اخبار محليةالرئيسية

لبنان وطن الرسالة… إلى متى النزف؟ – بقلم السفير حسين غملوش

لبنان، هذا الوطن الصغير بمساحته، الكبير برسالته، يقف اليوم مجددًا أمام مفترق مصيري في تاريخه المعاصر. عقود من الأزمات المتراكمة، من الحروب والنزاعات والانقسامات، إلى الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي، وحتى فقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها. واليوم، يواصل اللبنانيون دفع الثمن، وحدهم، في وطن لم يعد يشبه أحلامهم.

لقد آن الأوان أن يعترف الجميع، من دون استثناء، بأننا جميعًا أبناء هذا الوطن، شركاء متساوون في الحقوق والواجبات، ولا يمكن لأي طرف أن يحتكر القرار أو يرسم مستقبل البلاد وحده. لبنان لا يُبنى بالعزل ولا بالتخوين، بل بالحوار الصادق وبالشراكة الفعلية على قاعدة احترام الدستور والمؤسسات.

ما يعانيه لبنان اليوم لا يقتصر على الأزمة الداخلية فحسب، بل يترافق مع اعتداءات إسرائيلية يومية متكررة، واحتلال مستمر لأجزاء من أراضينا، في ظل صمت دولي مريب. ورغم كل القرارات الأممية، لم يُحاسب المعتدي، ولم يُعطَ لأهالي الجنوب فرصة لإعادة إعمار ما دمرته الحروب المتعاقبة.

في ظل هذا الواقع، بات من الضروري أن نتحرر من انتظار الحلول من الخارج. فالخلاص الحقيقي لن يأتي إلا من الداخل، من إرادة اللبنانيين أنفسهم، عندما يضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ويتخلون عن منطق المكاسب الطائفية والحزبية الضيقة.

إن دورنا كمجتمع مدني، وكأفراد مؤمنين بالسلام، هو الدفع باتجاه إطلاق مبادرات حوار وطني شامل، تكون الأولوية فيها لبناء دولة القانون، وتعزيز السيادة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتثبيت حقوق الإنسان وكرامة المواطن.

كذلك، نناشد المجتمع الدولي أن ينظر إلى لبنان كرسالة سلام حقيقية، لا كساحة صراعات. وأن يدعم جهود إعادة البناء، لا عبر الشروط والضغوط، بل من خلال احترام سيادة لبنان وخيارات شعبه.

ختامًا، باسم جمعية تنمية السلام العالمي، نؤكد أن صوت السلام سيبقى عاليًا، وأننا مستمرون في سعينا لتقريب وجهات النظر، وإعلاء منطق العدالة والمصالحة، لأن لبنان يستحق أن يعيش بسلام، ويستحق شعبه أن يحيا بكرامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى