انتخابات الصيادلة: الخيارات الخاطئة تُسقِط لائحة «النقابة للجميع»
راجانا حمية - الأخبار

فازت لائحة «نقابة 2028» برئاسة عبد الرحمن مرقباوي في انتخابات نقابة الصيادلة، بالكامل. فحصلت على المقاعد الـ 12 في مجلس النقابة، والمقاعد الستة في صندوق التقاعد وواحد من مقعدين في المجلس التأديبي، فيما تمكّن فادي حديب من لائحة «النقابة للجميع» برئاسة نجيب محفوض من الخرق والفوز بالمقعد الآخر.
عملياً، كان الفوز كاسحاً. هذا ما بيّنته أرقام اليوم الانتخابي… القصير، أول من أمس، إذ حُسمت النتيجة لمصلحة النقيب الجديد من الدورة الأولى، وهو أمر نادر الحصول. فعادةً ما يحتاج انتخاب النقيب إلى دورة ثانية، لم تُجرَ لأن جميع مرشحي «النقابة للجميع» (لموقع النقيب والعضوية) لم يفوزوا.
وفيما كان الفارق بين آخر الفائزين وأول الخاسرين 70 صوتاً، وصل الفارق بين معظم الرابحين الأوائل والذين كانت أرقامهم متقاربة وأول الخاسرين إلى 500 – 600 صوت، إذ نال مرقباوي 2766 صوتاً في مقابل 2150 لمحفوض.
يؤشّر ذلك إلى العطب في «النقابة للجميع» التي خسرت بكامل أعضائها، رغم دعم حزب الله وحركة أمل والحزب التقدّمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر وجزء من المستقلّين لها. وهذا العطب لا علاقة له بالقوة التجييرية لهذه لأحزاب، فـ«الثنائي وحده كان يمكن أن يحسم المعركة بقوته التجييرية»، على ما تقول مصادر متابعة. لكنّ الخلل كان في مكان آخر: إسقاط الأسماء والإجبار على انتخابها.
صحيح أن «نقابة 2028» دعمها تيار المستقبل بشكل علني، إضافةً إلى حزب القوات والجماعة الإسلامية، إلّا أنه كان للمستقلّين والممتعضين من مرشحي «النقابة للجميع» لموقع النقيب والعضوية، بالغ الأثر في حسم النتيجة والفارق الواسع بين اللائحتين.
ويؤكّد ذلك أن اللائحة الخاسرة كانت تتوقّع عدم قدرتها على الفوز بكامل أعضائها. كذلك الأمر بالنسبة إلى الصوت المسيحي الذي كان حاسماً في إيصال مرقباوي إلى موقع النقيب. هكذا، كان المستقلّون ومن لحق بهم من قاعدة اللائحة المواجهة والمسيحيون الرافعة في وصول فريق «نقابة 2028» بالكامل.
المستقلّون ومن لحق بهم من قاعدة اللائحة المواجهة والمسيحيون حسموا النتيجة لصالح مرقباوي ولائحته
بالأرقام، اقترع 5100 من أصل 9225 سدّدوا اشتراكاتهم، أي 55.2%. وإن كانت الأوضاع التي تمرّ بها البلاد أحد الأسباب التي قلّصت النسبة إلى هذا المستوى، إلا أن أسباباً أخرى لا تقلّ أهمية دفعت كثيراً من الصيادلة إلى الانكفاء وعدم المشاركة، ومنها اختيار المرشّحين وفرضهم من «فوق».
امتعاض… فتفلّت
بدا ذلك جلياً في «النقابة للجميع». ولعلّ أولى ملامح الخسارة تجلّت في امتعاض قاعدة معظم الأحزاب، ولا سيما الحزب والحركة، وحتى التيار و«الاشتراكي»، ما تسبّب في تفلّت جزء منها، علماً أن الصوت الشيعي كان الأقل تفلّتاً، إذ يقدّر البعض أن 300 من أصل 1900 ناخب شيعي، صوّتوا رغم الشحن الطائفي والمذهبي لـ«نقابة 2028».
والسبب في ذلك: «الخيار»، هذا ما يقوله كثير من المعنيين، في قاعدتَي الحزب والحركة، من المعترضين على «إسقاط» الأسماء وتكليفهم بالسير بها. لذا، فإن مشكلة عدم الانضباط لم تكن مشكلة مع من يمثّله محفوض، أي الحركة، وإنما «في الشخص وفي الأداء وفي تصرفاته الإقصائية لكل من لديه فرصة للوصول، وهو ما حصل في الانتخابات السابقة قبل ثلاث سنوات ومن بعدها في الانتخابات الفرعية».
وإذ يصرّ هؤلاء على «الوحدة الشيعية»، بدليل أن جزءاً ممن أعطى اللائحة وأعطى محفوض خصوصاً كان للحفاظ على ذلك، إلّا أنه كان الأجدى، بالنسبة إليهم، ألّا تكون الوحدة بالفرض، مشيرين إلى أن «المطلوب كان الحفاظ عليها ضمن ضوابط، منها اختيار شخصية مقبولة مهنياً وبتاريخها وتمثّل الصيادلة وخاصة القاعدة». وما جرى لم يكن مرتبطاً بحزب شيعي دون آخر، وإنما بقاعدة الثنائي كلّها، إذ إن «حركيين من أعمدة الحركة في النقابة لم يكونوا مع هذا الخيار».
هذا التمايز ظهر بشكل أكبر في قاعدة التيار الوطني الحر، حيث كان «الخيار نقابياً من دون إرضاء من هم فوق». كما برز لدى القاعدة الدرزية، التي صوّتت للطرف المقابل، بسبب إسقاط المرشح الدرزي في «النقابة للجميع» بـ«الباراشوت»، وفقاً لبعض الناخبين الدروز. ولذا، لم يعد «مقبولاً أن تجبرونا بمرشّح من فوق، فإمّا التوافق أو نتيجة كهذه… لأن زمن الألف بالجيبة انتهى».
وإن كانت جردة الحساب مع اليوم الانتخابي لم تنته بعد، ولم تُدرس الأرقام بشكل تفصيلي، إلا أنه في إطار القراءة الأولية، تشير الأرقام إلى أن معظم المستقلّين، بمن فيهم «الصيادلة ينتفضون» وجزء من حملة «سندي» التي ولدت في الاستحقاق الانتخابي قبل ثلاث سنوات، وبعض الصيادلة ممن يملكون قوة تجييرية متنوّعة طائفياً، أعطوا أصواتهم لـ«نقابة 2028»، وبدا ذلك واضحاً في حصول مستقلّين على نسبة عالية من الأصوات، وضعتهم في أعلى قائمة الفائزين.
كذلك، كان الصوت المسيحي «بيضة قبّان»، إذ تشير الأرقام إلى أن 70 – 75% من هذه الأصوات صبّت لـ«نقابة 2028» أيضاً. أما النقيب السابق، جو سلوم، فاتّضح أنه لم يكن يملك قوة انتخابية ليجيّرها لـ«النقابة للجميع»، ويُرجِع البعض ذلك إلى أن «وصوله في الدورة السابقة كان لحظوياً ورافق موجة ما بعد أحداث 2019، حينما كانت النقمة على الأحزاب عارمة وكان التوجّه نحو انتخاب المستقلّين، الذين كان يمثّل سلوم جزءاً أساسياً منهم، ضمن تجمّع سندي».
لكن، مع عودة الأحزاب، «فقد سلوم وفريقه السابق تلك القوة، وهو ما جعله في موقف المحايد أول من أمس، بحيث لم تستطع الأصوات التي أتى بها، إيصال مرشحيه على اللائحة إلى مجلس النقابة».
يُذكر أنه، ورغم التمايز، كان الشيعة الأكثر اقتراعاً، مع تصويت 1867 منهم (1369 قاطعوا لأسباب مختلفة منها عدم الرضى)، أي 58%، ومن ثم السنّة (54%)، فالمسيحيون (بين 51 و54%).




