اخبار عربية ودوليةالرئيسية

لا أثر فورياً للاستعراض الأميركي: «داعش» يَظهر في ريف حلب

عامر علي - الأخبار

في استعراض مُتجدّد للقوة عقب الهجوم الذي نفّذه عنصر متشدّد يتبع لوزارة الداخلية في الحكومة السورية الانتقالية ضدّ قوات أميركية في تدمر، وحُمّل تنظيم «داعش» مسؤوليته، شنّت الولايات المتحدة، بالتعاون مع الأردن، عملية جوية قالت إنها واسعة ضدّ «معاقل داعش». وجاء ذلك في وقت أعلنت فيه «الداخلية» السورية تكثيف عملياتها ضد «داعش»، الذي مدّ رأسه مجدّداً في ريف حلب الغربي.
وأثارت العملية الأميركية، التي حملت اسم «عين الصقر»، واستهدفت «البنى التحتية للتنظيم في مواقع عديدة في سوريا»، تساؤلات متجدّدة حول جدوى الاعتماد على القصف الجوي المكثّف ضدّ تنظيم يعتمد أسلوب القتال ضمن جماعات صغيرة مندمجة داخل المجتمع، ولا سيما بعد انهيار النظام السابق واستغلال التنظيم الفراغ الأمني من أجل التمدّد. ويُضاف إلى ذلك، اختراق «داعش» بنية مؤسسات السلطات الانتقالية، والذي برز بشكل جليّ في هجوم تدمر.

وكانت أرفقت الولايات المتحدة العملية العسكرية بحملة دعائية مكثّفة، معلنة استخدامها «صواريخ دقيقة» في خلالها. وتحدّثت القيادة الأميركية الوسطى عن تنفيذ عشر هجمات في سوريا والعراق منذ هجوم تدمر، وقالت إن تلك الهجمات أسفرت عن مقتل أو اعتقال 23 شخصاً ممّن وصفتهم بالعناصر الإرهابيين. وفي سلسلة تصريحات تصعيدية، وصف وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، بدوره، العملية بأنها «إعلان ثأر»، مضيفاً: «لقد قتلنا الكثير من أعدائنا وسنستمر»؛ علماً أنه ليس ثمة توثيق ميداني لحجم الضرر الفعلي الذي لحق بالتنظيم.

على أن اللافت في العملية الأميركية، كان الاستبعاد شبه الكامل لحليفة واشنطن الجديدة، أي السلطات الانتقالية السورية؛ إذ جرى الاعتماد حصراً على الطائرات الحربية والحوامات والصواريخ، من دون تنفيذ أي عمليات من جانب قواة المشاة على الأرض. ويعكس ذلك قلقاً أميركياً واضحاً حيال التعامل مع تلك السلطات، ولا سيما بعد هجوم تدمر، الذي دفع واشنطن إلى إدراج سوريا ضمن قائمة الدول المحظور دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة، إلى جانب بوركينا فاسو ومالي والنيجر وجنوب السودان، بالإضافة إلى حاملي جواز السفر الفلسطيني.

تكشف سلسلة الأحداث الميدانية عن استمرار حرية الحركة التي يتمتّع بها المتشدّدون

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية التابعة للسلطات الانتقالية شنّ حملة واسعة ضد خلايا «داعش»، شملت إدلب وريف دمشق، وأسفرت – بحسب الوزارة – عن إلقاء القبض على خلية مكوّنة من سبعة عناصر في منطقة داريا، وضبط أسلحة وذخائر. ويبدو أن هذا الإعلان جاء أيضاً كردّة فعل على هجوم تدمر، بعدما لمست السلطات تخوّفاً أميركياً واضحاً من التعامل مع قواتها، برغم تصريحات المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس برّاك، عن أن الهجوم يمثّل دليلاً على ضرورة دعم سلطات دمشق. وكان قال برّاك، في منشور عبر منصة «إكس»، بعد حادثة تدمر: «تتمثّل استراتيجيتنا في تمكين شركاء سوريين قادرين، مع دعمٍ عملياتي أميركي محدود، من ملاحقة شبكات داعش، وحرمانها من الملاذات الآمنة، ومنع عودتها»، مضيفاً أن «الهجوم الأخير لا يُبطِل هذه الاستراتيجية، بل يعزّزها».

وعلى أيّ حال، فإن موجة العمليات الأخيرة ترسم مسارين متوازيين؛ الأول تقوده الولايات المتحدة بشكل منفرد، والثاني يقتصر على تنسيق استخباراتي محدود مع السلطات الانتقالية، التي تنفّذ بدورها هجمات منفردة ضدّ «داعش»، ساعيةً، من خلال ذلك، إلى تثبيت أحقيتها في الشراكة مع «التحالف الدولي ضد داعش»، بدلاً من «قوات سوريا الديمقراطية».
ورغم تأكيد واشنطن والسلطات الانتقالية تنفيذ عمليات واسعة ضد «داعش»، الذي أعلن، عقب انضمام الأخيرة إلى «التحالف الدولي»، بدء معركة ضدها، متّهماً إياها بـ«الارتماء» في أحضان أميركا، تثبت سلسلة الأحداث الميدانية استمرار حرية الحركة التي يتمتّع بها المتشدّدون، سواء من «داعش» أو من خارجه. وتبرز، في هذا السياق، حادثة سرقة تمثال القديس مار بولس من مدخل كنيسة مار بولس في منطقة باب شرقي في دمشق، إلى جانب ما رصده ناشطون من عبارات متشدّدة كُتبت على جدران المنازل في مناطق عديدة وسط البلاد وغربيّها، وصولاً إلى ريف حلب الغربي، حيث فوجئ سكان منطقة عنجارة الخاضعة لسيطرة السلطات الانتقالية، بعبارات مماثلة كُتبت على جدران منازلهم. ويؤشّر ذلك، من ضمن ما يؤشّر إليه، إلى حالة «الذوبان» التي باتت تسِم عمل التنظيم داخل المجتمع، ما يجعل مسألة محاربته أمراً شديد الصعوبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى