غورباتشوف: لا يمكن التحدث مع روسيا بهذه اللهجة
إذا كان أحد يتوقع أن توافق روسيا على دور ثانوي في الشؤون العالمية وأنها لن تدافع عن مصالحها فإنه يرتكب خطأ فادحاً
أعرب الرئيس الأخير للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف عن اعتقاده بأنّ روسيا وأميركا ليستا محكومتين بمواجهة بعضهما البعض، بل تحتاجان إلى إقامة حوار يعيدهما لآفاق التعاون والشراكة.
وأعرب غورباتشوف عن أمله في أن يكون لدى البلدين “ما يكفي من القوة والطاقة للعمل الكبير الذي ينتظرنا، للخروج من هذه الحلقة المفرغة وبدء التحرك نحو علاقات طبيعية”.
أضاف: “نحن بحاجة إلى مزيد من البحث، من أجل العودة إلى آفاق التعاون والشراكة، وإلى التفكير مرة في الأمر بجدية، واليوم يقول بعض الناس إنّ هذه الأفكار من المدينة الفاضلة، وروسيا وأميركا محكوم عليهما بالمواجهة. وأنا أجيب: لا، إنهما ليستا محكومتين”.
وإذ أشار إلى الأحداث التي وقعت قبل ثلاثين عاماً، أعرب غورباتشوف عن قناعته بأنّ تجربة تلك السنوات التي خاضها يجب أن تؤخذ في الاعتبار اليوم، وقال: “في أصعب المواقف لا يمكن للمرء أن يذعن للذعر أو التشاؤم”.
وتابع الرئيس الذي انهار الاتحاد السوفياتي في عهده قائلا: “في الوقت نفسه، وخلال تقييم الوضع الحالي في العالم وفي العلاقات بين بلدينا، نحتاج إلى أن نكون واقعيين ورصينين. فخلال السنوات القليلة الماضية، كنت أتابع بقلق كبير ما يحدث في علاقاتنا من تهديد خطير لما تمكنا من تحقيقه في وقتنا: الثقة ووقف سباق التسلح والتعاون وفتح أبواب الشراكة”.
واعتبر غورباتشوف أنّ أهمّ سبب للمشاكل الحالية في العلاقات الثنائية، يكمن “في التقييم الخاطئ من قبل الغرب، وقبل كلّ شيء، من قبل الولايات المتحدة، للحدث التاريخي المتمثل بانتهاء الحرب الباردة”.
هذا كان انتصاراً مشتركاً، كما أكد الزعيم السوفياتي السابق، “ولكن بدلاً من الاعتراف بهذا الأمر، أعلن الغرب انتصاره في الحرب الباردة”، وخلصت الولايات المتحدة إلى أنه “من الضروري بناء القوة وفرض الإرادة وبناء عالم أحادي القطب. تحت هيمنة إمبراطورية أميركية”.
وقال غورباتشوف: “العواقب معروفة لنا، وفي الشرق الأوسط، وفي البحر الأبيض المتوسط وفي أوروبا، ويوغوسلافيا، والآن أوكرانيا، وهذا يحدث في القارة التي بدأت فيها حربان عالميتان، أعتقد أنّ الصراعات واستخدام القوة في أوروبا وهذا أمر لا يغتفر خاصة، أنّ هذا هو أكبر فشل للسياسة الأوروبية والعالمية”.
وأشار إلى أنه في أوروبا لم يكن هناك أبداً نظام أمن شامل يغطي جميع البلدان، لذلك “اقترحنا إنشاء مجلس أمن لأوروبا، وقد تمّ دعم هذه الفكرة (ميتران، غينشر، سكوكروفت) لكن تمّ تجاهلها” لاحقاً.
وبدلا من ذلك “وليس خلافاً لموقف روسيا فقط، ولكن أيضاً خلافاً لتحذيرات العديد من السياسيين والدبلوماسيين من الغرب، بدأ حلف شمال الأطلسي في التوسع شرقا”.
وختم غورباتشوف قائلا: “لن أذكر كلّ الأمثلة على الإجراءات الأحادية الجانب التي اتخذتها الولايات المتحدة. والتي كان يُنظر إليها في روسيا بشكل لا لبس فيه: إنهم لا يأخذون في الاعتبار مصالحنا، إنهم يريدون طردنا من السياسة العالمية، لا يمكنهم التحدث مع روسيا بهذه اللهجة”. وإذا كان أحد يتوقع أن توافق روسيا على دور ثانوي في الشؤون العالمية، وإنها لن تدافع عن مصالحها، فإنه يرتكب خطأ فادحا، مثله مثل الحسابات الخاطئة تماما حول القدرة على عزل روسيا”. “نوفوستي”