
أيُّ 17 أيلول آت؟ أحقًا حان موعد الذكرى؟ وهل غابت تلك العين التي سقطت من الوجه إلى قلوبنا عن بالنا يومًا؟ أيام تفصلنا عن ذكرى تفجير البيجر، و”لأنهم نهضوا ولأننا نهضنا بهم”، كان شعار الذكرى السنوية الأولى لمجزرة البيجر واللاسلكي الذي أطلقته مؤسسة الجرحى “تعافينا”. تعافٍ بعين أوسع من حدود الكلمات. نقاط ولدت من الجراح التي غدت علامة قوة، وحروف نزفت لتؤكد أن الدم يصنع حياة لا موتًا. فكيف خُطت كلمة “تعافينا”؟
يجيب مسؤول قسم الإعلام والعلاقات العامة في مؤسسة الجرحى الحاج جواد قاسم: “في ما يخص الحملة الإعلامية المرتبطة بالمناسبة، وبالنظر إلى ما شهدناه من نهوض متسارع للجرحى وانتشارهم في مختلف الميادين، حيث عاد بعضهم حتى إلى ميدان العمل، كان لا بد من إطلاق حملة تعبّر عن هذا النهوض”.
ويلفت في حديثه لموقع “العهد” الإخباري إلى أن “الطروحات الأولى لشعار الحملة تمثلت في: أمضى عزمًا، أصلب عودًا، الجرح المُعافى”، مردفًا: “لكن عقب نشر العدو مقالًا نسب فيه زورًا إلى المؤسسة تصريحًا مفاده أن الجرحى لم يتعافوا، جاء الرد الأبلغ على ذلك المقال بشعار: “تعافينا””.
هكذا استقر “اللوغو” على صيغة مباشرة تعبّر عن الكثير في جوهرها:
– حرف العين في قلب الكلمة ليس مجرّد شكلٍ خطي، بل هو عين جرحى البيجر، وحضوره غير محدود بإطار الكلمة، في إشارةٍ إلى أن الجراح لا تقيدنا، بل تنفتح على أفق التعافي والنهضة.
– اللون الأحمر الذي يتخلّل الحروف ليس دمًا نازفًا، بل دمٌ عاد إلى عروقه، أي إشراقة نهوض جديدة.
– النقاط على الحروف كُتبت بلون الجرح الأحمر، كعلامة قوّة شكّلت كلمة “تعافينا”.
لنجتمع أمام الشعار لا بوصفه كلمة، بل حقيقة نعيشها، وفقًا لقاسم، نعم تعافينا، فما كان الجرحُ انكسارًا، بل نورًا صاغ فينا عزيمةً لا تنكسر. نعم تعافينا، إذ سال الدمُ مدادًا لوعدٍ لا يخبو: أن نبقى، أن نحيا، أن ننهض. نعم تعافينا حين حوَّلنا الفقد إلى يقين، والغياب إلى حضورٍ يملأ كلَّ الميادين.
ويرى قاسم أن “التعافي ليس انطفاء الألم، بل انبثاقُ روحٍ جديدة، وُلدت من قلوبٍ عصيّةٍ على الانحناء، ومن أرواحٍ آمنت أن درب الحق لا يُعبَر إلا بالصمود”، مضيفًا: “وفي ضوء هذا النهوض المتسارع والتعافي السريع المدفوع بإرادة صلبة، لم تعد المؤسسة تتعامل مع الجرحى كمجرد متلقّين للخدمة، بل كشركاء حقيقيين في مسيرة التعافي”.
يقول: “نحن الحاضنة التي تحتضن عزيمتهم، وهم الطاقة التي تمدّنا بالاستمرار والدفع نحو مزيد من الإنجاز، وانطلاقًا من هذه الرؤية، أطلقت المؤسسة مجموعة من البرامج التخصصية المتكاملة، لتلبّي تطلعات الجرحى وتترجم إرادتهم التي لم تقبل يومًا الركون إلى الاستراحة، فالعلاج بالنسبة لهم ليس غاية في حدّ ذاته، بل مسار موازٍ للنهوض والتعافي والعودة الفاعلة إلى مختلف الميادين”.
ويؤكد مسؤول قسم الإعلام والعلاقات العامة في مؤسسة الجرحى ختامًا أنه “كان لتفاني الإخوة والأخوات العاملين في المؤسسة دور أساسي في تحقيق هذه الغاية، إذ حملوا على عاتقهم مسؤولية أن يكون أداؤهم على قدر طموح الجرحى الكبير في النهوض السريع، ذاك الطموح الذي لم تثنه الجراح يومًا عن الاستمرار والإصرار، ليشتدّ بهم عزم الجميع وتنطلق المسيرة كأفضل ما يكون”.