سقوط مشروع جنبلاط وصعود وهاب: الزعامة الدرزية بين الفشل العملي والحماية الواقعية
د. هشام الأعور

أظهرت أحداث السويداء الأخيرة أن الزعامة الجنبلاطية وصلت إلى نقطة انهيار حقيقية، بعد أن اعتمد وليد جنبلاط على النظام السوري و«أحمد الشرع» لتوفير حماية الأهالي، معتقداً أن هذه التحالفات تمنحه ضمانات كافية. الواقع أثبت أن هذه الحسابات كانت أوهاماً سياسية بعيدة عن الأرض، إذ تعرض السكان للاعتداءات دون أي حماية فعلية، ما كشف عن عجز مشروع المختارة التقليدي في حماية مصالح الطائفة وضمان وجودها في مناطقها التاريخية.
لقد اتضح أن الزعامة الجنبلاطية، المبنية على النفوذ السياسي والغطاء الديني المحدود لشيخ العقل سامي ابي المنى المحسوب على جنبلاط، لم تعد قادرة على إدارة الأزمات الحقيقية على الأرض. الاعتماد على ضمانات خارجية وهمية أسقط كل شعارات القوة والسلطة، وأظهر أن المشروع التقليدي للمختارة خارج المعادلة العملية، وعاجز عن حماية الأهالي من المخاطر الميدانية المباشرة.
في المقابل، أثبت وئام وهاب أنه الخيار الواقعي والعملي والمنافس المباشر للمختارة. قدرته على إدارة الأزمة بشكل مباشر، وحماية الأهالي، والتحرك سريعاً في مواجهة الجماعات التكفيرية، منحت السويداء الأمان الفعلي الذي عجزت عنه الزعامة الجنبلاطية لعقود. وهاب لم يكتفِ بإظهار القوة على الأرض، بل قدم نماذج ملموسة للحماية والحضور الشعبي والسياسي، ما جعله البديل الأكثر مصداقية وفاعلية في المرحلة الحالية.
تحليل الوضع السياسي يكشف أن سقوط مشروع جنبلاط ليس مجرد إخفاق عابر، بل أزمة هيكلية للزعامة التقليدية، التي لم تعد صالحة في مواجهة التحديات الواقعية. الاعتماد على تحالفات خارجية وغطاء ديني محدود أصبح غير مجدٍ في زمن تتزايد فيه الحاجة إلى قيادة عملية، مرتبطة مباشرة بالشارع والمجتمع المحلي، وقادرة على حماية وجود الطائفة. وهاب أثبت أن معيار الزعامة اليوم لم يعد التاريخ والموروث السياسي، بل القدرة على التصرف الفوري والفعال لحماية الأهالي والمجتمع.
الدرس واضح: مشروع الزعامة الجنبلاطية انهار تحت وطأة أوهامه واعتماده على ضمانات وهمية، وفقد كل مصداقية أمام الشارع الدرزي. في المقابل، صعود خيار وهاب يمثل نقطة تحول حاسمة في الطائفة الدرزية، حيث أصبحت القيادة العملية المبنية على حماية الأهالي والحفاظ على وجودهم على الأرض المعيار الأساسي للزعامة، وصمام الأمان لضمان استمرار الطائفة في مناطقها التاريخية.
باختصار، السويداء أثبتت أن الزعامة التقليدية لم تعد قادرة على حماية الدروز، وأن وهاب هو الخيار الحتمي والواقعي الذي يضمن مصالح الطائفة ويصون وجودها في مواجهة التهديدات المباشرة على الأرض، ليصبح النموذج الجديد للقيادة الدرزية العملية والفعالة.