
في لحظة مفصلية ودقيقة تشهدها الساحة اللبنانية، تتقاطع التحركات السعودية والدولية مع التطورات العسكرية في الجنوب، حاملة في طياتها رسائل قوية للبنان وسلطته، حيث تشكل زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن ولقائه الرئيس دونالد ترامب محطة استراتيجية تلتقي فيها المصالح السعودية والأميركية، مترجمة التوجهات الإقليمية الجديدة تجاه لبنان، في وقت يزداد فيه الضغط على العاصمة اللبنانية وعلى مؤسساتها الأمنية والسياسية.
تزامنا، وصل الأمير يزيد بن فرحان على رأس وفد سعودي إلى بيروت للمشاركة في منتدى «بيروت 1»، في رسالة دعم مباشر للبنان، ومواكبة الملفات الاقتصادية والسياسية الحرجة، وسط أزمات محلية تتفاقم يوماً بعد يوم، على وقع تجاوب الشارع اللبناني، من خبر إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن، بعد ساعات من بدء تنفيذ خفض عديد اليونيفيل في الجنوب، وتصعيد تل ابيب من تهديداتها بشن هجمات محتملة ضد لبنان.
مشهد يرسي معادلات لا تقتصر على مناورات دبلوماسية، بقدر ما يمثل اختباراً عملياً لقدرة الدولة اللبنانية على حماية استقرارها الداخلي، حيث الرسائل السعودية والأميركية الموجهة للداخل اللبناني، تحذر في الوقت نفسه إسرائيل من أي خطوة أحادية قد تشعل المنطقة، ما يجعل لبنان مركزا لمعادلة دقيقة بين التهديد والدعم الدوليين، وبين الفراغ الأمني والتحرك السياسي على الصعيد الإقليمي.
باختصار، لبنان اليوم على مفترق طرق: بين رسائل سعودية – أميركية دقيقة، وبين مسؤولية الجيش اللبناني المباشرة في مواجهة أي تطورات على الحدود.
بن سلمان – ترامب
في هذا السياق تأتي زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن في توقيت سياسي – إقليمي بالغ الحساسية، لتفتح الباب واسعا أمام تساؤلات حول انعكاساتها المحتملة على الساحة اللبنانية، التي تعيش على وقع انهيار اقتصادي، وتوترات جنوبية، في زمن رسم مسارات التوازنات الجديدة في المنطقة، خصوصا مع عودة النفوذ الأميركي إلى دائرة الحضور المباشر في ملفات الشرق الأوسط.
مصادر مواكبة في العاصمة الاميركية، رات ان الزيارة تشكل فرصة لقراءة اتجاهين متوازيين: الأول يرتبط بدور السعودية المتجدد في مقاربة الملف اللبناني، أما الاتجاه الثاني، فيتصل بقدرة واشنطن على لعب دور الوسيط بين القوى الإقليمية المؤثرة، بما قد ينعكس على مستوى التهدئة في الجنوب اللبناني وعلى مستقبل الاستقرار الداخلي.
وتتابع المصادر، بان المسار الاقتصادي اللبناني سيحضر على طاولة البيت الابيض، في ظل مقاربة الرياض التي تنطلق من ان أي دفعة سعودية – أميركية مشتركة لدعم مؤسسات الدولة أو مشاريع البنى التحتية يمكن أن تشكل بارقة أمل في لحظة يتراجع فيها التمويل الدولي بشدة، رغم ان هذا الاحتمال يبقى، اميركيا، مشروطا بقدرة السلطات اللبنانية على الالتزام الإصلاحي وحصر السلاح، وهما شرطان لا يزالان غائبين كلياً، بالنسبة للادارة الاميركية.
أما سياسياً، فتشير المصادر، الى ان وجود الملف اللبناني ضمن المباحثات قد يعيد فتح النقاش حول شكل التسوية السياسية المقبلة، وكيفية إعادة ترتيب التوازنات في المؤسسات الأمنية، مؤكدة انه في حال تلاقت الرؤية بين الطرفين، فقد يشكل ذلك ضغطا جديا على القوى اللبنانية للانتقال من المراوحة إلى الفعل، رغم ان إمكانات الدعم وفرص التهدئة، تبقى رهينة قدرة لبنان على التقاط اللحظة وعدم تفويت فرصة جديدة.
بن فرحان في بيروت
وعشية قمة البيت الابيض، وصل الى بيروت الامير يزيد بن فرحان، بعد طول انتظار، في توقيت مضبوط على ساعة مؤتمر «بيروت1»، على راس وفد سعودي استثماري، ضم شخصيات من مؤسسات استثمارية وصناديق تمويلية سعودية، يعكس ارادة واضحة لدى الرياض في دعم لبنان ومساعدته على الوقوف مجددا بناءً على الشراكة المدروسة لا الهبات المفتوحة، مشروطة بوجود بيئة سياسية مستقرة، وضمانات تمنع تكرار التجارب السابقة حيث اصطدمت المشاريع بالعراقيل الداخلية، سواء السياسية أو الإدارية.
اوساط اقتصادية لبنانية، اشارت الى ان مشاركة الوفد السعودي، بناء لرفع استثنائي للحظر المفروض على لبنان، والمداولات التي جرت على هامش المؤتمر مع اعضائه، بينت ان لبنان لا يزال مدرجا على خريطة الاهتمام السعودي، لكن تحت شروط مختلفة تعتمد على الجدوى والشفافية، وهي اجواء كفيلة بضخ الاستقرار في الأسواق، ومنح المستثمرين المحليين جرعة ثقة إضافية، متحدثة عن اهتمام الرياض الواضح بقطاعات حيوية كالكهرباء، الطاقة المتجددة، البنى التحتية، والاتصالات، وهي ملفات لطالما أبدت السعودية اهتماماً بها في مراحل سابقة.
وحول الاتفاقات التي تعتزم الرياض تفعيلها مع بيروت، كشفت الاوساط، انها تاتي بمثابة مكافأة على الجهد الامني الذي بذل والتعاون المثمر بين بيروت ودمشق ودول الخليج، والذي ادى الى تحقيق انجازات كبيرة على صعيد مكافحة المخدرات والكبتاغون، مذكرة بان تعليق العمل بغالبيتها جاء عل خلفية تصاعد عمليات تهريب الممنوعات التي عرضت الامن القومي لهذه الدول ومجتمعاتها للخطر.
اما في الشق السياسي من جولة بن فرحان، فتكشف مصادر سياسية، انها تاتي لاعادة تاكيد الحضور السعودي، كجزء من الحراك الأوسع في المنطقة.
مؤتمر «بيروت1»
وكان انعقد امس مؤتمر «بيروت 1» بعنوان: «بيروت تنهض من جديد»، في يومه الاول، برعاية رئيس الجمهورية، وغياب رئيس الحكومة، ومشاركة وحضور عدد من الوزراء والنواب والسفراء ورؤساء الهيئات الاقتصادية والنقابية وكبار المستثمرين، ورواد من مختلف القطاعات للمساهمة في رسم مستقبل لبنان وبناء مرحلة جديدة من النهوض والتنمية وذلك في واجهة بيروت البحرية.
Monica Lewinsky, 52, Shows Off Her Perfect Figure In These Photos
The Noodle Box
20+ Dubai Photos That Will Make You Look Twice
Vetob
وفي كلمته رحب رئيس الجمهورية بالوفود المشاركة بالمؤتمر معتبراً وجودهم في هذا الحدث موضع تقدير كبير من كل لبناني، مقدرا بشكل خاص مشاركة «الأشقاء السعوديين»، المشاركين للمرة الأولى في مناسبة لبنانية على هذا المستوى، معيدا التأكيد على انفتاح لبنان على محيطه العربي والدولي، مشيراً الى أن لبنان يجب أن يستعيد دوره الطبيعي لاعبا اقتصاديا وثقافيا في المنطقة، وجسرا بين الشرق والغرب، ومنصةً للتعامل والتعاون بين الشركات والمستثمرين والمؤسسات الإنمائية، مؤكداً ان انفتاح لبنان ليس شعارا، انما توجها فعليا نحو شراكات جديدة، نحو الأسواق المحيطة، ونحو تعزيز مكانته في خارطة الأعمال الإقليمية والدولية، مشدداً على ان الدولة التي تُحاسب مسؤوليها وتحمي مواردها هي الدولة القادرة على حماية المستثمر والمواطن معًا.
زيارة هيكل
مصادر مطلعة في العاصمة الأميركية أوضحت أن ما جرى يندرج في خانة إعادة ترتيب للأولويات داخل الإدارة الأميركية مع توسّع التوترات الإقليمية وتزايد الضغط على الجبهة الجنوبية.
وتشير هذه المصادر إلى أن واشنطن تتابع أداء المؤسسة العسكرية بكل تفاصيله، وأن لديها «ملاحظات» على بعض الملفات المرتبطة بالتوقيت والمسار السياسي أكثر مما هي مرتبطة بأداء قائد الجيش العماد رودولف هيكل نفسه. وتلفت إلى أن هذه الملاحظات ليست جديدة، وغالباً ما تظهر قبيل أي محطة إقليمية دقيقة، ثم تتراجع حدّتها مع هدوء المناخات.
لكن مصادر أميركية أخرى أقل تشدداً ـــ مطّلعة على آلية التعاون العسكري ـــ تؤكد أن الولايات المتحدة ما زالت تعتبر الجيش اللبناني شريكاً أساسياً، وأن أي انطباع عن «توتر» مع قيادته قد يكون مبالغاً فيه أو مرتبطاً بسياقات سياسية ضاغطة لا تعكس حقيقة التعاون التقني والعسكري القائم.
في المقابل، مصادر عسكرية وسياسية لبنانية رفيعة المستوى ترى في ما حصل محاولة للضغط السياسي على لبنان أكثر منه مؤشراً على خلاف مع قائد الجيش. وتؤكد أن العماد هيكل كان من أكثر القيادات وضوحاً مع الجانب الأميركي، سواء في شرح حدود قدرة الجيش، أو في تقديم خطة «حصر السلاح» بطريقة واقعية تحمي الاستقرار ولا تجرّ المؤسسة إلى صدام داخلي.
وتشير هذه المصادر إلى أن واشنطن تعرف تماماً أن هيكل هو الضابط الأكثر انضباطاً واحترافاً في التعاطي مع الملفات التقنية والعسكرية، وأن بعض الأصوات الأميركية المتشددة تتجاهل تعقيدات الواقع اللبناني وتطالب بخطوات تستحيل على أي قيادة تنفيذها في الظروف الراهنة.
مصادر لبنانية سياسية مخضرمة شدّدت أيضاً على أن إلغاء بعض المواعيد لا يعني توتراً شخصياً مع هيكل، بل يدخل ضمن اللعبة الدولية الواسعة التي تحاول فيها واشنطن استخدام كل عناصر الضغط لفرض إيقاعها على الساحة اللبنانية. وتضيف أنّ «هناك فارقاً بين الملاحظات السياسية الأميركية وبين تعاونها العسكري ــ اللوجستي مع الجيش، والذي لم يتأثر حتى اللحظة».
وتخشى المصادر الأميركية المتشددة من أن يؤدي «التباطؤ الرسمي» في بعض الملفات إلى تأثير على برامج المساعدات، بينما ترى الجهات اللبنانية الداعمة للعماد هيكل أن المبالغة في هذا الكلام هدفها الضغط وليس وقف الدعم فعلياً، وأن الجيش سيبقى خارج أي تصفية حسابات سياسية بين واشنطن وبيروت.
وتذكّر هذه الجهات بأن المؤسسة العسكرية هي الضمانة الوحيدة للاستقرار في نظر المجتمع الدولي، وأن أي استهداف لها أو لقائدها سيكون بمثابة إطلاق رصاصة على آخر ما تبقّى من تماسك الدولة.
استشهاد عسكريين
ومساء أعلنت قيادة الجيش اللبناني« استشهاد عسكريَّين وإصابة ثلاثة بجروح، نتيجة اشتباكات مع مطلوبين أثناء تنفيذ الجيش سلسلة عمليّات دهم في منطقة الشراونة- بعلبك«، ووفقا للمعلومات، فقد شهد حي الشراونة في بعلبك اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني ومسلّحين خلال مداهمات نفذتها قوة من الجيش بحثا عن مطلوبين، حيث استمر تبادل إطلاق النار لساعات، وسمع دوي الرصاص في مختلف أرجاء بعلبك، ما أثار حالة من التوتر بين الأهالي.
ومع اتساع رقعة الاشتباكات، دفع الجيش بتعزيزات إضافية إلى محيط الحي، وعمل على إقفال المداخل المؤدية إليه للحد من حركة المسلّحين وتثبيت الطوق الأمني. كما نفذت طائرات «سيسنا» طلعات جوية فوق المنطقة دعما للوحدات الميدانية ورصد أي تحرك، كما قامت قوة كبيرة من الجيش بمحاصرة الشراونة واغلاق كل المداخل والمخارج.




