السويداء لن تُركع… والجبل على السلاح الجاهلية توحّد الموقف: الدم واحد والمصير واحد
د. هشام الأعور

في زمنٍ تتكاثر فيه المؤامرات على طائفة الموحدين الدروز ، ومن قلب بلدة الجاهلية الشوفية، دوّى الصوت عاليًا ليدخل كل بيت: السويداء ليست وحدها… وكرامتها من كرامتنا.
لم يكن مساء الخامس عشر من آب مجرد لقاء تضامني، بل كان موقفًا تاريخيًا، وحلفًا علنيًا بأن الدم واحد، والمصير واحد، والكرامة لا تُجزّأ، في مواجهة مشروع التكفير والفتنة.
لم تكن وقفة الجاهلية في 15 آب 2025 مجرد تجمع شعبي أو مهرجان تضامني عابر، بل كانت حدثًا سياسيًا وروحيًا محمّلًا بالرسائل المباشرة، موجّهة إلى الداخل السوري واللبناني، وإلى كل العواصم المعنية بملف المنطقة. المشهد كان مهيبًا، حشد شعبي واسع من مختلف قرى الشوف وعاليه والمتن وحاصبيا وراشيا، وحضور لافت للمشايخ والفعاليات الاجتماعية، يتقدمهم رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، فيما شارك عبر شاشة كل من فضيلة الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، والعلامة الشيخ أبو علي سليمان أبو دياب، المرجع الروحي لطائفة الموحدين الدروز، في دلالة على وحدة الموقف بين المرجعيات الروحية والقيادات السياسية، وعلى أن القضايا المصيرية تتجاوز الجغرافيا وتفرض نفسها على كل الأحرار.
العلامة الشيخ أبو علي سليمان أبو دياب وضع الأساس الفكري للموقف، مؤكدًا: “تلازم المسارين بين لبنان وسوريا… دمنا واحد وكرامتنا واحدة”، رابطًا المصير بين الجبلين ومغلقًا الباب أمام أي مشروع عزل أو فصل بين معركة السويداء ومعركة الكرامة في لبنان. اما فضيلة الشيخ موفق طريف فقد اتخذ موقفًا إنسانيًا وسياسيًا متوازيًا، رافضًا المجازر التي تُرتكب بحق أطفال ونساء وشيوخ السويداء، ومؤكدًا أن الوقوف مع أهلها واجب أخلاقي وديني قبل أن يكون موقفًا سياسيًا. أما الوزير وئام وهاب فحسم الموقف بكلمات كالرصاص: “كرامة السويداء هي كرامة سوريا وكرامة الأمة… السويداء لن تركع”، موجهًا تحذيرًا صريحًا لكل من يراهن على كسر إرادتها.
وفي سياق المهرجان، ألقى الشاعر سالم غانم قصيدة وطنية من وحي المناسبة، جسدت في أبياتها روح التضامن ووحدة الموقف بين جبل العرب وجبل لبنان، وأشعلت حماسة الحضور. هذه الوقفة كانت بمثابة تأكيد أن السويداء ليست وحيدة، وأن أي تهديد لكرامتها هو تهديد مباشر لأمن وكرامة لبنان، كما كانت رسالة واضحة إلى القوى الإقليمية والدولية بأن السويداء والجبل خط أحمر، والمساس بهما يعني مواجهة موقف موحّد وصلب، يرفض أي مشروع للتقسيم أو الإخضاع.
اختيار بلدة الجاهلية، بما تمثله من رمزية سياسية وشعبية، وفي هذا التوقيت الدقيق، لم يكن صدفة، بل كان إعلانًا أن صوت الجبل سيبقى عاليًا في لحظة إقليمية معقدة، حيث تتقاطع مشاريع الهيمنة مع محاولات إشعال الفتنة. ومن الجاهلية ارتفع النداء: السويداء تنادي… والجبل يلبّي… والكرامة لا تُجزّأ. وفي رسالة إنذار أخيرة، جاء الموقف صريحًا: من يظن أن السويداء ستُركع، أو أن إرادة الجبل ستنكسر، واهم. فهنا رجال لا يبيعون الكرامة، وهنا أرض لا تقبل الضيم، وهنا دم واحد يسيل إذا لزم دفاعًا عن الحق. كل يد تمتد على السويداء ستجد الجبل بأكمله في وجهها، وكل من يراهن على تعبها سيكتشف أن صبرها قوة، وأن وحدتها سيف لا يُكسر.