك شريكه منذ ٢٨ عاماً في الحكومات المتعاقبة ولم تنقطع عن المشاركة في السلطة منذ العام ١٩٩٠ وحتى اليوم إلا في العام ٢٠٠٥ ؟ لماذا القاء التهمة على الآخرين وعدم إجراء مراجعة لإداءك منذ ٢٨ عاماً ؟ مع العلم، وانا لا انكر لان الانكار عيب ، ان القول بان جنبلاط لم يفعل شيئاً هو كلام خاطئ ، صحيح انه لم يفعل كل ما يطلبه الدروز، ولكنه قام ببعض الامور التي لا يمكن انكارها.

ثالثاً، منذ تسلمك لحقيبة وزارة المهجرين وانت تمارس السياسة التي انتقدتها طيلة ٢٨ عاماً . اذ كيف تفسر ان تدخل الى القرية الواحدة، فتحرم شقيقاً وتعطي شقيقاً آخر او تحرم بيتاً وتغدق على البيوت المجاورة . وكيف توزع مالاً سياسياً لغير مستحقيه وتترك آلاف المتضررين دون تعويضات. وبدل ان تقوم برسم خطة حقيقية منذ سنة ونصف لاتمام العودة واقفال الملف واعطاء المسيحيين والدروز والسنة في أقليم الخروب مستحقاتهم لاكمال عملية الاعمار والعودة، إتفقت مع الرئيس سعد الحريري على مقايضة مقيتة لا تحل مشكلة مهجر واحد، بل تساعدكم على استعمال اموال المهجرين بديلاً عن المال الإنتخابي.

رابعاً، اقر وأعترف واحلف بالله العظيم انا وجميع الدروز، بأن زعامتكم عمرها الف عام وهي سبقت اسكندر المقدوني ونبوخذ نصر وتحوتمس الثاني، ولكن يا عطوفة الامير قل لي بربك ما هي المؤسسات التي اقمتموها للدروز طيلة الف عام، ولولا عارف بك النكدي الذي أسس بيت اليتيم الدرزي، والشيخ محمد ابو شقرا الذي بنى دار الطائفة الدرزية ومؤسسة عين وزين، والشيخ بهجت غيث الذي أسس روضة ابناء الشهداء، ومؤسسة العرفان التي انشأها الشيخ ابو محمد جواد ولي الدين والشيخ ابو محمد شفيق عبد الباقي طيّب الله ثراهما وكوكبة من المشايخ، فليس لدى الدروز أي مؤسسات اخرى !

يا عطوفة الامير شبعنا مراجل ، وشبعنا احاديث عن بطولات وهمية ، وشبعنا عنتريات عن تاريخ نصفه كاذب ونصفه صحيح، اولادنا تريد التعليم وفرص العمل والاستثمار والاستفادة من الماضي وليس العيش في الماضي.

نريد يا عطوفة الامير موحداً شريفاً لا يذل على ابواب مستشفى، وشاباً رافعاً رأسه يتعلم في الجامعة، وفتاة لا تستجدي قسط الجامعة، نريد فرص عمل ومؤسسات.

خامساً، تسلمت يا عطوفة الأمير أكبر بلدية في الجبل وواحدة من اكبر بلديات لبنان، ومع احترامي للدكتور وجيه صعب الآدمي وزياد حيدر المستقيم والعملي، إلا انك كرّست سياسة في البلدية لم يكرسها غيرك، واستخدمتها في مواجهة أهل بلدتك حتى ضجوا من تمييزك بين واحد وآخر. وأفلت المقاطعجية يسطون على الاملاك العامة ويستخدمون الجسور وفضلات الاراضي حتى ان احد مرشحي اللحظة الاخيرة على لائحتك أخبرني انه كان يدفع خوّة لاحد مرافقيك ولن اذكر اسمه احتراماً لعائلته بقيمة خمسة وعشرين ألف دولار ليسمح له بوضع الاعلانات في نطاق البلدية. فكيف تقبل، رغم الانجازات الاخيرة لرئيس البلدية، ان تكون الشويفات أغنى البلديات في لبنان، مستباحة بهذا الشكل.

سادساً، تدعو الوزير جنبلاط الى إجتماع للنواب الدروز، ومن هم النواب الدروز ؟ هم نواب تابعون للوزير جنبلاط، ولماذا يناقش جنبلاط معك شؤون الطائفة ؟ ولولا المقعد الفارغ ما كنت لتكون نائباً؟ هل يناقش احد مع نفسه شؤون الناس ؟ ولكن يبدو بان ظروف الانتخابات تدفعك لاطلاق نقاش معين، والجميع يعرف بانه نقاش غير جدي ، فالحوار الوحيد المفيد هو ان يكون لنا هيئة دائمة للطائفة الدرزية تجتمع في حضرة المشايخ المراجع أبو يوسف أمين الصايغ وأبو سليمان حسيب الصايغ وأبو صالح محمد العندراي وأبو علي سليمان أبو دياب ومشايخ حاصبيا وبيصور والغرب والمتن، لانه بصراحة يا عطوفة الامير، الدروز يثقون بالمشايخ وليس بكم لتحديد مصالح الطائفة. أما دعوتك لاجتماع النواب فهي استجداء لكي يبحث جنبلاط الأمر معك، وهذا لن يحصل، وحصل سابقاً ولم يؤت بنتيجة.

بالنسبة للأستاذ وليد جنبلاط

أولاً، نتفهم حرصك على عدم الدخول في سجال أو نزاع سياسي، لم تقنعنا اصلاً انه موجود بينك وبين المير طلال، فمن يحرص على ترك المقعد الدرزي في عاليه شاغراً منعاً لـ “حسابات رياضية” قد يفضي اليها الصوت التفضيلي، لا يمكن ان يقنع الدروز بانه في مواجهة مع “خصم وهمي”، يرمي اليه بين الحين والآخر ترميم نتائج الحسابات الخاطئ التي طالماً كانت وبائاً على الدروز، ثم يتركه متسولاً على اعتباب المقعد النيابي والحقيبة الوزارية الموعودة.

ثانياً، يا وليد بك كلامك عن الديمقراطية والتعددية مهم ، وتحسرك لأن لبنان لا يمارس الديمقراطيات المتقدمة التي تمارس في الخارج ، لا يكفيان في الوقت الذي نشهد فيه تعديات غير مبررة وتوتير غير مسبوق في بعض القرى باتجاه بعض المرشحين وهذا الامر لا يفيد بشيء.

ثالثاً، اقترح عليك وعلى الوزير أرسلان، وعلى كل درزي راغب، دون استثناء، ودون تصنيف، بين “كبار القوم” والعامية ان نترك صراعاتنا السياسية ، ان ننسى النقاش حول كل مشاكل العالم، من سوريا حتى كوريا، وان ننصرف الى معالجة شأن امرأة عجوز في هذا الجبل لا تجد قوتها ودوائها، ورجل كان بالأمس كالجبل، واليوم اناخته الحاجة، وشاب وفتاة يريدان الدنيا ان لا تتسع لطموحهما ويصطدمان بعدم القدرة على الدخول الى سوق العمل. فلنترك السياسة ولنفكر كيف نجعل من الجبل جنة استثمارية وبيئة حاضنة للشركات ورؤوس الاموال والسياحة والتجارة والصناعة، ولا اخفيكم انني اتواصل مع عشرات رجالات الاعمال الذين يبدون الاستعداد للاستثمار ، اذا امنا لهم الحماية اللازمة والبيئة اللازمة.

رابعاً، يا وليد بك: جميل ان تستعير من الاديب جبران توصيفات “النور المظلم والعتمة المنيرة” ، لقد كنت أحسب انك لم تحفظ من اقواله إلا جملته الشهيرة “لا أريد شيئا، وأريد كل شىء”.

أخيراً، السلام على من اتبع الهدى، والتحية لمن يعتبر ان نقطة دم في الجبل لا توازي كل المقاعد، لا ان يحدثنا عن مصلحة الطائفة وينفخ في بوق الفتنة. الدم ثقيل فلا تسيرا باتجاه اراقته من أجل مقاعد فارغة وغير فارغة. آن الأوان لتتحولوا الى ممثلين لمصالح الدروز بعد ان كنتم ممثلين لغرائزهم وانقاساماتهم وعصبيتهم التي لم تجر إلا الويلات ، فزمن الغرائز الى اندثار، وزمن التوحيد الى انبلاج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى