خاص ـ أرثوذكسي عاليه لـ “الوطني الحرّ”؟!
جنبلاط أعاد الحرارة إلى خط الاتصالات مع التيار... والمستقبل حريص على اتفاق حليفيه القديم والجديد
بعد العشاء العائلي الذي جمع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل في دارة الأوّل في كليمنصو في أواخر شهر كانون الأول الماضي، صدرت عن الطرفين بيانات إيجابية تجاه بعضهما البعض، وأكدا أنّ هناك إمكانية كبيرة للتحالف في الانتخابات النيابية المرتقبة في أيار المقبل.
ولعلّ دائرة عاليه ـ الشوف هي المكان الأنسب لترجمة هذه النوايا الإيجابية، إلا أنّ المفاوضات بين الجانبين تعثّرت وتوقفت عند عرض جنبلاطي، بأن يكون للتيار الوطني الحر على اللائحة الائتلافية مع الحزب التقدمي الاشتراكي وأفرقاء آخرين، مرشحان مارونيان، واحد في عاليه (الوزير سيزار أبي خليل) وآخر في الشوف (الوزير السابق ماريو عون). فيما كان مطلب التيار بأن يكون له في هذه الدائرة ثلاثة مقاعد، الاثنان اللذان عرضهما “التقدّمي” وثالث هو المرشح عن المقعد الكاثوليكي في الشوف غسان عطالله.
وبما أنّ العارفين يجزمون بأنّ النائب جنبلاط ليس في وارد التخلي عن مرشحه الأوحد لهذا المقعد، وهو شاغله الحالي النائب نعمة طعمة، ذهبت كلّ التكهّنات والتحليلات إلى الحديث عن توجه كلّ فريق إلى تشكيل اللائحة التي تناسب معركته الانتخابية في هذه الدائرة.
رغم ذلك بقيت بعض الاتصالات قائمة بين الجانبين عبر قنوات غير منظورة، طالما أنّ هناك متسعاً من الوقت أمام الجميع قبل حسم الترشيحات ومن ثمّ اللوائح.
في هذه الأثناء كان جنبلاط قد أعلن في حديث تلفزيوني أسماء مرشحيه، وسمّى عن الشوف نجله تيمور والوزير مروان حمادة عن المقعدين الدرزيين والنائب نعمة طعمة عن المقعد الكاثوليكي والنائب إيلي عون عن أحد المقاعد المارونية الثلاثة وبلال عبدالله عن أحد المقعدين السنيّين، وسمّى عن عاليه النائب أكرم شهيّب عن أحد المقعدين الدرزيّين والنائب هنري حلو عن أحد المقعدين المارونيّين. كما أعلن الاتفاق مع الوزير السابق ناجي البستاني ليكون مرشحاً على اللائحة عن أحد المقاعد المارونية الثلاثة في الشوف.
في بال جنبلاط أنه بترشيحاته هذه أبقى الباب مفتوحاً أمام التحالف مع تيار المستقبل الذي ترك له المقعد السني الثاني في الشوف، ومع حزب القوات الذي ترك له مقعداً مارونياً شاغراً هو مقعد النائب جورج عدوان، ومع حزب الكتائب الذي ترك له المقعد الأرثوذكسي في عاليه شاغراً هو مقعد النائب فادي الهبر، على أن يبقى المقعد الدرزي الثاني في عاليه شاغراً للنائب طلال أرسلان سواء كان على اللائحة نفسها أو كان في لائحة مقابلة. أما المقعد الماروني الثاني في عاليه فأبقاه جنبلاط شاغراً ريثما يُبتّ نهائياً أمر التحالف مع التيار، وإلا فإنّ مرشحه جاهز وهو راجي السعد ابن شقيق النائب الحالي فؤاد السعد.
هذه التوليفة لم تلقَ قبولاً لدى معظم أطرافها تقريباً، فالمستقبل أزعجه ترشيح جنبلاط لبلال عبدالله في الإقليم من دون التنسيق معه كون المرشح هو من بلدة شحيم التي يتحدّر منها أيضاً نائب المستقبل ومرشحه الحالي محمد الحجّار، فيما كان النائب علاء الدين ترو من بلدة برجا، وفقاً للعرف القديم في المنطقة والذي يقضي بأن يكون أحد النائبين من برجا والآخر من شحيم.
وقد أفادت بعض المعلومات مؤخراً بأنّ جنبلاط أبلغ الرئيس سعد الحريري أنه حريص على التحالف معه، ولن تكون الترشيحات في إقليم الخرّوب سبباً في فرط هذا التحالف.
أما حزب القوات فلم يكن راضياً عن ترشيح الوزير السابق ناجي البستاني على اللائحة نفسها مع النائب جورج عدوان، لكن جنبلاط كان حاسماً في هذه الناحية وأوصل كلاماً نهائياً إلى معراب بأنّ وجود البستاني على اللائحة أمر محسوم، وتردّد في الأوساط المتابعة أنّ رئيس القوات سمير جعجع ردّ على هذه الخطوة بترشيح أنيس نصّار عن المقعد الأرثوذكسي في عاليه، في رسالة تفيد أنه قد يستغني عن التحالف مع الحزب الاشتراكي.
إزاء ذلك أعاد جنبلاط الحرارة إلى خط الاتصالات مع التيار الوطني الحرّ، بل أكثر من ذلك قام بزيارة إلى قصر بعبدا حيث استقبله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورغم أنّ الرئيس لا يتدخل في التفاصيل الانتخابية وتشكيلات اللوائح، لكنه رحّب بالتعاون بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل، خصوصاً أنّ هذا التعاون هو من مصلحة جميع أطرافه ومن مصلحة الجبل عموماً.
عودة الاتصالات بيّنت أنّ التيار الوطني الحر لا يزال عند مطلبه، أيّ أنه يريد ثلاثة مقاعد في دائرة عاليه ـ الشوف، اثنان في الشوف (كاثوليكي وماروني) وواحد ماروني في عاليه. وجاء الجواب الاشتراكي ليقول إنّ المشكلة في هذا المطلب ليست في العدد، ولا مانع في أن يحصل التيار على ثلاثة مقاعد في هذه الدائرة، ولكن المشكلة هي في المقعد الكاثوليكي في الشوف الذي لا يمكن لجنبلاط ان يتخلى عنه مهما كان الثمن، وهو متمسّك بالنائب نعمة طعمة، خصوصاً انه أيضاً صديق قديم لرئيس الجمهورية.
هنا برز طرح جديد تبلور بصيغة سؤال طُرح على العونيين: لماذا لا نقلب المعادلة فيكون للتيار مقعد ماروني في الشوف ومقعدان في عاليه أحدهما ماروني والثاني أرثوذكسي؟
الردّ البرتقالي الأوّلي على هذا الطرح كان إيجابياً، خصوصاً أنّ المرشح الأرثوذكسي في عاليه النقيب إيلي حنا حلّ في المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي الداخلية في التيار.
ويرجّح بعض المطلعين أن تسير الأمور في هذا المنحى، لا سيما أنّ تيار المستقبل يدفع بهذا الاتجاه، لأنه يريد الحفاظ على تحالفه القديم مع الحزب التقدمي الاشتراكي وعلى تحالفه الجديد مع التيار الوطني الحرّ…